
بالنظر إلى انتخابات مجلس النواب بمرحلتيها الأولى والثانية ومن قبلها انتخابات مجلس الشيوخ والتي لم يحدث بشأنها كل هذا الصخب والضجيج وقد يكون ذلك نظراً لطبيعة العضوية بمجلس الشيوخ والمهام الموكلة للمجلس نفسه مقارنة بمجلس النواب، نجد أنه من المتوقع أن تؤثر العملية الإنتخابية الحالية على الحياة السياسية علي المدي القريب أو المتوسط، فقد فتحت الانتخابات الحالية الباب على مصراعيه للحديث عن النظام الانتخابي الحالي وكذلك قانون تنظيم مباشرة الحياة السياسية وكذلك قانون تقسيم الدوائر الانتخابية وما بهم من ملاحظات كثيرة ظهرت جلياً في المشهد الانتخابي الحالي.
ومنها على سبيل المثال الحديث عن الانتخاب بنظام القائمة المغلقة والتي تشبه التعين ولكن بشكل مختلف و نظام القائمة النسبية، حيث يعطي نظام القائمة النسبية للناخب الفرصة في اختيار مرشح دون أخر كما أنها تسمح لتنافس أكبر بين الأحزاب حيث يتم تقليص عدد الدوائر الانتخابية ويختار الناخب قائمة حزبية تتضمن عددا من المرشحين عن دائرة واحدة والقائمة التي تحصل علي أغلبية الأصوات لا تحصل علي كافه المقاعد لهذه الدائرة وإنما عدد من المقاعد يتناسب مع نسبه ما تحصل عليه من أصوات، بخلاف القائمة المغلقة فهي قائمة ثابتة لا يمكن للناخب تغيير ترتيب المرشحين الذي تم اعتمادهم، وبالتالي فهي أقرب الشبه بالتعيين، كما يجب أن نسلط الضوء أيضاً على أن الأحزاب ستتجه إلي إعداد كوادر قوية على الأرض تتمتع بشعبية حقيقة وسط دوائرهم لكي يستطيعوا من خلالهم المنافسة على مقاعد المجلس سواء بالنظام الفردي أو بأي نظام أخر قد يتم إقراره لاحقا، وهذا ما أفتقدناه في عدد من المرشحين الحاليين فلم يكن لهم أي تواجد بدوائرهم ولم يسبق لهم تقديم أي خدمات على الأرض ولم يملكوا سوي دعم أحزابهم لهم
وأعتقد أن ذلك من شأنه الحد من تأثير المال السياسي، فسيرة المرشح وقوته على الأرض هي من ستفرض نفسها، كما سيؤدي المشهد الانتخابي الحالي إلي التركيز أيضاً على المرشحين المستقلين والذين لا ينتمون إلي أحزاب ولا يملكون من المال القدر الذي يمكنهم من شراء الأصوات، ومن ثم أفساح المجال لهم أيضاً فقد رأينا في بعض الدوائر مرشحين مستقلين أستطاعوا بدعاية بسيطة للغاية أن يجذبوا الناخبين حتي ولو لم يحصلوا على أغلبية الأصوات فهذا مؤشر جيد يشير إلي أن العملة الجيدة تستطيع أن تفرض نفسها حتي وإن تطلب ذلك بعضاً من الوقت والجهد.
وبالعودة إلي المشهد الحالي أري أنه علي الرغم من حالة الارتباك التي تسوده ولكن رب ضرة نافعة فقد تكون تلك هي بداية لتصحيح بعض الأمور التي من شأنها أن تعطي ثقة أكبر في الاستحقاقات الدستورية القادمة.



