fbpx
مقالات

دكتورة عالية شعيب تكتب لـ”الجمهورية الثانية”: “مصعد”

 

 

 

 

دكتورة عالية شعيب

 

المكان الذي أنت فيه يحرك مشاعرك ويشكل أفكارك ويساهم في تهذيب كيانك و انفعالاتك و ردود أفعالك.

المكان الضيق يشعرك بالضيق والاختناق ويجعلك تنفعل وتتوتر، والمكان الرحب يمنحك أجنحة وشعور الطير والتحليق عاليًا ويمدك بالثقة بالنفس وحب المغامرة.

الطريق الصاعد يدفعك للأمام والنازل يدفعك لأسفل..

بكل المعطيات والمنحنيات النفسية المتاحة والمصاحبة.

فما بالك لو كان هذا المكان ضيق محدود ومتحرك.

أحزن على من يأخذ الدرج ولا يحبذ ركوب المصعد لأي سبب.. من المؤسف كم يفوته من تجربة ركوب المصعد.

لي قصة مع المصاعد. في العمارات والمولات والجمعيات ومواقف السيارات..  فكل مصعد له حكاية وإحساس خاص.

أخاف المصاعد الضيقة الصغيرة جدا وخاصة التي تنزل بك لمواقف السيارات في عمق الأرض فكأنك في هوة لا يمكنك الخروج منها. وأحب تلك الواسعة وإن كان مصعد الشحن والبضائع متاح اختاره لسعته والراحة النفسية فيه.. يصير بلحظة دارك وبيتك وحديقتك ولو لثوان معدودات.

أحب مصاعد العمارات القديمة في الدقي والزمالك و وسط البلد كعمارة يعقوبيان.. خاصة تلك التي بباب خشبي يغلق عليك بعد الركوب.. وكأن المصعد يلف ذراعيه حولك ويخبرك أنك صديقه الحميم.

وأحب أكثر ركوب ناس معي و تأمل ردود الفعل وماذا يفعلون وكيف يفرض المصعد هيمنته عليهم ويحدثهم كل بلغته الخاصة

يااااه المصاعد..

تلك الأماكن السحرية الغريبة التي تضعك في مواجهة مع نفسك؛ كأنك ترى نفسك لأول مرة في انعكاس المرآة

كل أفكارك تتضح لك

كل مخاوفك تهجم عليك

كل أشباحك تنكشف لك..

أمور مدهشة معبرة مثيرة لافتة كاشفة تحدث في المصاعد.

فكم شربت بوح أنفاسنا وآهاتنا واحتفظت بأدق أسرارنا وخفقان نبضنا وشهدت لحظاتنا الحميمة ضحكنا وبكائنا المسروق.. حتى نصل لبر الأمان.

د. عالية شعيب.. أكاديمة وفنانة تشكيلية كويتية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى