fbpx
أخبار العالمتقارير

“جنون” أسعار النفط والغاز .. الطاقة البديلة هي الحل

كتب – شريف سمير :

 

العالم يئن بشدة .. بعد جائحة كورونا لم يعد الملايين من البشر يشكون من فراش المرض والجسد الهزيل .. وإنما الصراخ أيضا من شبح الطاقة ونفاد رصيد أكثر سلعة حيوية فى ممارساتنا اليومية .. وقد تكون الأرباح وراء ارتفاع أسعار الطاقة من نصيب الدول المُصدّرة لتحقيق أكثر من هدف سد عجز الموازنة، غير أن الدول المستوردة تتكبد الخسائر عند شراء الطاقة بكثافة فضلا عن نار غلاء السلع الأساسية كنتيجة منطقية لجنون بورصة النفط والغاز الطبيعى.

وبلغ ارتفاع أسعار الغاز الطبيعى إلى أكثر من ٣٠٠ ٪ منذ بداية ٢٠٢١، فيما ارتفع معدل سعر برميل النفط مؤخرا إلى أكثر من ٨٥ دولارا بعد أن كان بحدود ٤٥ فقط .. ومع تداعيات تسونامى كورونا، تسود توقعات بمزيد من الارتفاع وفقا لتقارير البنك الدولى الأخيرة التى تستبعد انحساره قبل عام ٢٠٢٣.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، تنبأت مؤشرات بارتفاع أسعار مصادر الطاقة التقليدية الرئيسية لضعف المخزون الاحتياطى الأوروبى من الغاز، واتهام شركة “غازبروم” الروسية بالتلكؤ والتسويف فى تزويد السوق الأوروبية بالغاز مرورا بزيادة الطلب عليه مع قدوم الشتاء، وانتهاء بتراجع الاستثمار فى هذالمجال تأثرا بجائحة “كوفيد – ١٩”.

وتركت الارتفاعات القياسية المتتالية بصماتها الحزينة تكاليف الإنتاج الصناعى والزراعى وقطاعات الخدمات والنقل، ولايقبل المنتجون من أباطرة الصناعة وفئة التجار تحمل الأعباء وحدهم، فيتجهون إلى المستهلك بزيادة مضاعفة فى الأسعار لسد العجز وتعويض الفاقد.
وبالأرقام .. بلغت نسبة ارتفاع أسعار بعض المنتجات الغذائية فى ألمانيا على سبيل المثال إلى ٤٠ ٪ خلال أقل من عام واحد .. وارتفعت أسعار الكثير من مواد البناء والمنتجات الحرفية والمفروشات بنسب زادت على ٦٠ ٪ .. وصولا إلى إهدار الكثير من البضائع فى السوق نتيجة انقطاع سلاسل التوريد وخطوط الإمداد وتضاعف أسعار النقل مرات عدة منذ اندلاع الجائحة.

ولم يواكب ذلك حتى الآن زيادة تُذكر في الأجور والرواتب، مع أن الدعم الحكومي للمتأثرين بجائحة كورونا في ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي خفف من وطأة ذلك عليهم.
وعربيا، تراجع أيضا دعم السلع الأساسية وارتفعت الأسعار بشكل أكثر من الدول المتقدمة، باستثناء سلع لاتزال تحظى بدعم حكومى كالخبز والأرز والسكر.

واستفادت دول الخليج والعراق والجزائر من منحنى الطاقة المخيف .. فقد عانت خلال السنوات الست الماضية من انخفاض أسعار النفط بشكل أفقدها نحو نصف عائداتها، وأدى إلى زيادة العجز فى موازناتها .. وقررت الاقتراض الخارجى أو التمويل بالعجز وإصدار السندات بشكل لم يحدث من قبل، ومع الارتفاع الأخير فى أسعار النفط والغاز، تتصاعد فوائض الدول العربية المصدرة لهما وعلى رأسها السعودية إلى ١٦٥ مليار دولار فى ٢٠٢١، ونحو ١٤٠ مليارا العام المقبل، حسب إحصائيات معهد التمويل الدولى.

 

وتتشابه هذه الحالة مع الوضع في مصر فيما يتعلق بالغاز الطبيعى، وارتفاع الطلب العالمي على الغاز  “الذهب الجديد”.
وتمكنت الجزائر من تصدير ٥٠ مليار متر مكعب من الغاز الطبيعى، وتوقفت مشروعات عديدة في مجالات البنية التحتية للطرق والإسكان وتمويل المشاريع الصغيرة، ومع الارتفاع الكبير في أسعار الغاز الطبيعي يتوقع زيادة الإيرادات من العملات الصعبة ولكن بشكل محدود لأن عقود بيع الغاز الجزائري هي في غالبيتها عقود طويلة الأجل وتم التوقيع عليها قبل طفرة الأسعار الأخيرة.
أما معسكر المتضررين، فتأتى تونس على رأسه لاعتمادها على استيراد الطاقة بشكل كبير، وينبغى توفير مليار دولار إضافى لتمويل الاقتصاد التونسى .. وينطبق الحال على المغرب الذى يرهن اقتصاده بنسبة تزيد على ٨٠٪ من مصادر الطاقة المستوردة.
ويقدر معهد التمويل الدولي أن مجمل التكاليف الإضافية الناجمة عن ارتفاع أسعار المشتقات النفطية والغاز في الدول العربية المستوردة قد تصل إلى نحو ٨ مليارات دولار .. خصوصا مع دول كالسودان والأردن ولبنان لاتملك مصادر تمويل محلية أو ذاتية فى قطاعات الطاقة والغاز، وتعيش على قطاع السياحة الذى أصابته هزات عنيفة من زلزال كورونا.

 

ويفتح تحدى النفط والغاز الطريق أمام التفكير عمليا فى الطاقة البديلة، وتجديد تقنياتها دون الاستمرار فى ضخ الأموال بأسواق المال والعقارات والسياحة .. وسط آمال بأن مثل هذه القطاعات المستقبلية يمكنها توليد ملايين الوظائف الجديدة والمساهمة بشكل فعال فى تقليص نسبة البطالة والسيطرة على تقلبات النفط والغاز بقدر الإمكان .. ولهذا يستنبط المرء الهدف من انخراط المغرب والأردن فى تجارب الطاقة الشمسية إلى أن نجح البلدان فى تنفيذ مشروعات هذا الاتجاه تغطى ٢٠ ٪ من استهلاك الطاقة الكهربائية فى السوق المحلية .. وتلك النسبة مبشرة ومحفزة لفرسان جدد فى سباق “الطاقة النظيفة”!.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى