fbpx
أخبار العالمأخبار محليةسلايدر

وثائق “باندورا”تفضح ما سترته شركات الـ”أوفشور”

كتبت-نهال مجدي

كشف تحقيق نشره الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين عما يعرف إعلامياً الأن بإسم “وثائق بندورا”، والتي تعد هى التسريبات الأحدث في سلسلة من التسريبات على مدى السنوات السبع الماضية، بعد ملفات فنسين، ووثائق بارادايس، ووثائق بنما ولوكس ليكس.
وأشترك فى هذا التحقيق أيضاً برنامج بانوراما في “بي بي سي”، وبي بي سي عربي، و صحيفة الجارديان البريطانية والشركاء الإعلاميين الآخرين، وتمكنوا من الوصول إلى 12 مليون وثيقة من 14 شركة خدمات مالية في دول من بينها جزر العذراء البريطانية، وبنما ودولة بليز وقبرص والإمارات العربية المتحدة وسنغافورة وسويسرا.
وساهم فى هذا التحقيق الإستقصائي حوالىى 600 صحفي من 117 دولة حول العالم، حصلوا على حوالى 11,9 مليون وثيقة مصدرها 14 شركة للخدمات المالية، وسلط الضوء على أكثر من 29 ألف شركة “أوفشور”.
ويقول فيرجوس شيل، عضو الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين “أن هذا الكشف هو الأهم والأكبر على الإطلاق، ويظهر حقيقة ما يمكن أن تقوم به الشركات التي تتخذ من الملاذات الضريبية مقرا لها، لمساعدة أناس على إخفاء الأموال المشبوهة أو تجنب الضرائب”.
تحتوي هذه الوثائق على الثروات والمعاملات السرية لقادة عالميين وسياسيين ومليارديرات، في واحدة من أكبر تسريبات الوثائق المالية.
ويأتي مصدر هذه الوثائق من ملفات الشركات التي تتخذ من الملاذات الضريبية مقراً لها، ويظهر فيها أسماء حوالي 35 من القادة الحاليين والسابقين، وأكثر من 300 مسؤول حكوميا.
وكشفت تلك الوثائق أن ملك الأردن عبد الله الثاني أسس ما لا يقل عن ثلاثين شركة أوفشور في بلدان أو مناطق تعتمد نظاما ضريبيا متساهلا، ومن خلالها اشترى 14 عقاراً فخماً في الولايات المتحدة بريطانيا بقيمة تزيد عن 106 ملايين دولار. وتشمل القائمة ثلاثة منازل مطلة على المحيط في ماليبو بولاية كاليفورنيا الأمريكية بقيمة 50 مليون جنيه إسترليني، وممتلكات في لندن وأسكوت ببريطانيا.
وردا على هذه الوثائق قال الديوان الملكي، في بيان إن هذه الوثائق احتوى بعضها على معلومات غير دقيقة وتم توظيف بعضها الآخر بشكل مغلوط، شوه الحقيقة وقدم مبالغات وتفسيرات لا صحة لها. وأوضح البيان تلك المعلومات ليست بأمر جديد أو مخفي، فالملك عبدالله يستخدم بعض هذه الشقق أثناء زياراته الرسمية ويلتقي الضيوف الرسميين فيها، كما يستخدم وأفراد أسرته البعض الآخر في الزيارات الخاصة، وأن التفاصيل المتعلقة بهذه الممتلكات معلومة للجهات المعنية. كما أعلن محامو المك ان تلك العقارات تم شراؤها بواسطة أموال شخصية.
وأضاف البيان أن عدم الإعلان عن العقارات الخاصة بالملك يأتي من باب الخصوصية والتأمين، وليس من باب السرية، حيث أن هناك اعتبارات أمنية أساسية تحول دون الإعلان عن أماكن إقامة الملك وأفراد أسرته، خاصة في ضوء تنامي المخاطر الأمنية.
وأما فيما يتعلق بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فلم يرد إسمه بشكل واضح فى هذه الوثائق ,لكن صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية أوردت أنه يرتبط عبر شركاء بأصول في موناكو لا سيما دارة على الواجهة البحرية اشترتها امرأة روسية يقال إنها أنجبت طفل غير شرعي من بوتين.
كما أظهرت الوثائق أن مكتب المحاماة العائد للرئيس القبرصي نيكوس اناستاسياديس أخفى هوية مالك شركات أوفشور عدة وهو سياسي روسي سابق متهم باختلاس أموال. ونفى مكتب المحاماة هذه الاتهامات حسبما ذكرت “بي بي سي”.
وكشفت الوثائق أن رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس، الذي سيواجه انتخابات في وقت لاحق هذا الأسبوع، لم يعلن عن استخدام شركة استثمار تتخذ من ملاذ ضريبي مقرا لها، لشراء فيلاتين مقابل 12 مليون جنيه إسترليني في جنوب فرنسا.
وعلق بابيس في تغريدة “لم أقدم يوما على أي فعل غير قانوني. لكن هذا لا يمنعهم من محاولة التشهير بي والتأثير على الانتخابات التشريعية التشيكية” المقررة الجمعة والسبت.
بدوره أودع رئيس الإكوادور غييرمو لاسو أموالا في صندوقين مقرهما في ولاية داكوتا الجنوبية في الولايات المتحدة.
كما أظهرت وثائق أوردها التحقيق أن أفراداً من الدائرة المقربة من رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان المقربة، بينهم وزراء وعائلاتهم يملكون سرّاً شركات وصناديق تبلغ قيمتها ملايين الدولارات.
وفى المقابل وعد عمران خان في تغريدة على موقع تويتر بـ “اجراء تحقيق” حول كل الباكستانيين الواردة اسماؤهم في الوثائق وبـ “اتخاذ الإجراءات المناسبة” في حال ثبوت التهم عليهم.
لكن أحد أكبر الاكتشافات هو كيف أنشأ الأشخاص البارزون والأثرياء، حوالي 95 ألف شركة أوفشور ليشتروبشكل قانوني العقارات سرا في بريطانيا.
وفى نفس الوقت لم تقم الحكومة البريطانية بإعداد سجل لأصحاب العقارات من أصحاب الشركات الأوفشور، على الرغم من الوعود المتكررة للقيام بذلك، وسط مخاوف من أن بعض مشتري العقارات قد يخفون أنشطة غسيل الأموال. وتقول الحكومة إنها تتخذ إجراءات صارمة ضد غسيل الأموال بقوانين إنفاذ أكثر صرامة، وإنها ستقدم سجلا للشركات التي تتخذ من الملاذات الضريبية مقرا لها وتمتلك عقارات في بريطانيا، عندما يسمح الوقت البرلماني بذلك، بحسب بي بي سي.
ومن أهم هذه الشخصيات البارزة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف وعائلته، الذى توصل التحقيق أن عائلته وشركاءهم المقربين، متورطون سرا في صفقات عقارية في بريطانيا، تبلغ قيمتها أكثر من 400 مليون جنيه إسترليني. وتكشف الوثائق كيف اشترت الأسرة، 17 عقارا، بما في ذلك مبنى مكاتب بقيمة 33 مليون جنيه إسترليني في لندن، لابن الرئيس حيدر علييف البالغ من العمر 11 عاما.
وهذا الكشف يمثل إحراج كبير للحكومة البريطانية، حيث أن آل علييف قد حققوا ربحا قدره 31 مليون جنيه إسترليني، بعد بيع أحد ممتلكاتهم في لندن إلى كراون ستيت، وهي إمبراطورية الملكة العقارية التي تديرها وزارة الخزانة وتجمع من خلالها الأموال للأمة. ومع ذلك لا تنطوي العديد من المعاملات الواردة في الوثائق على مخالفات قانونية.
وأستطاع الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الربط بين أصول في شركات أوفشور و336 من القادة والمسؤولين السياسيين الكبار الذين انشؤوا حوالي ألف شركة، أكثر من ثلثيها في جزر فيرجين البريطانية.
وبالرغم من الهجمات المتكررة لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني على الملاذات الضريبية، اشترى بدوره مع زوجته مبنى في لندن بسعر 8,8 ملايين دولار في العام 2017 من خلال شراء الشركة التي تملكه ومقرها في جزر فيرجين البريطانية. وبموجب القانون البريطاني تجنبا من خلال ذلك دفع ضرائب تبلغ مئات آلاف الدولارات. وذكرت “بي بي سي” أن ما من مؤشر يثبت أن الزوجين بلير يخفيان جزءا من ثروتهما، فيما أكدت شيري بلير أنها وزوجها أخضعا العقار بعد ذلك للقانون البريطاني.
ومن بين الشخصيات العامة خارج عالم السياسية الواردة اسماؤهما في التحقيق الإستقصائي المغنية الكولومبية شاكيرا وعارضة الأزياء الألمانية كلوديا شيفر ونجم الكريكت الهندي ساشين تندولكار.
وأثار التحقيق قبل نشره مخاوف السلطات في بنما من أن تشملها مرة أخرى فضيحة الملاذات الضريبية، حسبما جاء في رسالة حكومية نقلتها وسائل الإعلام المحلية. وأفادت الحكومة البنمية في رسالة وجهتها إلى الاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية عن طريق مكتب محاماة بأنه “قد تكون الأضرار غير قابلة للإصلاح”، محذرة من أن “أي منشور” يعزز “التصور الخاطئ” للبلاد كملاذ ضريبي محتمل “سيكون له عواقب وخيمة على بنما وشعبها”.
وجدير بالذكر أن المركز الأمريكي للنزاهة العامة أنشأ في 1997 الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين الذي أصبح كيانا مستقلا في 2017. وتضم شبكة الاتحاد 280 صحافيا استقصائيا في أكثر من مئة دولة ومنطقة فضلا عن حوالي مئة وسيلة إعلام شريكة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى