fbpx
تقاريرسلايدر

الكشف بجنيه واحد .. والصحة تحث المواطنين للاعتناء بصحتهم النفسية

كتبت: ياسمين جويلي – أمل البني – مريم عماد

تدقيق: عبد العزيز السلاموني

 

الصحة النفسية جزء لا يتجزأ من الصحة العامة، فهي حالة من العافية يمكن للفرد من خلالها تكريس قدراته، والتكيف مع المجتمع، والانخراط في العلاقات الاجتماعية، فتعتبر الصحة النفسية أساس اكتمال الفرد، حيث نص دستور منظمة الصحة العالمية على أن “الصحة حالة من اكتمال السلامة بدنيًا وعقليًا واجتماعيًا، وليست مجرد انعدام المرض أو العجز”.

 

وفي حوار مع الدكتور جمال فريوز، استشاري الطب النفسي، أوضح أن الصحة النفسية هي الثبات الانفعالي، والاتزان، والرضا النفسي في المواقف الضاغطة، والأمور الحياتية الطبيعية، وأن الإنسان يكون ناضجًا نفسيًا عندما يتم تفاعله مع الأمور الحياتية بصورة سلسة بدون ضغوط، حيث إن النضوج النفسي يُحسِّن الأداء الوظيفي للفرد، ويُحسِّن العلاقات الاجتماعية.

دكتور جمال فرويز
دكتور جمال فرويز

ويرجع سبب الإصابة بالأمراض النفسية إلى مرض عضوي في المخ، يُصيب الإنسان نتيجة جينات وراثية، فنتيجة للضغوط التي يتعرض لها يُصاب بالاعتلال النفسي.
وأشار إلى أن السر وراء تمتع الإنسان بصحة نفسية جيدة وهدوء نفسي، يرجع إلى الرضا والقناعة بما قسمه الله له.

 

وقال إن أعراض المرض النفسي تظهر في اختلال الأداء الوظيفي للإنسان، كالاختلال في النوم، أو الأكل، أو الحركة، أو أفكار غريبة لا داعي لها مسيطرة عليه، إضافة إلى عدم قدرته على أداء عمله، أو وظيفته، وأضاف مسترسلًا، أن التكنولوجيا وما تعرضه وسائل التواصل الاجتماعي من محتوى، كانت سبب وراء الضغوط والأمراض النفسية لدى الكثير، كالتشاؤم، والحقد والاكتئاب.

 

وفي سياق متصل، أكد “فريوز” أن الدعم النفسي هو العلاج المعنوي للمريض، حيث يساعده على تجاوز المرحلة المرضية، وأن الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات اجتماعية وعاطفية جيدة، تكون نسبة شفائهم أكثر بكثير من غيرهم، وأن الالتزام بالعلاج، والمتابعة مع الطبيب النفسي المعالج بصورة دورية ومنتظمة، يُخفف كثيرًا من حدة المرض، كما أن معالجة المرض في مراحله الأولى -خاصة خلال الشهور الست الأولى- يساعد على تجاوز المرض، وسرعة الشفاء.

اعراض الامراض النفسية

وعبر تصريحات خاصة لـ”بوابة الجمهورية الثانية” من خلال سؤال عدد من المواطنين عن مفهومهم للصحة النفسية، قالت أمنية محمد “إنها اتزان الشخص في أفعاله وتصرفاته، وأن يكون قادرًا على تقبل الصدمات”، ومن جانبها، صرحت ندى عصام “أنها قدرة الإنسان على التأقلم مع البيئة المحيطة به، والإحساس بالسلام الداخلي” غير أن البعض رأى أنها شعور الإنسان بذاته، وتقديره لنفسه، والسعي إلى تطويرها. ورأى فؤاد آغا “أن الصحة النفسية هي ممارسة الحياة بهدوء وبشكل طبيعي، ويحدث ذلك من خلال القدرة على استقبال الدعم من الآخرين، لزيادة الإنتاجية والكفاءة، والقدرة على مواصلة الحياة.”
ورغم أن الإجابات قد تبدو -للوهلة الأولى- مختلفة، إلا أنها تصُبُّ في وعاء واحد، وهو أن الصحة النفسية أساس لحل المشكلات، والقدرة على مواصلة الحياة.

 

واختلفت الآراء حول المرض النفسي وأهميته بالنسبة للمرض الجسدي، فالبعض رأى أن المرض الجسدي أهم من المرض النفسي، أما الأغلبية فقد أجمعت على أهمية المرض النفسي بشكل كبير، حيث قالت أمينة ممدوح، أحد ممثلي الطاقم الطبي، “أن المرض النفسي من الممكن أن يؤدي لحدوث المرض الجسدي، فيؤثر بذلك على الإنسان وقدرته على مواصلة الحياة، غير أن المرض النفسي قد يستغرق مدة طويلة للشفاء منه، ولا يكترث الأشخاص لأعراضه مثل المرض الجسدي، وهو ما يُزيد العبء على الشخص المريض.”
وقالت ابتهال محمد إنه “لا يوجد مرض أهم من الآخر، فكلاهما مهم بالطريقة نفسها، غير أننا ليس لدينا الوعي الكافي للاهتمام بالمرض النفسي.”

 

وأكدت تصريحات المواطنين أن الجميع يعاني من الأمراض النفسية على اختلافها، فمنهم من يعاني من الاكتئاب الحاد، ومنهم من يعاني من الوسواس القهري، والتفكير الزائد عن الحد، والقلق بدون سبب واضح، وغيرها من الأمراض النفسية. غير أن البعض فقط من استطاع أن يدرك ذلك، أما الباقي فينُكر إصابته بأي مرض من الأمراض النفسية.
ورغم اختلاف الأسباب، إلا أن أعباء الحياة، والضغوطات المستمرة، كانت السبب الرئيسي لحدوث العديد من الأمراض النفسية.

واستطاع البعض التغلب على تلك الأمراض عن طريق ممارسة الرياضة، والتفكير الإيجابي، ومشاركة المشكلات مع الأشخاص الموثوقين بالنسبة لهم، وترتيب الأفكار، وقراءة القرآن، غير أن البعض لم يستطع أن يتغلب عليها، حيث قالت منة محمود “إن تلك الأشياء ما هي إلا حلول لإشغال أوقات الفراغ، ولا تساعد على حل المشكلة الأساسية.”

 

وجاءت أغلب التصريحات سلبية للسؤال عن اهتمام الدولة بالصحة النفسية، فقد قالت أمنية محمد “إن الدولة أحد الأسباب الرئيسية لانتشار المرض النفسي، ودليل ذلك أن معدلات الاكتئاب وصلت إلى نسبة ٦٠٪ خلال عام ٢٠٢٠”. وصرحت وسام إسماعيل أن “معاناة الإنسان تبدأ منذ استيقاظه، وحتى نهاية اليوم، سواء كان طالبًا أو عاملًا أو غير ذلك، فتستمر ضغوطات الحياة، والأعباء، وهو ما لا يقدر الجميع على تحمله.”
ومن جانبها، أكدت دنيا رجب أن”حالات الانتحار مع اختلاف أسبابها تزداد يومًا بعد يوم، ولو أن هناك توعية من قبل الدولة لما حدث ذلك.”
وعلى الصعيد الآخر، أكدت ياسمين محمود أن “هناك اهتمام من قبل الدولة بالصحة النفسية، وهو ما يظهر في بعض المستشفيات الحكومية، حيث تصل أسعار الجلسات النفسية بها إلى عشرين جنيهًا” مما يعكس قدرة الدولة المصرية على الاهتمام بصحة المواطن.


وعليه، فقد قامت “بوابة الجمهورية الثانية” بالاتصال على الخط الساخن، لمستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان.
حيث كان رقم “08008880700” غير موجود بالخدمة، بينما رقم “0220816831” كان صحيحًا، وتم الرد خلال ثوانٍ من قبل أحد العاملين بالخدمة، والذي بدأ بالسؤال عن سبب الاتصال، ومن ثم عن المرض النفسي الذي نعانيه، وهل هذا المرض يرجع سببه إلى الإدمان أم مجرد مرض نفسي فقط؟ وبعد الإجابة عن الأسئلة، قام بأخذ البيانات الشخصية، ومحل الإقامة للتبليغ بأقرب مشفى نفسي، وأكد ضرورة أخذ البطاقة الشخصية، وأن تكاليف الكشف جنيهًا واحدًا فقط لا غير، كما أن مواعيد العمل لدى هذا المشفى الموجه إليه، من التاسعة صباحًا وحتى الثانية عشر مساءً، إضافة إلى ذلك بعد الكشف على يد الطبيب النفسي المتخصص، يتم تحديد إذا كانت الحالة المرضية تستدعي الحجز بمشفى الأمراض النفسية أم لا على حسب حدة المرض.

 

وجدير بالذكر، أنه في اليوم العالمي للصحة النفسية، والموافق العاشر من أكتوبر، قامت وزارة الصحة والسكان بإطلاق حملة لتوعية المواطنين بأهمية الحفاظ على الصحة النفسية، والتي تستمر ثلاثين يومًا، يتم خلالها تنظيم ندوات توعية داخل مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية، ومراكز الشباب، والأندية الرياضية، وذلك للعمل على نشر ثقافة الاهتمام بالصحة النفسية، وهو ما يعكس قدرة الدولة المصرية على الحفاظ على الصحة النفسية للمواطن بشتى الطرق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى