تقاريرسلايدر

مصر تستضيف مؤتمراً لإعادة إعمار غزة وسط اعترافات دولية متسارعة بدولة فلسطين

إعداد: بسنت عماد

في لحظة وُصفت بأنها تحوّل تاريخي للقضية الفلسطينية، انطلق مؤتمر “حل الدولتين” برئاسة سعودية – فرنسية مشتركة داخل الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بمشاركة عشرات من قادة وزعماء العالم، وسط زخَم سياسي غير مسبوق لإحياء عملية السلام.

وأعلن رئيس الوزراء المصري د. مصطفى مدبولي أن القاهرة ستستضيف فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، مؤتمراً دولياً لإعادة إعمار القطاع الفلسطيني المدمر، لحشد التمويل اللازم لتنفيذ الخطة العربية – الإسلامية لإعادة الإعمار.

وأكد مدبولي أن لا استقرار في الشرق الأوسط أو العالم من دون تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة، مشدداً على أن مصر ستظل داعمة للقضية الفلسطينية، وستتحرك مع الشركاء العرب والدوليين لترسيخ السلام العادل والشامل.

السيسي: الاعتراف بفلسطين حق لا حلم

رحّب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بانعقاد المؤتمر، واعتبره “فرصة تاريخية يجب اغتنامها لإنهاء عقود من الصراع والمعاناة”.

وأضاف السيسي: “الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وتجسيدها على الأرض ليس حلماً؛ بل حق مشروع كافح الشعب الفلسطيني طويلاً من أجله، وساندته شعوب العالم المحبة للسلام. إنه السبيل الوحيد لتحقيق السلم والأمن والتعاون بين شعوب المنطقة”.

الوساطة المصرية وتأثيرها

شكلت الوساطة المصرية خلال الأشهر الماضية ركيزة أساسية في الجهود الدبلوماسية لوقف إطلاق النار، وإعادة إطلاق مسار سياسي شامل بدعم سعودي وعربي واسع. هذا الدور الفاعل، الذي جمع بين التحركات الميدانية والضغط الدبلوماسي، عزز قناعة عدد من العواصم الأوروبية بأن القاهرة قادرة على ضمان استقرار المرحلة المقبلة.

وقد انعكس ذلك مباشرة على موقف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي وجد في المبادرة المصرية – السعودية أرضية متينة للتحرك، ليعلن للمرة الأولى اعتراف فرنسا بدولة فلسطين.

ماكرون: فرنسا تعترف بفلسطين

قال ماكرون خلال كلمته: “وفاءً بالالتزام التاريخي لفرنسا تجاه الشرق الأوسط، وللسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، أعلن اليوم أن فرنسا تعترف بدولة فلسطين”.

وأوضح أن الاعتراف بالحقوق الفلسطينية لا ينتقص من حقوق الشعب الإسرائيلي، بل يمثل “الحل الوحيد الذي يضمن السلام”. كما أعلن أن فرنسا ستفتتح سفارة لها في فلسطين بمجرد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس.

موجة اعترافات تاريخية

تتوالى اعترافات الدول رسمياً بدولة فلسطين في مؤتمر “حل الدولتين”. فبعد إعلان ست دول جديدة اعترافها — فرنسا، بلجيكا، مالطا، لوكسمبورج، موناكو، وأندورا — والتي سبقها بيوم أربع دول أخرى — بريطانيا، كندا، أستراليا، والبرتغال — ارتفع عدد الدول المعترفة بدولة فلسطين إلى 160 دولة من أصل 193 عضواً في الأمم المتحدة.

ومن المتوقع أن تحذو دول أخرى حذو هذه الخطوة خلال الدورة الـ80 للجمعية العامة، ما يعزز المكانة القانونية والسياسية للدولة الفلسطينية على الساحة الدولية.

إعلان نيويورك

ويأتي هذا الزخم بعد اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 12 سبتمبر، “إعلان نيويورك”، بأغلبية 142 صوتاً، مقابل 10 أصوات رافضة بينها إسرائيل والولايات المتحدة، وامتناع 12 دولة عن التصويت.

الإعلان المؤلف من سبع صفحات، تضمن:

  • إدانة صريحة لحركة حماس والدعوة لإلقاء السلاح.
  • التنديد بالهجمات الإسرائيلية على المدنيين في غزة والبنية التحتية المدنية، والحصار والتجويع.
  • خطوات ملموسة ومحددة زمنياً ولا رجعة فيها نحو حل الدولتين.
  • دعم نشر بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار في غزة بتفويض من مجلس الأمن.

بعثة دولية مؤقتة

رئاسة المؤتمر أكدت التزامها بدعم نشر بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار، بناءً على طلب السلطة الفلسطينية وتفويض من مجلس الأمن. كما شددت على تعزيز برامج تدريب وتجهيز قوات الشرطة والأمن الفلسطينية، عبر الاستفادة من المبادرات القائمة مثل بعثة منسق الأمن الأمريكي (USSC)، وبعثة الشرطة الأوروبية (EUPOL COPPS)، وبعثة الاتحاد الأوروبي لمعبر رفح (EUBAM Rafah).

توحيد غزة والضفة

أكدت رئاسة المؤتمر على أهمية توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت مظلة السلطة الفلسطينية، مرحبة بسياسة “دولة واحدة، حكومة واحدة، قانون واحد، وسلاح واحد” التي أعلنتها السلطة الفلسطينية.

إنهاء حكم حماس

وفي سياق إنهاء الحرب في غزة، أعادت رئاسة المؤتمر التأكيد على وجوب إنهاء حكم حركة حماس في القطاع، ونزع سلاحها وتسليم الأسلحة إلى السلطة الفلسطينية، بدعم ومشاركة دوليين، انسجاماً مع هدف إقامة دولة فلسطينية ذات سيادة.

دعوة إسرائيل لاغتنام الفرصة

كما وجّهت رئاسة المؤتمر دعوة إلى القيادة الإسرائيلية لاغتنام هذه الفرصة التاريخية، عبر إعلان التزام واضح بحل الدولتين، ووقف أعمال العنف والتحريض ضد الفلسطينيين، ووقف الاستيطان ومصادرة الأراضي وأعمال الضم.

وطالبت إسرائيل بوضع حد لعنف المستوطنين، وسحب مشروع E1 والتخلي علناً عن أي مشروع للضم، مؤكدة أن أي شكل من أشكال الضم يُعد خطاً أحمر للمجتمع الدولي، يترتب عليه عواقب جسيمة ويهدد مباشرة مستقبل اتفاقات السلام.

من الإعمار إلى الدولة

رسالة المؤتمر كانت واضحة: الطريق إلى الاستقرار يبدأ بوقف الحرب في غزة، وإعادة إعمارها، وتجسيد الدولة الفلسطينية على الأرض. وبينما تتوسع دائرة الاعترافات الدولية، وتترسخ المبادرات العربية – وعلى رأسها الوساطة المصرية – يقترب العالم من لحظة حاسمة قد تنهي عقوداً من الصراع، وتفتح باب السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى