“الساماريوم” كلمة السر في رفع ترامب القيود عن الرقائق الإلكترونية للصناعات العسكرية

متابعة: رحمه حمدى
في خطوة تُظهر تراجعًا واضحًا عن سياساته الحمائية المتشددة، رضخ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشروط الصين ووافق على رفع القيود عن صادرات برمجيات تصميم الرقائق والمنتجات التكنولوجية الحساسة، في مقابل تنازلات صينية تتعلق بتصدير معادن نادرة مثل الساماريوم، الذي يُعد عنصرًا حيويًا لصناعات الدفاع والطاقة المتقدمة.
جاء هذا القرار بعد أشهر من المواجهة التجارية التي هددت بتصعيد خطير بين أكبر اقتصادين في العالم، حيث فرضت الصين في أبريل الماضي قيودًا مشددة على تصدير المعادن النادرة، والتي تمثل سلاحًا استراتيجيًا بيد بكين نظرًا لسيطرتها على أكثر من 80% من الإمدادات العالمية. الرد الأمريكي كان عبر حزمة عقوبات استهدفت قطاع التكنولوجيا الصيني، لكن يبدو أن واشنطن اضطرت في النهاية إلى التراجع تحت وطأة الأضرار التي لحقت بشركاتها ومصالحها الاستراتيجية.
مصادر مطلعة لرويترز كشفت أن الإدارة الأمريكية وافقت على إلغاء القيود المفروضة على شركات مثل سينوبسيس وكادنس وسيمنز للعمل في السوق الصينية، بينما بدأت بكين في فتح باب تصدير محدود للساماريوم وغيره من المعادن الحرجة للصناعات العسكرية والتكنولوجية الأمريكية. هذا التبادل يُعتبر انتصارًا دبلوماسيًا للصين، التي نجحت في استغلال احتياجات واشنطن الملحة للمواد الخام لفرض شروطها.
كانت هذه القيود ضمن سلسلة إجراءات انتقامية اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ردًا على قرار الصين تعليق تصدير المعادن النادرة والمغناطيسات ذات الصلة في أبريل الماضي. وقد أثر قرار بكين، الذي جاء كرد فعل على الرسوم الجمركية الأمريكية السابقة، على سلاسل التوريد الخاصة بصناعات السيارات والطيران وأشباه الموصلات والمقاولين العسكريين، مما هدد بتعطيل الاتفاقيات التجارية الثنائية.
اتفاق إطاري لتبادل التنازلات
أكدت وزارة التجارة الصينية، يوم الجمعة، أن الجانبين توصلا إلى إطار عمل خلال المحادثات الأخيرة، تقوم بموجبه الصين بمراجعة طلبات تصدير المواد الخاضعة للرقابة، بينما تلغي الولايات المتحدة الإجراءات المقيدة المقابلة. ومن المتوقع أن يؤدي التزام الطرفين بهذا الاتفاق إلى رفع المزيد من القيود، والعودة إلى الوضع الطبيعي الذي كان سائدًا قبل فبراير/مارس الماضي، وفقًا لمصدر مطلع طلب عدم الكشف عن هويته.
استئناف العمليات التجارية
أعلنت شركة سيمنز استئناف مبيعاتها ودعمها للعملاء الصينيين بعد إخطار وزارة التجارة الأمريكية بإلغاء القيود المفروضة على صادراتها، مما أدى إلى ارتفاع أسهمها بنسبة 1.7% عند افتتاح السوق يوم الخميس. ومن المتوقع أن تُكمل شركة سينوبسيس تحديثاتها التقنية لاستعادة وصول العملاء الصينيين في غضون ثلاثة أيام عمل، وفقًا لخطاب داخلي اطّلعت عليه رويترز.
يُذكر أن القيود المفروضة سابقًا على وصول الصين إلى برمجيات EDA كانت ستُعيق بشكل كبير صناعة تصميم الرقائق في البلاد، خاصةً أن شركات سينوبسيس وكادنس وسيمنز تسيطر على أكثر من 70% من هذا السوق في الصين، وفقًا لوكالة أنباء شينخوا الرسمية.
إجراءات أخرى لم تُرفع بعد
لم يتضح بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة ستُخفف القيود الأخرى المفروضة على الصين، مثل تعليق تراخيص شركة جنرال إلكتريك للطيران لتصدير محركات الطائرات النفاثة إلى طائرات C919 التابعة لشركة كوماك الصينية، أو القيود المفروضة على بيع المعدات النووية الأمريكية لمحطات الطاقة الصينية.
خبراء اقتصاديون يرون أن هذه الخطوة تكشف عن هشاشة الموقف التفاوضي الأمريكي، خاصة بعد أن أظهرت البيانات الأخيرة تراجعًا في أداء قطاع أشباه الموصلات الأمريكي بسبب الحظر على الصين. كما أن القرار يُثير تساؤلات حول مدى قدرة ترامب على الاستمرار في سياساته المتشددة تجاه بكين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية، وسط تحذيرات من أن أي تراجع في إمدادات المعادن النادرة قد يُعطل سلاسل التوريد لشركات مثل لوكهيد مارتن وتسلا وآبل
في الوقت نفسه، لا تزال أسئلة عالقة حول مصير القيود الأخرى المفروضة على الصين، خاصة تلك المتعلقة بصادرات المعدات النووية ومحركات الطائرات، مما يُشير إلى أن هذه الاتفاقية قد تكون مجرد هدنة مؤقتة في حرب تجارية أوسع لم تُحسم بعد.