
إعداد: رحمه حمدى
في إطار استراتيجية الدولة لتخليد أسماء شهداء الوطن، تم افتتاح الكوبري الغربي العائم على قناة السويس بتكليف من الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث حمل الكوبري اسم الشهيد مقدم أمير إبراهيم عوض الله، ليظل اسم هذا البطل مرتبطًا بأحد المشاريع القومية العملاقة.
بطل سيناء
استشهد المقدم أمير إبراهيم عوض الله في الحادي والعشرين من يونيو عام 2021، خلال المشاركة في العمليات الأمنية الباسلة ضمن عملية سيناء الشاملة 2021. سقط البطل وهو يدافع عن أمن وسلامة أراضي الوطن في مواجهة العناصر الإرهابية بشمال سيناء، مثبتًا مع زملائه معنى التضحية والفداء.
كان الرائد أمير إبراهيم عوض الله الوحش أحد رجال القوات المسلحة من قوة ٢٦سطع _الدفعة ١٠٥حربية قد إستشهد في سيناء بعد يومين من ترقيته لرتبة رائد ليزف اليوم شهيدا إلى مثواه الأخير وسط حشد من الأهالى فى جنازة عسكرية من مسقط رأسه بقرية ميت فارس بمحافظة المنوفية
وعن تفاصيل الاستشهاد صرّحت زوجته: أصر أمير أن يصعد أعلى جبل المغارة، قال لزميله خلال توقفهم في الوادي بين جبلين بناء علي إحداثيات ومعلومات مدققة عن إرهابيين وخارجين عن القانون، لكن مقدم أمير قال بإصرار: “أنا عارف أنهم فوق الجبل، ما دام الأهداف يقف هنا يبقى هم فوق الجبل.. أنا طالع”، بعد صعوده سمع زملاؤه طلقات نيران متتالية، وعندما صعدوا لأعلى الجبل وجدوا مشهدا أذهلهم، ظهر الرائد أمير وكأنه نائم في هدوء، يرقد على جانبه الأيمن وقد استشهد وهو يرفع السبابة، وبيده الأخرى السلاح وبجواره جثتان، كان قد تعامل معهما وقضي عليهم، وكان هناك فرد ثالث مُختبئ خلف حجر وأطلق النار على البطل الشهيد.
وتكمل نورهان زوجة الشهيد: “عرفت من زملائه أن المهمة لم تكن ضمن تكليفات أمير لهذا اليوم، كان دور زميل آخر وحصل له ظرف طارئ فخرج في المهمة مكانه، صاحبه قال لي: “والله الصبح صلي الفجر وقارئ ورد، وسلم علينا كلنا بالأحضان مع أننا إحنا طالعين معه في نفس المداهمة، بس إحنا استغربنا من الموقف كله، وعندما وجدناه أعلى الجبل بهذا المشهد المؤثر، قُلنا لا هو كان عارف ومستني وهو اللي كان طالبها من ربنا”.
بعيون ثابتة وبنبرة مطمئنة تجمع بين الحزن الممزوج بفخر، تستطرد زوجة الشهيد:”عندما سمعت ما حكاه زملاء أمير، استدعي ذهني ما كان يتمناه زوجي دون تصريح، كان يقول لي أنا منتظر تكريم كبير من ربنا وحاسس انه هيحصل، فأقول له: “أيوه هناك ترقية قادمة”؛ لأن أمير حصل على الترقية في أول يوليو قبل استشهاده بيومين، فيقول لي لا أكبر بكثير، الحقيقة هو يستاهلها، أمير راقي وحنين وبيساعد الكل، جنوده، زملاءه، أهلنا، الجيران، حتي الغريب، صوته هادئ لكنه صاحب قرار، في بيتنا كان يحمل كل المسئوليات رغم غيابه بالشهور، هو يستاهل مكانة الشهيد وما اعزهوش علي ربنا” .
تكريم في قلب التنمية
يأتي قرار تسمية كوبري العبور الاستراتيجي عند الكيلو ٨٦.٦ باسم الشهيد أمير عوض الله ليربط بين الماضي والحاضر، بين تضحية الشهداء وإنجازات التنمية. فالكوبري الذي يربط ضفتي القناة باتجاه سيناء، يحمل اسم من ضحى بحياته من أجل تلك الأرض.
رمزية عميقة
لا يقتصر الأمر على مجرد اسم على منشأة، بل هو رسالة تقدير من الدولة المصرية وشعبها لأبنائها الذين قدموا الغالي والنفيس من أجل أمن الوطن. إنه إعلاء لقيمة الشهادة وتذكرة دائمة للأجيال القادمة بأن مسيرة البناء والتنمية تقوم على دماء الشهداء.
خلود في الذاكرة الوطنية
من خلال هذه الخطوة، تتحول ذكرى الشهيد من سجل شخصي إلى جزء من الذاكرة الجمعية للأمة. فكل من يعبر هذا الكوبري، سواء كان مواطنًا عاديًا أو شاحنة تحمل مواد بناء لمشاريع سيناء، سيتذكر ولو لحظة أن هناك بطلًا اسمه أمير عوض الله ساهم بدمه في تمهيد هذا الطريق.
بهذا يصبح الشهيد ليس مجرد رمز للتضحية في الميدان الأمني، بل أيضًا شريكًا رمزيًا في كل إنجاز تنموي يتحقق على أرض سيناء التي استشهد من أجلها.