سلايدرمعرفة

هل تعتقد أنك تختار بحرية ماتشتريه

إعداد: رحمه حمدى

هل تعتقد أنك تختار بحرية ما تشتريه، ما تقرأه، أو حتى من تحب؟ الفكرة الساحرة التي تبيعها لنا المنصات الرقمية ما هي إلا وهم ضخم. الخوارزميات اليوم تقود 90% من قراراتنا دون أن نعي، محوّلة إيانا إلى دمى متحركة في مسرح رقمي ضخم.

الآلية الخفية للتحكم


تعمل الخوارزميات وفق ثلاث استراتيجيات رئيسية:

  1. التنبؤ السلوكي:
    تقوم بتحليل كل نقرة، كل تمرير، كل لحظة توقف، لتضع نموذجًا دقيقًا لتصرفاتك المستقبلية. دراسة حديثة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تظهر أن الخوارزميات يمكنها توقع اختيارات المستخدمين بدقة تصل إلى 90% بعد أسبوعين فقط من المراقبة.
  2. التوجيه الخفي:
    من خلال تغيير ترتيب العروض أو تعديل الألوان أو إعادة صياغة العناوين، تستطيع هذه الأنظمة توجيه اختياراتك دون أن تشعر. مثلاً، مجرد تغيير لون زر “اشتر الآن” يمكن أن يزيد المبيعات بنسبة 35%.

التقييد المقنع:
تقدم لك خيارات تبدو واسعة، لكنها في الواقع محصورة في نطاق ضيق تم تحديده مسبقًا بناءً على ملفك الشخصي. هل تعلم أن 80% من نتائج البحث التي تراها على مواقع التسوق هي لمنتجات دفع أصحابها ليكونوا في هذه المراكز؟

التأثيرات العميقة

تشكيل الهوية:
أصبحت آراؤنا وذوقنا نتاجًا مباشرًا لما تقدمه لنا الخوارزميات. بحث من جامعة هارفارد يظهر أن 68% من الشباب يعتمدون بشكل كامل على التوصيات في تشكيل آرائهم السياسية.

التآكل المعرفي:
فقدان القدرة على التفكير النقدي، حيث أظهرت دراسات أن المستخدمين الذين يعتمدون على التوصيات الآلية لمدة تزيد عن عامين تتراجع لديهم القدرة على اتخاذ قرارات معقدة بنسبة 40%.

الاستقطاب المجتمعي:
الخوارزميات تعزز الانقسامات من خلال حبس كل فرد في فقاعته الفكرية. بيانات من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تشير إلى أن هذا أدى إلى زيادة الاستقطاب السياسي بنسبة 60% في العقد الأخير.

كيف نستعيد السيطرة

الوعي بالآلية: تعلم كيف تعمل أنظمة التوصية. كلما فهمت أدوات التلاعب، أصبحت أكثر مقاومة لها.

التنوع الإجباري: عوّد نفسك على استهلاك محتوى خارج نطاق التوصيات. ابحث يدويًا، استخدم محركات بحث بديلة.

فترات التطهير: خصص أيامًا أو ساعات أسبوعية بعيدًا عن المنصات الخاضعة للخوارزميات.

الأدوات المساعدة: استخدم متصفحات مثل Brave، أو إضافات مثل “Unfollow Everything” التي تتيح لك كسر فقاعة الترشيح.

التدريب الذهني: مارس تمارين اتخاذ القرار الواعي يوميًا، بدءًا من الأمور البسيطة مثل اختيار وجبة الغداء دون اللجوء إلى التوصيات.

نحن نقف عند مفترق طرق تاريخي. إما أن نستسلم لوهم الاختيار الحر الذي تبيعه لنا هذه الأنظمة، أو نبدأ رحلة استعادة السيطرة على قراراتنا وهويتنا. الحقيقة التي يجب أن نعيهات هي أن كل نقرة نقوم بها اليوم تُشكل الخيارات التي سنظن أنها حرة غدًا. السؤال الأهم: هل أنت مستعد لمواجهة هذه الحقيقة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى