مقالات

عمار ياسر يكتب: الاتزان النفسي والفهم الصحيح للدين والانفتاح على العلم

عندما نتحدث عن الاتزان النفسي، فإننا نشير إلى جوانب متعددة عندما تعمل معًا يتحقق الاتزان لدى الفرد، وحينها نقول إن هذا الشخص متزن نفسياً.

فكيف يحدث الاتزان؟ هل توجد علاقة بين الاتزان النفسي والفهم الصحيح للدين والانفتاح على العلم؟

وهل يختل الاتزان النفسي عندما يختل فهم الدين أو عند عدم مواكبة العلم؟ هل يؤثر الانفتاح العلمي على التوازن النفسي في ظل غياب الفهم الصحيح للدين؟

الثقافة المصرية أصبحت على موعد جديد مع مواكبة العلم والفهم الصحيح للدين، وتجلى ذلك من خلال حديث السيد رئيس الجمهورية في حفل تخرج الدفعة الثانية من أئمة وزارة الأوقاف والأزهر الشريف، بعد أن تلقوا الدراسة في الأكاديمية العسكرية المصرية.

ثمة علاقة وثيقة بين الاتزان النفسي والفهم الصحيح للدين والانفتاح على العلم؛ فهذا الترابط لا بد أن يسوده تجانس وتناغم شديد حتى يتحقق الاتزان. فعندما يحدث خلل نفسي في الشخصية، تتصدع وتصبح عرضة للإصابة بالكثير من الأمراض، وقد شهدت الشخصية المصرية في الآونة الأخيرة خللًا نفسيًا كبيرًا ناتجًا عن الفهم الخاطئ للدين ورفض مواكبة العلم.

فكيف تكون هناك شخصية متكاملة الأركان؟

إن الفهم الصحيح للدين يعني أن نفعل كل ما يساعد على هداية الناس، وتعمير الأرض، والحفاظ على الاستقرار والسلام. هذا هو جوهر الدين. ولا يمكن الوصول لتحقيق هذه المعادلة إلا من خلال فهم عميق للشخصية الإنسانية بكافة جوانبها، وليس كل شيء قائمًا على التخويف والترهيب، فهذا أسلوب خاطئ ينتج عنه شخصية تعاني من الهشاشة النفسية، لا شخصية متسلحة بالمعرفة والعلم.هكذا، عندما يتحد الدين والعلم معًا، يحدث الاتزان النفسي.

لقد علمتنا العلوم الإنسانية، وخاصة النفسية والسلوكية، كيف تعمل الشخصية، وهذا ما تم تدريسه للأئمة الجدد، حتى تتكون لديهم عقلية ذات اتزان نفسي، ومن خلالها يستطيعون إيصال رسائلهم التي تساعد على تحقيق معادلة التنمية والدين، وهي: هداية الناس، وتعمير الأرض، والحفاظ على الاستقرار والسلام. هذا هو جوهر الدين الحقيقي.عندما يتم مخاطبة الإنسان من داخله، يشعر أن الآخر يفهمه، بينما تؤدي النصائح والوعظ القائم على التخويف والترهيب إلى انغلاق الشخصية ورفض الأسلوب الذي تُخاطب به.

مقالات أخرى للكاتب عمار يارسر

عمار ياسر يكتب: الدعم النفسي وعلاقته بالوقاية والعلاج من السرطان
عمار ياسر يكتب: الأصالة والقيم في مواجهة حروب الجيل الرابع والخامس

عمار ياسر يكتب: الأصالة والقيم في مواجهة حروب الجيل الرابع والخامس

كما تحدث الرئيس أيضًا عن أهمية المساجد واستخدامها في أنشطة تعليمية، وليس للصلاة فقط، فهذا من شأنه أن يحبب الأطفال في المساجد، ويُنشئ لديهم فكرًا مستنيرًا، ويعرفون أن الدين ليس فقط الصلاة، بل هو الفهم الصحيح للشخصية الإنسانية، حتى تستطيع أن تتعايش وتشعر بالاتزان النفسي.الدين سلوك، وليس وعظًا فقط. فما الفائدة من الوعظ إذا كان ما يُمارس بعيدًا كل البعد عمّا يُقال!.

السلوك الإنساني معقد للغاية، وحتى يتم فك هذا التعقيد، لا بد من توافر العقل العلمي النقدي التحليلي المتحلّي بنكهة روحانية. من هنا نستطيع تفسير الكثير من السلوكيات الإنسانية، ونستطيع معالجتها، فلا يمكن معالجة التعقيد دون الوصول إلى العمق الإنساني، ولا يمكن الوصول إلى العمق دون وضوح الرؤية. وتتضح الرؤية من خلال التفكير والتدبر والتأمل، فتصل الشخصية بعد ذلك إلى السلام النفسي، ويتحقق الاتزان، والفهم الصحيح للدين، والانفتاح على العلم، فيتحقق السلام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى