
تخيل ياصديقي العزيز، هذا المشهد من الخيال:
الكاميرا تجوب الأسواق ومحلات البرجر والنقانق والكبدة والدجاج والأكل الصيني وكل مطاعم الوجبات السريعة، أغلبها مغلق ومكتوب على الباب.. مغلق لعدم وجود زبائن.
وكاميرا أخرى، تنتقل من مشهد لآخر وتظهر الأم في كل مشهد على حدى وهي تنظر للكاميرا من أعلى كأنها تنصح صغيرها، وتقول:
انسى ياحبيبي الأكل برة.. في البيت أئمن وأرخص بكتير.
قطع
عودة للواقع المرير
الكاميرا تجوب الأسواق وتنتقل من مشهد لآخر،
مشهد1: يابني خلصني أوردر 983 خلص ولا لسة بقالي ساعة مستني
يرد أحدهم: حاضر يا أستاذ استعجلتهم اهو، ثم يهمس لزميله هو بقاله ساعة فعلا واقف طلعله أوردره من تحت وخليه يمشي واستنى هقولك تسلم بقية الاوردرات امتى، ما انت عارف شكل الزحمة بيخلي الزباين تيجي أكتر..
مشهد2: والنبي زودلي تومية كتير
يرد أحدهم حاضر عمو دخيلك انت تأمر من عيوني التنتين، ثم يهمس له صاحب المحل، ولاك ما أنا قايلك شي 100 مرة انه تكتر تومية وبهارات مشان يداروا على طعم الدجاج اللي بعضه خربان، يلاا شد الهمة شوي في 7 اسياخ جوه لازم نخلصهم الليلة يلا.
ما رأيكم دام عزكم..
السؤال الذي أطرحه دائما على نفسي: لماذا يرتضي المصريون هذه الوجبات المهينة من أجل أن يمشي مع “الرايجة”، لا أرى لها معنى غير هذا أبدا؛
فلا هي أصبحت وسيلة سريعة لشراء الأكل، ولا هي وسيلة أرخص، هي فقط أصبحت عادة دون أدنى تفكير.
زمان كانت رخيصة وسريعة فعلا وكانت هذه حجة لشراء الوجبات السريعة، لكن الآن لا؛
اسمحلي ياعزيزي أنت الآن عبد إما لعادة تفقرك أو عبد للسوشيال ميديا التي تعلم جيدا مدى إدمانك لهذه العادة وتحاول بكل السبل إغراءك بكل ما أوتيت من قوة لشراء قهوتك وشراء الفطار وشراء الغداء وشراء العشاء وشراء الحلو.. الحلو وما أدراك ما الحلو
قشطوطة ومبسوسة ونيروزة ويح ولهلوطة وأسامي في منتهى السخف، وكأن شيفات الحلو تحولو لحمو بيكا.
يامصريين، انتبهوا وتفكروا كل هذا من جيوبكم المتواضعة، وحقيقة أنا اضرب كف على كف، وأنا أرى أصحاب الطبقة المتوسطة وأقل من المتوسطة وهم يقفون في طوابير كهذه من أجل أن يشتري الأكلة الترند.
ياصديقي أنت الترند وأنت البضاعة وانت من يقومون باستهلاكك وحلب أموالك، حاول أن تقف مع نفسك لتفكر ولو لربع الوقت الذي تقفه في طابور هذه الوجبة اللعينة، وتسأل نفسك سؤالا لولبيا:
ماذا يحدث لو صنعتها في البيت؟
بسيطة؛
ستوفر المال، وبدل أن تشتري وجبة تكفي فرداً، ستصنع بنفس قيمة الوجبة، مايكفي لأربعة أفراد على الأقل، وستوفر الوقت بدل الانتظار والتسكع الذي أصبع مضيعة للوقت، والأهم الأهم هو صحتك وصحة أفراد عائلتك وتعالى أعدد لك ماذا يفعل معظمهم:
زيت مغشوش، طعام فاسد مبهر لكي يغطي على فساده، مكسبات لون، مكسبات طعم وأصبح الابداع فيها ياصديقي لا يعقل، كمثال مكسب طعم بطعم الزبدة الفلاحي، تأكل قطعة الجلاش وتنتشي من السعادة ثم تهجم عليك عصارة المعدة التي تصرخ من كثرة مكسبات الطعم والمصنعات.
أصحاب هذه المشاريع استسهلوا: “افتح مطعم ولا افتح مصنع.. لا ياعم افتح مطعم واجيب كام بلوجر والناس بيضحك عليها وهتشتري أي حاجة المهم الشو”.
هذا كله بالنسبة للأفراد، تخيل معي لو أن محلات الوجبات السريعة، تحولت لمصانع صغيرة، تصنع أي شيء،
تخيل لو أنها تصنع أدوات لكي تستطيع صنع وجبة سريعة باحترافية بالمنزل، أو أدوات لتقطيع الطعام بأشكال مبدعة، أو أدوات لحفظ الطعام أو أدوات لتقديم الطعام.. المهم أنك تُصنع ياعزيزي،
تخيل لو أن الرفايع التي تشترى بمئات الآلاف لجهاز العروسة الآن تصنع في مصر، والمنافسة محتدمة بين تلك المصانع الصغيرة…
توفير عملة صعبة، وقوة شرائية للجنيه المصري، وهذه المصانع لأنها صناعات صغيرة ومتوسطة ممكن أن تعفى من الضرائب أو جزء كبير منها،
ثم تزويد عمالة وتقليل نسبة البطالة، تطوير منتجات مصرية وزيادة الإبداع وسلع بأسعار متفاوتة أرخص…إلخ
“كل ده لو بطلت اشتري سندوتش الشاورما والفراخ الكنتاكي وبطلت أحلي بالقشطوطة”
“بزمتك سامع نفسك وانت بتقولي قشطوطة.. ينفع!!”.
تمت.



