
متابعة: بسنت عماد
فجّر الإعلام الإسرائيلي مفاجأة مدوّية بعدما نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت تحقيقًا موسعًا للخبير الاستخباراتي رونين بيرجمان، كشف فيه أن أشرف مروان، الذي طالما قُدّم في إسرائيل بوصفه “الجاسوس الأعظم”، لم يكن كما صُوِّر لعقود، بل كان جزءًا من خطة خداع استراتيجية وضعتها مصر وأربكت الحسابات في تل أبيب.
فبعد أكثر من نصف قرن من الجدل داخل الأوساط الاستخباراتية، قلبت الصحيفة العبرية الرواية رأسًا على عقب، حيث أكدت في عددها الصادر يوم الخميس 25 سبتمبر 2025 أن مروان لم يكن “الملاك” الذي خدع العرب كما روّجت إسرائيل، وإنما كان رأس الحربة في عملية تضليل مصرية محكمة سبقت اندلاع حرب أكتوبر 1973.
وفي التحقيق المنشور بملحق “7 أيام”، كتب بيرجمان اعترافًا واضحًا بأن مروان لعب دورًا أساسيًا في خداع أجهزة الأمن الإسرائيلية، قائلاً: “أشرف مروان ضلل إسرائيل، وكان جزءًا من خطة مصرية دقيقة مهدت لانتصار أكتوبر 73.”
هذا الاعتراف غير المسبوق من إحدى كبريات الصحف الإسرائيلية يُعد شهادة صريحة على براعة المخابرات المصرية وحنكة القيادة العسكرية والسياسية آنذاك، التي صاغت ونفذت واحدة من أذكى عمليات الخداع الاستراتيجي في التاريخ الحديث.
وبعد أن ظلّت إسرائيل تُصوّر مروان لعقود كـ”أفضل جاسوس خدمها”، جاء هذا الإقرار ليمنح المخابرات المصرية وسامًا جديدًا ويؤكد أن ما جرى لم يكن سوى جزء من خطة مصرية بارعة قادت إلى نصر أكتوبر العظيم.
وهكذا، تتحول أسطورة “الملاك الإسرائيلي” إلى شهادة مكتوبة بالعبرية تُقرأ في الحقيقة كوسام شرف على صدر المخابرات المصرية ورجالها، وتفتح صفحة جديدة من التاريخ تُكتب بالدموع في عيون خصومها.
الاعتراف الإسرائيلي، وإن جاء متأخرًا، يعيد ترتيب الأوراق في واحدة من أعقد ملفات الاستخبارات في الشرق الأوسط، ويضيف للمخابرات المصرية شهادة جديدة على تفوقها في إدارة معارك العقول جنبًا إلى جنب مع معارك الميدان.