
ألقى الرئيس الإسرائيلي كلمة في جبل “هرتسل” خلال مراسم إحياء الذكري الــــ30 لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق “يتسحاق رابين”، ولم يحضر هذه المراسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا رئيس الكنيست أمير أوحانا وهم أهم رموز الحزب اليميني الأكبر- حزب الليكود.
إذا ما أردنا نضع عنوان مناسب لها سيكون: احذروا فــــــ”إسرائيل تقف على شفا الهاوية”، وده بالفعل التعبير الأكثر صراحة ووضوحًا في كلمته، التي كانت في مجملها انعكاسًا لمدى الانقسام والتوتر في الداخل الإسرائيلي، وتحذيرًا من تصاعد العنف واللهجة التحريضية على المستويين الاجتماعي والسياسي.
وجاءت الكلمة تحمل مجموعة من الإشارات التي لا يصح تجاهلها مثل:
: أن اغتيال رابين أوشك أن يضرب وحدة المجتمع الإسرائيلي ويؤدي به إلى الانهيار، وإن إسرائيل الحالية تشهد بوادر مشابهة لما كان عليه الحال آنذاك- ولكنها أكثر خطورة..
: بعد 30 عام لا زلنا نرى نفس العلامات: لغة وقحة، سامة واتهامات بالخيانة وتحريض ونشر للكراهية والعنف في الشوارع وعلى المنصات الرقمية، وتآكل المجتمعي يُشكل تهديد استراتيجي لإسرائيل”.
: أُحذر وأُحذر: نحن على شفا الهاوية مجددًا، دولة إسرائيل اليهودية والديمقراطية ليست ساحة معركة بل هي وطن. وفي الوطن لا يجوز إطلاق النار، لا بالسلاح ولا بالكلمات ولا بالتهديدات ولا بالتعبيرات ولا حتى بالتلميحات.
: منذ 30 عامًا قال رابين كلماته اللاذعة: “العنف ينخر في أساس الديمقراطية الإسرائيلية”، وإذا وقفنا هنا وقلنا إن العنف محظور وإنه ينخر فينا، فإننا لم نتعلم شيئا؛ ومن غير المعقول أنه بعد ثلاثين عاما لا يزال خطر هذا العنف قائمًا فينا كمجتمع. إنه تهديد استراتيجي على كل المستويات.
: وأوجه تحذيرًا صارخًا، بعد ثلاثين عاما نرى ونسمع العنف يطل برأسه وبصوره المتعددة، عنفًا ضد الموظفين وكبار القادة في الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) وموظفي الخدمة المدنية وقادة مختلف الأجهزة بمن فيهم كبار المسؤولين والمحامين والقضاة، نرى عنفًا ضد المسؤولين المنتخبين وأعضاء الكنيست من جميع الأطياف وضد الوزراء في الحكومة وتهديدات ضد رئيس وزراء منتخب وهو في منصبه”.
: حذر من تجاهل دروس اغتيال “رابين:، وانتقد ظاهرة “شيطنة الخصوم السياسيين” واعتبارهم أعداء ما قد يدفع إسرائيل نحو “سقوط داخلي”.
سلطت كلمات “هرتسوج” (الصهيوني اليهودي المتدين المعتدل) الضوء على أزمات حقيقة في البِنية السياسية والاجتماعية في إسرائيل، وعلى هشاشة فيها تعكس عمق هذه الأزمات الممتدة لعقود، وانقسامات أيديولوجية وتراجع الثقة بالنظام المؤسسي والقائمين عليه للتقارير الاستراتيجية لأهم مراكز الأبحاث الإسرائيلية عام 2024م..
ونعتبر أن اختزال دور اليسار والمعارضة في إسرائيل لسنوات على إزاحة نتنياهو من المشهد السياسي ونقد سلوكياته، قد أدى إلى انحسار هذه التيارات وانخفاض الأصوات المعتدلة التي ترى الأغيار بنظرة الإنسانية، وليس بنظرة يمينية يهودية صهيونية متعصبة، وتُشير كذلك إلى أن شيئًا لم ولن يتغير في سلوك المجتمع المتشدد دينيًا، فهم كارهون للحياة الطبيعية والسلام، ويعتقدون أن كل ما يغير مجرى حياتهم العدائية ، إنما هو إذن بالخراب على بنيتهم المنغلقة المنعزلة التي تجافي التعايش وتبغض السلام ومتطلبات الحياة في عالم جديد ..



