تقاريرسلايدر

هل تمكنت هارفارد من معرفة كيف بدأ التكاثر على الأرض؟

هل تخيلت يومًا أن قطرة من زيت الطعام في الماء يمكن أن تحمل سرًا لتكاثر الخلايا؟ تخيل عند خلط الزيت بالماء، يتكوّن فقاعات صغيرة تطفو على السطح. الآن، ماذا لو أخبرناك أن علماء في هارفارد استلهموا من هذه الظاهرة البسيطة لخلق نظام يشبه “خلايا اصطناعية” تتكاثر من تلقاء نفسها دون وجود DNA، أو بروتينات، أو أي مكون حيوي، باستخدام فقط ضوء أخضر ومواد كيميائية بسيطة؟

هذا بالضبط ما حدث حيث تمكّن الباحثون من محاكاة عملية تكاثر الخلايا في بيئة مخبرية باستخدام مكونات أشبه بما يوجد في مطبخك، لكن بتصميم عبقري.نُشرت هذه الدراسة في مجلة PNAS المرموقة.

هذا الإنجاز لا يقل عن كونه معجزة علمية، حيث يفتح نافذة على كيف بدأت الحياة على الأرض من مواد بسيطة، ويُحدث ثورة في مفهومنا عن “الحد الفاصل بين المادة الجامدة والكائن الحي”.

كيف تمكّن العلماء من تحقيق ذلك؟

صمم الباحثون تجربة في وعاء مخبري بسيط، يحتوي على أنواع مختارة بعناية من الجزيئات والبوليمرات، بالإضافة إلى محفز ضوئي. عند تعريض هذا الخليط لضوء أخضر، في جو من النيتروجين ودرجة حرارة معتدلة، بدأت أشياء مذهلة بالحدوث.

بدأت الجزيئات في التجمع ذاتيًا لتشكل حويصلات صغيرة مجوفة تشبه إلى حد كبير الخلايا البيولوجية البدائية. لكن الأكثر إثارة هو أن هذه الحويصلات لم تتشكل فقط، بل بدأت تنمو وتنقسم ثم تطلق بدورها جيلاً جديدًا من الحويصلات الأصغر حجمًا، التي بدأت دورة النمو والانقسام مرة أخرى.

ما أهمية هذا الإنجاز؟

يكمن الإنجاز في أن هذا النظام بالكامل غير حيوي. لا توجد فيه جينات، ولا دهون حيوية، ولا إنزيمات، ولا أي من التعقيدات الكيميائية المعتادة في الحياة. كل ما هنالك هو كيمياء مصممة بدقة، وضوء.

هذا يختلف عن المحاولات السابقة التي اعتمدت على مكونات حيوية أو لم تحقق دورة تكاثر كاملة ومستدامة.

تأثير الدراسة على فهمنا لأصل الحياة

هذه النتائج تفتح نافذة جديدة على أحد أعظم الألغاز العلمية: كيف بدأت الحياة على الأرض؟

تشير إلى أن الخطوات الأولى نحو التكاثر – وهي سمة أساسية للحياة – قد تكون قد نشأت من خلال كيمياء بسيطة في ظروف مناسبة، قبل ظهور الجزيئات المعقدة مثل DNA أو RNA.

لم تكن هذه الحويصلات الاصطناعية حية، ولم تتطور، لكنها أظهرت أن مبدأ التكاثر الذاتي يمكن أن ينبثق من مواد غير حية، مما يملأ الفجوة بين الكيمياء والبيولوجيا.

تطبيقات مستقبلية محتملة

هذا البحث لا يقتصر على دراسة أصول الحياة فقط، بل يمهّد الطريق لتطويرات مستقبلية مذهلة، مثل:

· مواد ذكية قادرة على إصلاح نفسها ذاتيًا.

· أنظمة اصطناعية بسيطة يمكن استخدامها في استكشاف الفضاء أو في الظروف القاسية.

· فهم أعمق للحياة نفسها وإمكانية وجودها بأشكال غير تقليدية خارج الأرض.

في النهاية، هذه الدراسة لا تخلق حياة، لكنها تخلق شيئًا يشبه شرارة الحياة، تثبت أن السمة الأكثر جوهرية للحياة – وهي التكاثر – يمكن أن تظهر في أنظمة بسيطة تمامًا.

هذا العمل يمثل قفزة نوعية في علم الأحياء الاصطناعي ويوسع من فهمنا لمعنى أن يكون شيءٍ ما على قيد الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى