وزارة الأمن الداخلي الأمريكي: صلّوا بلا انقطاع

أثار منشور مقتضب نشرته وزارة الأمن الداخلي الأمريكية (DHS) عبر حسابها الرسمي على منصة X (تويتر سابقًا) جدلًا واسعًا، بعد أن كتبت الوزارة عقب حادث إطلاق النار الجماعي في كنيسة بمدينة مينيابوليس عبارة من الكتاب المقدس تقول:
“صلّوا بلا انقطاع.”
المنشور، الذي جاء بعد ساعات من المأساة، أثار موجة من الانتقادات السياسية والإعلامية والدينية، وسط جدل حول خلط الدين بالسياسة واستخدام الخطاب الديني من مؤسسة أمنية رسمية في دولة تُشدّد على الفصل بين الدين والدولة.
انتقادات سياسية
عمدة مينيابوليس، جاكوب فري، هاجم التغريدة قائلًا: “لا يكفي أن نقول إن الأمر يتعلق بالدعاء والأمنيات الآن… فهؤلاء الأطفال كانوا أصلًا يصلّون عندما وقع الهجوم.”
أما السيناتورة آمي كلوبوشار فصرّحت: “الاكتفاء بالدعاء لم يعد كافيًا. نحن بحاجة إلى أفعال وخطوات ملموسة.”
الإعلامية الأمريكية جين بسكي عبرت عن غضبها بقولها: “الصلاة وحدها ليست كافية. الدعاء لا يوقف حوادث إطلاق النار في المدارس… لقد مللنا من عبارة ’الأفكار والدعوات‘.”
اعتراضات دينية
الانتقادات لم تقتصر على السياسيين، بل جاءت أيضًا من قيادات دينية وجماعات مسيحية بارزة.
جوثري جريفز-فيتزسيمونز، الناشط في تحالف الأديان (Interfaith Alliance)، وصف ما قامت به الوزارة بأنه “استغلال مسيء ومحرّف للنصوص الدينية”، بل واعتبره “اعترافًا بفشل أخلاقي.”
كما علّق بعض المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي بحدة، وكتب أحدهم: “لست متدينًا على الإطلاق، لكن استخدام الكتاب المقدس في منشورات حكومية بهذا الشكل يُعد تجديفًا.”
مقالات رأي في مواقع دينية وصحفية مثل Word & Way اعتبرت ما نشرته الوزارة “إساءة فجة للإيمان المسيحي”، وربطت الأمر بتنامي ما يُعرف بـ”القومية المسيحية السياسية”، أي توظيف الدين في تعزيز سرديات سياسية ضيقة.
مواقع أخرى أشارت إلى أن استخدام الرموز الدينية والوطنية في منشورات رسمية (مثل الدعوات للانضمام إلى جهاز الهجرة أو استحضار صور “التقدم الأمريكي”) يمثل محاولة لاستمالة الجمهور عاطفيًا وتوجيهه نحو مواقف متشددة ضد المهاجرين والتنوع الثقافي.
المنشور البسيط الذي حمل عبارة دينية قصيرة تحول إلى جدل وطني في الولايات المتحدة.
بينما رآه البعض محاولة للتضامن مع الضحايا، اعتبره آخرون مؤشرًا على خلط خطير بين الدين والدولة، واستغلالًا للنصوص المقدسة في غير موضعها.
وبينما تتواصل تداعيات حادث إطلاق النار في مينيابوليس، يبقى الجدل قائمًا حول حدود الخطاب الرسمي: هل يحق لمؤسسة أمنية أن تستشهد بالكتاب المقدس؟ أم أن مثل هذه الخطوات تُضعف ثقة الرأي العام وتزيد الانقسام الداخلي؟