fbpx
بناء الجمهورية الثانيةتقاريرسلايدر

قوانين الإعلام ..” السلطة الرابعة ” وتشريعاتها بين هدم الشعوب وإحياء العقول

كتب: مدحت سليمان

تدقيق لغوي: د. منال فرحات

 

من البديهي أن الإعلام يقدم الأخبار الدقيقة الصادقة للناس، والحقائق التي تساعدهم على إدراك ما يجري حولهم، لتكوين الآراء الصائبة في كل ما يهم الوطن والمواطن، وحتى لا يُترَك الأمر لأعداء الوطن الذين يسعون لخلق أزمة ثقة بين المواطن، ودولته، أو حكومته، أزمة تعايش بين المواطن والمواطن”كصنع عداء مصطنع بين طائفتين؛ بهدف إشعال الوضع، وتأجيج الفتن، أو أزمة تصدير الطاقة السلبية بإطلاق شائعات، وأخبار لا أساس لها، وقد كان هذا الأمر  مدعاة عناية بالغة من الرئيس السيسي في رسائله التي يوجهها للإعلام, وكيفية تنقيحه، وتطويره بما يضمن أعلامًا محايدًا ينقل الحقيقة، الحقيقة فقط دون تضليل، أو تزييف، أو تهويل.

 

وقبل أن نشرح بالتفصيل موضوع “الوعي الإعلامي”، وأهميته سنذكر أولًا حادثًا جديدًا في العلاقات الخليجية  اللبنانية، أدت فيه الكلمة إلي قطع العلاقات بين البلدين، والهدف من طرح هذا الموضوع في مقدمة التقرير هو تأكيد فكرة أن كلمةً قد تقطع علاقات بين الشعوب، وقد تدمر أوطانًا،فالشعب اللبناني يعيش الآن أسوأ فترة؛ حيث يعاني د من تناقص في الأغذية،والكهرباء،والبنزين.

ويعاني الاقتصاد من شلل فظيع، وانهيار وشيك، وفي ظل هذه ال أحداث المريرة التي يعاني منها الشعب اللبناني،تأتي كلمة الإعلامي”جورج قرداحي “، التي تحدث عن الحرب في اليمن، واتهم فيها السعودية والإمارات بالتدخل في اليمن؛ فسارعت الدولتان بإعلان قطع العلاقات مع لبنان وسحب السفراء  في وقت يئن فيه المواطن اللبناني تحت خط الفقر، والجوع، ونقص كل الإمدادات، والمستلزمات المعيشية.

 

محاولات الرئيس لإصلاح الإعلام:

تحدث الرئيس في كل المؤتمرات وحتى الخطب السياسية، عن الإعلام وضرورة إصلاحه، وإيجاد ميثاق شرف إعلامي يستطيع أن يصل بالحقيقة إلى المواطن، وقد صرح الرئيس السيسي بتلك التصريحات في عدة مناسبات مختلفة:

 

مش بلاقي حد في الإعلام بيتكلم على التحديات اللي بتواجهها الدولة، مش عاوز أقول كلمة صعبة.. مهم يبقى وجود فهم حقيقي للتحديات

 

إن هناك أولويات للدولة تجاه مختلف القضايا، ويأتي الإعلام والثقافة والفنون، في مقدمة هذه الأولويات

 

أن من يعمل بمجال الإعلام لابد أن يتحرى الصدق؛ من خلال القراءة؛ والتوسع في تفاصيلها، إن الإعلامي المخلص لرسالته له أجر كبير عند الله، و إن الوعي هو قضية القضايا للمجتمع

 

وأصدر الرئيس في 2017، أمرًا بتشكيل “المجلس الأعلي للإعلام “والذي أخذ على عاتقه مهمة التصدي لفوضى الشاشات؛حيث أصدر المجلس عشرات القرارات بإيقاف إعلاميين، ومنعهم من الظهور، وإيقاف برامج مُخالفة، وتوقيع عقوبات مالية على وسائل إعلام بسبب مخالفات ارتكبتها، وذلك وفقًا للائحة الجزاءات التي أصدرها المجلس.

ويذكر أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، قرر من قبل إحالة بعض المواقع والصحف إلى تحقيقات عاجلة؛  بسبب الإسراف في نشر القضايا الأخلاقية التي تسيء للمجتمع، والأسرة ومن تناولهم، دون سند من القانون أو تحقيقات النيابة العامة

 

 

الحرية الإعلامية، ومدى حدودها:

على الرغم من أن هنالك توجهًا عالميًا اليوم، وخصوصًا في الدول الأوروبية لاعتماد مبدأ الحرية المطلقة للصحافة، وعلي الرغم من الاعتراض المتكرر للدول الغربية علي بعض القوانين، والممارسات التي تحد من حرية الصحافة والإعلام؛ إلا أننا نجد أن واقع تنفيذ مبدأ حرية الصحافة المطلقة أمرًا بالغ الصعوبة، حتي في الدول التي تنادي بتطبيق هذه الحرية المطلقة , فمثلا شاهدنا حسابات الرئيس الأمريكي السابق “دونالد ترامب” يتم إغلاقها علي شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، وتمنعه من إبداء رأيه في بعض المسائل المتعلقة بالسباق الانتخابي السابق بينه، وبين الرئيس الحالي “جو بايدن”، وفي الوقت الذي كان يتحدث فيه الرئيس الفرنسي عن حقوق الإنسان، وحرية الصحافة والإعلام أثناء زيارته للقاهرة، نجد علي الجانب الآخر, تظاهُر الآلاف في فرنسا؛ احتجاجا على قانون أمني مزمع، رأوا نه “يضع قيودا على حرية الصحافة؛ لما ينص عليه مشروع القانون من فرض عقوبات علي من يقوم بنشر صور لقوات الأمن الفرنسي من الصحفيين , وفي أمريكا نجد أنه في أاثناء مظاهرات الكابيتول”- في فترة الانتخابات الرئاسية السابقة بين دونالد ترامب وجو بايدن- كان هناك أكثر من 400 شخص موقوف في محيط مبني الكابيتول؛ طبقًا لما أفادت به شرطة ” الكابيتول”، وكان من ضمنهم صحفيين ومراسلي أخبار”.

 

علي الجانب الآخر، كان رد الرئيس السيسي علي ما نادت به بعض البلدان الغربية من ضرورة تحقيق كامل للحريات، وحقوق الإنسان وغيرها أجاب الرئيس ردًا علي هذه المطالب، بأن حق الإنسان في المأكل والمشرب، وحقه في حياة كريمة وفي بناء مدن جديدة أدمية تليق بالمواطن، هي أيضا حق من حقوق الإنسان الأولى بالعناية، والرعاية.

من هنا سنجد أن مبدأ (الحريات) هو مبدأ مطاط .. فما يصلح تطبيقه في بريطانيا قد لايكون مناسبًا لدولةٍ مثل الصومال، وما يتم تطبيقه في فرنسا قد لايكون مناسبًا لدولةٍ مثل الصين.

وإذا كان هدف الصحافة هو مكافحة الفساد من خلال التطرق إليه، وإظهاره للعلن إلا أن هذا لا يعني أنه يمكن التعرض لكرامة الآخرين، وشرفهم وحقوقهم، وخصوصًا الاعتداء على الحياة الخاصة للأشخاص التي تشكل حقًا من حقوق الإنسان المنصوص عليها- دوليًا- وفي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ومن هنا يأتي دور القضاء في التدخل سواء- مسبقًا- عبر قضاء الأمور المستعجلة، واختصاصه العام لدرء الأضرار، والأخطار الداهمة التي يمكن توقع حدوثها، أو من خلال التدخل اللاحق للقضاء للتعويض عن الضرر الحاصل بسبب الصحافة ولإعادة التوازن بين الحقوق، وذلك عبر محكمة المطبوعات، وهو الأكثر شيوعًا.

 

 

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان :

تنص المادة 4 علي:

“الحرية تكمن في القدرة على عمل كل شيء لا يضر بالآخر”؛ لذلك فإنّ ممارسة حرية الإعلام والصحافة مقيدة بالتزامات ومسؤوليات محددة في القوانين، وهي:

– احترام حقوق الآخرين، وكرامتهم، وسمعتهم.

– احترام الأمن القومي، والسلام الأهلي، والنظام العام، والصحة العامة، والأخلاق العامة.

 

يُمنع علي الإعلام والصحافة نشر كل مايؤدي إلى:

  • الحرب

  • الكره الوطني، والقومي.

  • العنصرية، والطائفية.

  • كل أنواع التمييز العرقي، والمذهبي.

  • كل ما يدعو إلى استخدام العنف، والعدائية (هذا يدخل ضمن حماية النظام العام الدولي؛ حيث يعد كل ما يشكل مظهر عنف مخالفًا للنظام العام، ويمنع نشره)

من هنا نجد التداخل بين مبدأين أساسيين؛  هما الحرية الإعلامية وحماية حقوق الآخرين وكرامتهم وخصوصًا الحياة الخاصة، وتقاطع بين السلطة الثالثة، وهي السلطة القضائية والسلطة التي توصف اليوم بالسلطة الرابعة وهي الصحافة والإعلام.

 

لذا فهناك موجة عامة من عقلاء الإعلام، وقوة شعبية تبحث عن إيجاد الحلول المناسبة لإرساء إعلام يبني ولا يهدم يصنع الأمل ولا يمحوه إعلام يزيد الوعي ويمنح الثقة ويصلح العقول.

” أعطني إعلامًا صالحًا؛ أعطيك شعبًا واعيًا “

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى