
ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش أن أفراد الجيش الأمريكي قد يتعرضون للملاحقة الجنائية نتيجة تقديمهم المساعدة لإسرائيل في حربها على قطاع غزة.
وركزت جماعات حقوق الإنسان والناشطون المحتجون على استمرار الدعم الأمريكي لإسرائيل بشكل أساسي على مسألة تدفق الأسلحة الأمريكية، محذرين من أن استمرار إرسال الأسلحة إلى دولة تم توثيق استخدامها في جرائم حرب محتملة من شأنه أن يجعل الولايات المتحدة طرفًا متواطئًا.
ومع ذلك، قامت منظمة هيومن رايتس ووتش بتسليط الضوء هذا الأسبوع على جانب آخر من جوانب الدعم العسكري الأمريكي لإسرائيل، وهو التعاون العسكري وتبادل المعلومات الاستخباراتية.
وأوضحت المنظمة الحقوقية أن أفراد الجيش الأمريكي الذين يقدمون المساعدة للقوات الإسرائيلية في ارتكاب جرائم حرب قد يواجهون ملاحقة جنائية بسبب أفعالهم.
وقالت سارة ياجر، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في واشنطن، إن الولايات المتحدة ليست طرفًا في النزاع فحسب، بل قد تُحمّل مسؤولية جرائم حرب. وأضافت أن الشعب الأمريكي هو من يدفع ثمن ذلك، معربة عن اعتقادها بأنهم لا يدركون حقيقة ما تفعله بلادهم.
ولم تقم الولايات المتحدة بإخفاء دعمها العملياتي لإسرائيل طوال حربها التي استمرت اثنين وعشرين شهرًا في غزة. حيث زودت الولايات المتحدة إسرائيل بمعلومات استخباراتية في مراحل مختلفة خلال عملياتها العسكرية، كما شاركت قوات عسكرية أمريكية في التخطيط العملياتي الإسرائيلي.
إن المشاركة المباشرة للقوات الأمريكية في الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في غزة تجعلها طرفًا في الصراع، وهذا يعني أن هؤلاء الجنود الأمريكيين الأفراد قد يكونون مسؤولين عن أي جرائم حرب ارتكبت بمساعدتهم، وفقًا لما ذكره عمر شاكر، مدير قسم إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش.
وأضاف شاكر أن الأمر يتجاوز مسألة التواطؤ، حيث شاركت الولايات المتحدة بشكل مباشر في الأعمال العدائية. مشيرًا إلى أنه إذا كان للفرد دور فيها، وارتكبت القوات الإسرائيلية جريمة حرب، فقد يظل هذا الفرد مسؤولاً عن جريمة الحرب.
ومن الصعب معرفة المدى الحقيقي للمشاركة الأمريكية المباشرة في العمليات العسكرية الإسرائيلية، نظرًا لأن معظمها سري. لكن كلاً من الإدارتين الحالية والسابقة تباهت بدعمها العملياتي لإسرائيل، وأحيانًا في عمليات عسكرية مشكوك في شرعيتها.
ففي أكتوبر من عام 2024، صرّح الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن بأن أفرادًا من العمليات الخاصة الأمريكية وأعضاءً من أجهزة الاستخبارات ساعدوا إسرائيل في استهداف قادة حركة حماس، بمن فيهم الزعيم السابق لحماس، يحيى السنوار.
وفي الآونة الأخيرة، صرحت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، للصحفيين بأن إدارة ترامب قد تشاورت مع إسرائيل قبل استئناف ضرباتها في الثامن عشر من مارس آذار، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من أربعمائة شخص.
ولم تبطئ قائمة جرائم الحرب المحتملة المتزايدة من دعم الولايات المتحدة لإسرائيل. فقد أضيف الهجوم على مستشفى النصر جنوب غزة، الذي أسفر عن مقتل عشرين شخصًا بينهم خمسة صحفيين يوم الاثنين، إلى سلسلة طويلة من الهجمات العشوائية التي أودت بحياة مدنيين في قطاع غزة.
وذكرت الجارديان: إن أي فرد من أفراد الجيش الأمريكي قدم للجيش الإسرائيلي معلومات استخباراتية، أو حتى دعماً مادياً في عملية تتعارض مع القانون الإنساني الدولي، كان من شأنه أن يساعد في ارتكاب جريمة الحرب هذه.
وقد سبق للولايات المتحدة أن تعرضت لانتقادات في قضايا مماثلة. فقد أثارت المساعدة الأمريكية في تزويد طائرات التحالف بقيادة السعودية بالوقود في حربها على اليمن غضبًا شديدًا بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيين. ورغم أن الطيارين الأمريكيين لم يكونوا هم من يسقطون القنابل على اليمنيين، إلا أن دعمهم مكّن التحالف من مواصلة قصف البلاد.
ومن الناحية النظرية، قد يواجه أفراد الخدمة الأمريكية الذين ساعدوا في ارتكاب جرائم حرب ملاحقة جنائية، ربما في الولايات المتحدة نفسها، أو في دول ذات ولاية قضائية عالمية مثل بلجيكا وألمانيا، أو أمام المحكمة الجنائية الدولية.
ومن حيث المبدأ، ينص نظام روما الأساسي على إمكانية مسؤولية الشخص بشكل فردي عن جريمة تقع ضمن اختصاص المحكمة إذا ساعد أو حرض أو ساعد بأي شكل آخر في ارتكابها أو محاولة ارتكابها، وفقًا لما أوضحته جانينا ديل، المديرة المشاركة لمعهد أكسفورد للأخلاقيات والقانون والنزاعات المسلحة. وأضافت أن للمحكمة الجنائية الدولية اختصاصًا قضائيًا على الجرائم المرتكبة في غزة، حتى لو لم تكن الولايات المتحدة طرفًا في نظام روما الذي أنشأها.
وفي تقرير للجارديان ذكرت أنه من المشكوك فيه ما إذا كان أعضاء الخدمة الأمريكية سيواجهون محاكمة فعلية بتهمة ارتكاب جرائم حرب. فالمناخ السياسي الحالي في الولايات المتحدة، وفي الدول ذات الاختصاص القضائي العالمي مثل ألمانيا، يدعم إلى حد كبير الحرب في غزة. كما أن المحكمة الجنائية الدولية مثقلة بالأعباء، وقد هددت الولايات المتحدة أعضاءها سابقًا عندما فكرت في فتح تحقيق في سوء السلوك في أفغانستان.
إلى جانب بعض الحالات الفردية للدعم العملياتي الأمريكي للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، كان لنقل وبيع الأسلحة الأمريكية دورٌ حاسمٌ في الحرب الدائرة في غزة. فحتى أبريل، بلغت قيمة مبيعات الأسلحة الأمريكية النشطة إلى إسرائيل تسعة وثلاثين فاصل اثنين مليار دولار، بالإضافة إلى أربعة فاصل سبعة عشر مليار دولار من عمليات نقل الأسلحة منذ أكتوبر عام 2023.
والنتيجة هي حزمة متكاملة من الدعم الأمريكي لحرب إسرائيل على غزة. فالولايات المتحدة تُزوّد إسرائيل بالأسلحة عبر مبيعاتها ونقلها، وتُقدّم معلومات استخباراتية لمساعدة إسرائيل على تصويب أسلحتها، وتُقدّم دعمًا سياسيًا لحماية إسرائيل على الساحة الدولية من ردود الفعل العالمية المتزايدة ضدّ سلوكها في غزة.
المصدر: الجارديان