Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقارير

هل ينقذ “قيصر” .. الاقتصاد السوري من الهاوية

خلال مشاركة الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع في مؤتمر استثماري بالرياض، أعلن عن جذب سوريا لاستثمارات تقدر قيمتها بـ 28 مليار دولار. وتحدث في لقاء آخر مع المنظمات السورية بواشنطن، عن أن العقوبات الدولية المفروضة على بلاده في مراحلها الأخيرة، معتبراً أن الفرصة المتاحة أمام سوريا حالياً هي فرصة نادرة يتوجب استثمارها بشكل جيد. من جهته، أكد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، أيضاً من واشنطن، أن عام 2026 سيشكل عام التنمية، متوقعاً أن تكون البلاد قد تخلصت من عبء العقوبات بحلول ذلك التاريخ.

ويؤكد العديد من المتابعين للشأن السوري أن أهم الاستثمارات المتوقعة لم تعلن بعد، وأن إلغاء ما يعرف بقانون قيصر سيشكل نقطة تحول جوهرية في تدفق الاستثمارات الدولية والإقليمية نحو سوريا. ومع ذلك، فإن الرقم الذي أعلن، والبالغ 28 مليار دولار، يمثل فرصة حقيقية للبدء في عمليات إعادة الإعمار ونهوض قطاع البنى التحتية، الذي يُعتبر حجر الأساس لأي نمو اقتصادي مستقبلي.

ما هو قانون قيصر

قانون قيصر هو تشريع أمريكي صدر في ديسمبر 2019 تحت الاسم الرسمي “قانون حماية المدنيين في سوريا”. سمي باسم “قيصر”، وهو الاسم الحركي لجندي سابق في الجيش السوري قدم آلاف الصور التي توثق انتهاكات مزعومة في سجون النظام السوري

أهداف القانون المعلنة:

· معاقبة النظام السوري وحلفائه على الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان خلال النزاع، وخاصة تلك الموثقة في صور “قيصر”.

· استخدام العقوبات الاقتصادية كرافعة لإجبار النظام السوري على العودة إلى طاولة المفاوضات تحت مظلة عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة (عملية جنيف).

· حرمان النظام السوري من الموارد اللازمة لإعادة الإعمار ما لم يتم التوصل إلى حل سياسي شامل.

يُعرف قانون قيصر بشموليته وصلابته، حيث يفرض عقوبات ثانوية (على كيانات من خارج سوريا والولايات المتحدة) تشمل:

1. تجميد الأصول: تجميد أي أصول في الولايات المتحدة أو تحت سيطرة أشخاص أمريكيين تابعة للحكومة السورية أو حلفائها.

2. منع دخول الولايات المتحدة: منع دخول الأفراد والمسؤولين المتورطين وفقاً لبنود القانون.

3. عقوبات على الشركاء والمانحين: فرض عقوبات على أي كيانات أو أفراد، بغض النظر عن جنسيتهم، يقدمون دعمًا ماليًا أو ماديًا أو تقنيًا كبيرًا للحكومة السورية، أو يستثمرون في مشاريع إعادة إعمار معينة، أو يتعاملون مع كيانات سورية محددة (مثل البنك المركزي السوري).

4. عقوبات على قطاعات حيوية: استهداف قطاعات الطاقة والطيران والإنشاءات في سوريا.

الخسائر في سوريا حسب البنك الدولي

في تقرير حديث للبنك الدولي حول سوريا، تم تقدير حجم الأضرار المادية المباشرة التي لحقت بالبنية التحتية والمباني السكنية وغير السكنية بنحو 108 مليار دولار. يشمل هذا الرقم 52 مليار دولار كلفة الأضرار التي أصابت البنية التحتية وحدها.

وأشار التقرير، وفق أفضل التقديرات المتحفظة، إلى أن سوريا تحتاج إلى 216 مليار دولار لإعادة الإعمار. تتوزع هذه الكلفة على قطاعات عدة، منها 75 مليار دولار للمباني السكنية، 59 مليار دولار للمنشآت غير السكنية، و82 مليار دولار للبنية التحتية.

ووفقاً للتقرير ذاته، فإن التكلفة التقديرية لإعادة الإعمار تعادل حوالي عشرة أضعاف إجمالي الناتج المحلي المتوقع لسوريا في عام 2024. كما تتراوح تكلفة إعادة إعمار الأصول المادية المتضررة بين 140  و345 مليار دولار، وهو ما يسلط الضوء على حجم التحدي الهائل والحاجة الملحة للدعم الدولي.

توجهات نحو إلغاء القانون

أشار المختصون إلى أن إعلان إلغاء قانون قيصر لن يفتح الطريق أمام تنفيذ الاستثمارات المعلنة فحسب، بل سيشهد تدفقاً كبيراً وغير متوقع لموجات استثمارية جديدة، قد يحمل بعضها طابعاً دولياً. كما أكدوا على أهمية استثمار الموقع الجغرافي والتجاري المتميز الذي تتمتع به سوريا في الوقت الراهن، وتوقعت مصادر أخرى تحدثت لاندبندنت عربية أن التطورات السياسية المتسارعة، والتي قد تؤدي إلى إلغاء قانون قيصر خاصة بعد إزالة اسم الرئيس السوري ووزير داخليته من قوائم الإرهاب، قد تجعل سوريا مقبلة على مرحلة بناء كبيرة. وقد لا تمثل الاستثمارات المعلنة سوى مقدمة لعشرات المليارات الإضافية، إن لم تكن مئات المليارات، التي يمكن أن تتجه نحو سوريا.

قانون قيصر هو أداة ضغط سياسية واقتصادية صارمة وطويلة الأمد. الحديث عن إلغائه لا يرتبط بجدول زمني، بل بتحقيق شروط سياسية تبدو بعيدة المنال في المدى المنظور في ظل الجمود الحاصل في المسار السياسي والواقع على الأرض. أي تطور في هذا الملف مرهون بتغيرات كبرى في الموقف السياسي الدولي أو الداخلي السوري أو الأمريكي، لكن حتى الآن لا يوجد تاريخ محدد أو مضمون لإلغاء قانون قيصر. إلغاؤه مرتبط بشروط سياسية صارمة ومتغيرة وفقًا للرؤية الأمريكية، وأبرزها:

1. تغيير جوهري في سلوك النظام السوري: تحقيق تقدم ملموس في ملف حقوق الإنسان، مثل الإفراج عن المعتقلين السياسيين وتحسين الوضع الإنساني.

2. التوصل إلى حل سياسي: التفاوض بشكل جاد مع المعارضة تحت رعاية الأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي يلبي مطالب القرار الدولي 2254، والذي يشمل صياغة دستور جديد وإجراء انتخابات تحت إشراف دولي.

3. الموافقة السياسية في الكونغرس الأمريكي: أي إلغاء أو تخفيف كبير للعقوبات يحتاج إلى موافقة الكونغرس الأمريكي، وهو هيئة يصعب فيها تحقيق إجماع حول هذا الملف الحساس.

4. المصالح الجيوسياسية الإقليمية والدولية: يتأثر الملف السوري بتفاعلات معقدة تشمل روسيا وإيران وتركيا ودول الخليج. أي خطوة تجاه إلغاء العقوبات ستكون جزءاً من صفقة سياسية أوسع.

السيناريوهات المحتملة لتخفيف أو تجاوز القانون هي:

· التخفيف التدريجي: قد تشهد الفترة القادمة منح إعفاءات وأنشطة مشمولة بحماية تمنع التعرض للعقوبات (مثل تلك الممنوحة سابقاً للنشاط الإنساني)، لكن ليس إلغاءً للقانون.

· تجاوز غير مباشر: قد تقوم بعض الدول أو المستثمرين بالتعامل مع سوريا عبر آليات تحاول تجنب العقوبات، لكن ذلك يحمل مخاطر قانونية ومالية كبيرة.

· التغير في السياسة الأمريكية: أي تحول كبير في الموقف الأمريكي الرسمي من الملف السوري، وهو أمر غير متوقع في الأفق القريب في ظل التوافق الحزني النسبي على صرامة التعامل مع النظام السوري.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى