تقاريرسلايدر

يسرائيل هيوم: علينا الاستعداد للحرب.. مصر خطابها الدبلوماسي مطمئن وممارساتها الأمنية في سيناء معادية

 متابعة: رحمه حمدى

بشكل رسمي، تربط مصر وإسرائيل علاقة سلام بموجب اتفاقية معترف بها دوليًا، لكن على أرض الواقع، تتصرف مصر، بشكل يشبه الخصم أكثر من الشريك. ويتساءل الإسرائيليون عن أسباب استمرار مصر في الحفاظ على جيش ضخم ومتطور، وعن سبب اعتبار إسرائيل التهديد الرئيسي في سيناريوهاتها الدفاعية، كما يستفسرون عن الدوافع وراء التوسع في إنشاء الأنفاق وتطوير المدرجات في سيناء، وعن سبب نشر قوات عسكرية هناك دون التنسيق مع إسرائيل وبما قد يخالف روح اتفاقية السلام.

وفي تقريرها، أبدت صحيفة “إسرائيل هيوم” قلقًا عميقًا من التناقض الصارخ بين الخطاب الرسمي المصري المطمئن على المستوى الدبلوماسي، وبين الممارسات الفعلية على الأرض، والتي تُعتبر من وجهة النظر الإسرائيلية معادية وعدائية. ويعبر المحللون والإسرائيليون بشكل عام عن هواجس حقيقية من أن مصر، التي يفترض أنها شريك سلام، تتصرف في الخفاء كخصم يستعد لمواجهة محتملة، مما يغذي شعورًا عامًا بعدم الثقة ويرفع منسوب التخوف من النوايا الحقيقية للجارة الجنوبية. هذا التناقض بين ما تُعلنه مصر للمجتمع الدولي وبين ما تقوم به عمليًا في سيناء وعلى الساحة السياسية يُعد في التقدير الإسرائيلي مؤشرًا خطيرًا على أن السلام بين البلدين هو سلام “بارد” ومهدد بشكل دائم.

صرحت “يسرائيل هيوم” أنه لا توجد إجابات واضحة أو مُقنعة من الجانب المصري على هذه التساؤلات، خاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر. وفي هذا السياق، تبرز تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي السابق، هرتسي هليفي، الذي أشار إلى أن مصر تمتلك جيشًا كبيرًا ومزودًا بأسلحة متطورة، بما في ذلك الطائرات والغواصات وعدد هائل من الدبابات وقوات المشاة. ورغم أن التقديرات الحالية لا تعتبر هذا الجيش تهديدًا مباشرًا، إلا أنه قادر على التحول إلى تهديد حقيقي في أي لحظة.

على الصعيد السياسي، تتحدى مصر إسرائيل بشكل متكرر، وهو ما يفسر – من بين أسباب أخرى – رفضها استقبال سكان قطاع غزة، حتى لو بشكل مؤقت، أو تخصيص أراضي في سيناء لإيواء النازحين. فمصر لا ترغب في وجود كتلة سكانية غاضبة على أراضيها، كما أن استمرار الصراع بين الفلسطينيين وإسرائيل يخدم – من وجهة نظر الرئيس عبد الفتاح السيسي – هدفين في الوقت نفسه.

إلى ذلك، تتجلى الكراهية تجاه إسرائيل بين النخب المصرية والشرائح الشعبية، كما تظهر بوضوح على منصات التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المصرية. بالإضافة إلى ذلك، تواصل مصر وضع العراقيل أمام إسرائيل في المحافل الدولية. كل هذه العوامل تجعل العلاقة بين البلدين أقرب إلى حرب باردة منها إلى سلام بارد.

المفارقة الكبرى هنا هي أن إسرائيل تمتلك أدوات ضغط قوية يمكنها استخدامها لردع مصر ووضع حدود للتصعيد. أول هذه الأدوات هي العلاقة الوطيدة مع الولايات المتحدة؛ فقد ساعدت إسرائيل مصر مرارًا في أروقة واشنطن على مر السنين، ومن الممكن الآن عكس هذا الاتجاه وجذب انتباه الكونغرس الأمريكي إلى التصرفات المصرية.

ثانيًا، هناك ملف الغاز؛ فمصر اعتمدت لسنوات على الغاز الإسرائيلي لتلبية احتياجاتها المحلية. بدون هذا الغاز، ستواجه البلاد انقطاعات واسعة في الكهرباء، كما أن الاقتصاد المصري، الذي يستفيد من شراء الغاز من إسرائيل وإعادة بيعه إلى أوروبا، سيفقد مصدر دخل مهم إذا أوقفت إسرائيل الإمدادات.

أصبح هذا الخيار أكثر واقعية بعد الصفقة العملاقة التي أُعلن عنها هذا الأسبوع، والتي بموجبها ستشتري مصر 130 مليار متر مكعب من الغاز من حقل لفياثان خلال السنوات الأربع عشرة المقبلة، بقيمة إجمالية تصل إلى 35 مليار دولار.

صاحب الصلاحية في المصادقة على هذه الصفقة هو وزير الطاقة والبنية التحتية الإسرائيلي، إيلي كوهين. وبصفته وزير خارجية سابقًا، وكمُتخذ قرار يتمتع برؤية إقليمية واقعية، يدرك كوهين القيمة السياسية الهائلة لهذه الاتفاقية. ولن يتخذ القرار بمفرده، بل بالتشاور مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. لكن من الواضح أن لديهما أداة ضغط قوية، والسؤال المطروح الآن هو whether كانا سيستخدمانها.

لقد حان الوقت لأن توضح إسرائيل لمصر أنها لم تعد مستعدة للاستمرار في حالة الاستغلال هذه. أحد أكثر الاحتياجات إلحاحًا لإسرائيل حالياً هو فتح ممر آمن لإخراج سكان غزة، ويبدو أن الوقت مناسب لأن تتصرف إسرائيل كدولة ناضجة وتستخدم أدوات الضغط الاقتصادية والطاقوية المتاحة لدفع مصالحها الوطنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى