
إعداد: بسنت عماد
في ظل التصعيد الأخير الذي شهدته المنطقة بعد الضربة الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية فجر اليوم، تتزايد المخاوف من تداعيات محتملة على الصحة والبيئة، خاصة مع عدم وجود تقييم رسمي واضح لحجم الأضرار.
“المشهد يثير مخاوف من احتمال وقوع تسرّب إشعاعي، وما قد يترتب عليه من كوارث بشرية وبيئية، في ظل استحضار الذاكرة الجماعية لفاجعتي تشيرنوبل في أوكرانيا وفوكوشيما في اليابان عام 2011، واللتين لا تزالان شاهداً حياً على مدى خطورة التلوث النووي.”
ما هو التسرب النووي
يُعرف التسرب النووي بأنه انبعاث غير مسيطر عليه للمواد المشعة، سواء من مفاعلات الطاقة أو المنشآت العسكرية. وتكمن خطورته في كونه غير مرئي، سريع الانتشار، وقادر على إلحاق أضرار طويلة الأمد قد تمتد لعقود، بل ولأجيال قادمة.
كيف يؤثر الإشعاع على الإنسان؟
1. التعرض الحاد:
يؤدي التعرض لجرعات عالية من الإشعاع خلال فترة قصيرة إلى أعراض فورية مثل القيء الحاد، النزيف، تقشر الجلد، وفشل الأعضاء، مما قد يتسبب في الوفاة خلال أيام.
2. أمراض مزمنة:
حتى الجرعات المتوسطة قد تسبب سرطانات (الغدة الدرقية، الدم، الرئة)، ضعف المناعة، عقم، وتشوهات وراثية تظهر في الأجيال التالية.
3. تداعيات نفسية واجتماعية:
يصاحب الكوارث النووية ذعر جماعي، نزوح قسري، ووصمة اجتماعية للناجين، مما يضاعف من معاناتهم.
كيف تتعامل الدول مع التسريب الإشعاعي؟
تتبع الحكومات والمنظمات الدولية إجراءات طارئة للحد من الخطر، تشمل:
- إخلاء المناطق المهددة “ضمن نطاق 10-30 كم”.
- توزيع أقراص اليود لحماية الغدة الدرقية.
- مراقبة التربة والمياه والهواء لاكتشاف التلوث الإشعاعي.
- عزل المنشآت المتضررة بمواد تمتص الإشعاع.
- تطهير المصابين وإخضاعهم لفحوصات مستمرة.
هل ينتهي الخطر بعد انتهاء الأزمة؟
الإجابة هي لا.. فبعض العناصر المشعة مثل البلوتونيوم والسيزيوم تبقى نشطة لعقود، مما يجعل المناطق الملوثة غير صالحة للسكن لسنوات طويلة، كما هو الحال في منطقة تشيرنوبل المحظورة منذ 1986.
ماذا لو تكرر سيناريو هيروشيما وناجازاكي؟
تطرح الأحداث الحالية تساؤلات مقلقة وتعيد إلى الأذهان كارثة هيروشيما وناجازاكي، حين أودت القنبلتان النوويتان في أغسطس 1945 بحياة أكثر من 200 ألف شخص، بين قتلى لحظيين وضحايا لاحقين بفعل الإشعاع.
أما الناجون، فواجهوا أمراضًا مزمنة كالسّرطان والعقم، واضطرابات نفسية، وتوارث أبناؤهم تشوهات خلقية ناتجة عن التلوث الإشعاعي؛ وكانت تلك الكارثة جرس إنذار للعالم بخطورة الأسلحة النووية.
الخطر الذي لا ينتهي
الكوارث النووية ليست مجرد أزمات بيئية عابرة، بل هي كابوس طويل الأمد. فالإشعاع لا يُرى ولا يُشم، لكنه يخترق الأجساد ويسمم الأرض لسنوات.
ومع كل ضربة أو حادث في منشأة نووية، يعود شبح الكارثة ليذكرنا بأن بعض الأخطاء لا يمكن إصلاحها.
المصادر:
ـ الوكالة الدولية للطاقة الذرية
تقارير لسلامة النووية، وتحديثات الحوادث حول العالم.
ـ الصحة العالمية
تقارير نشر حول الآثار الصحية للإشعاع على الإنسان.
ـ سكاي نيوز
ـ بي بي سي عربي