محمد ياسين يكتب: هل عرض المشاكل الأسرية على وسائل التواصل الاجتماعي يساهم في حلها أم يزيدها تعقيدا؟

في خضم تسارع الأحداث و احتلال الإعلام سواء كان مسموعا أو مرئيا عقول الناس، وأصبح نافذة لكشف أستار ما يدور في المجتمع في الضواحي و المدن وتدرجت الأمور حتى وصل إلى البيوت و أسرارها ، وقتها وجد المستضعفين من أزواج ، زوجات و أبناء أو من قليلي الحيلة و ضاق ذرعهم النور الذي يسلط الضوء على مواجعهم و مآسيهم و كانت بادرة أمل وقتها لكسر حاجز الستر عن العنف الأسري، والانتهاكات النفسية و الجسدية و غيرها من المشاكل و هنا كان ثمرة تلك الظاهرة لتفنيد و معرفة ما يؤلم الأسر المصرية خصوصا في مناطق معزولة عن أضواء المدن مثل القرى و النجوع.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه.. هل كل المجتمع مؤهل للحل و العقد و الحكم؟ و إن كان كذلك لما جعل الإله خيار اللجوء لحكما من أهل الطرفين و المقصد هنا ولي الأمر أو رشيد من كل أسرة وليس العائلة جمعاء أو حتى الأقارب كلهم؟.
مع انتشار أعلام مواقع التواصل الاجتماعي أصبح انتشار شتى أنواع الأخبار و المعلومات بلا رقيب أو حسيب و في دقائق معدودة – المدة المطلوبة لإنشاء حساب على أي من مواقع التواصل الاجتماعي – يصبح كل قاصٍ و دانٍ صاحب رأي جاهل كان أو مثقف عالم كان أو عامي، و بنفس الدقائق المعدودة يستطيع من يريد أن ينشر أي شئ ينشره كان خبر حقيقي كان إشاعة كانت سيرة أو مأساة كل شئ متاح بلا قيد أو شرط.
فوجد كل قليل حيلة يريد أن ينفس مأساته في مواقع التواصل الاجتماعي منفذ يعرض فيه قضيته و مظلمته على المشاع فيحول نفسه دون أن يشعر إلى موضع المحكوم عليه و المجتمع هو القاضي، و مع توجه الشركات المالكة لمواقع التواصل الاجتماعي إلى تحويل معدلات الوصول إلى أرباح أصبح كل من يريد التربح و الشهرة من مآس الناس قبلة فيكون طواف على مشاكل الناس فيسوقها و يبرزها بالشكل الذي يخدم زيادة مشاهداته و متابعينه.
فبدلا من أن تحل مشكلة المتظلم يجد نفسه على مسرح يشاهد الناس حياته و آلامه كما مسلسل أو عرض مسرحي فتستعر مشاكله أكثر و أكثر و بدلا من إيجاد الحلول تتوالد عليه الأضواء وربما يصبح تريند، و ينكشف ستر كل حياته و يتمزق ثوب الخصوصية.
دائما ما يكون اللا محدود غير مأمون العواقب مما يجعل السلبية تكري المزية لكن هذا لا ينكر المزية أو يبطلها، مما يعني أن مع كل تلك المخاطر و السلبيات هناك أوجه نفع ؛ فأصبح المجتمع يدري سريعا بالمشكلات و بالتالي أصبحت في مرمى التوعية بها، اضافه إلى التنبيه المبكر للمسؤولين لإيجاد الحلول و الاستجابة السريعة لتلك المشكلات.
من الممكن أن نعتبر نشر المشكلة عبر مواقع التواصل الإجتماعي حل أخير كصرخة استغاثة بعد استنفاد كافة الحلول، لكن ما الحلول؟
أول الحلول ينبع من الأسرة نفسها، فأول ثوابت الأسرة هي الترابط و التفاهم و في أحيان كُثُر يكون حلا نموذجيا و أكثر فاعلية من باقي الحلول لأنه مع أثر إصلاح الشق الذي يدوم إلى الأبد في كل موضع خلاف تتذكر الأسرة كيف تفاهمت و تكاتفت للحفاظ على نفسها فيكون ذلك الأثر سبيلا لدرء نار الحادثة.
يكون الحل الثاني هو الإستجابة السريعة من أحد العقلاء من أسرة أي من الطرفين في هدوء و سرية لأنه كلما كثرت الأطراف المعروض عليها المشكلة تتأجج أكثر و تضفي الضباب على طريق الحل، يكمن الحل الثالث في الإستجابة السريعة من الهئيات المنوطة بحل تلك المشكلات سواء بحماية الطرف المتضرر أو الإصلاح بين الأسرة بالشكل الذي يجبر كل عناصرها لاحترام الآخر لعلمه بوجود حساب و رقيب فعال.
الأهم من كل ذلك بناء أساس تربوي للنشئ أو للمقبلين على الزواج يدريهم بمفهوم الأسرة و الحقوق و الواجبات على كل طرف بداية من الزوج الى أصغر الاطفال.