الأخبارتقارير

تقرير استقصائي يتهم الحكومة الإسرائيلية بالإهمال في مواجهة الحرائق رغم التحذيرات المتكررة

متابعة: رحمه حمدى

نشرت صحيفة « تايمز أوف إسرائيل »، تقرير استقصائي شامل حول الإخفاقات المتتالية التي تترك إسرائيل عُرضة لكوارث حرائق الغابات، من تخفيضات ميزانية الإطفاء وتجاهل التحذيرات.. إلى التقارير الرسمية التي تكشف عن نقص حاد في الموارد.. وخبراء يحذرون من كوارث أكبر في ظل تغير المناخ في خضم موجة حرائق جديدة تجتاح المناطق المحيطة بالقدس، تتزايد الانتقادات الموجهة للحكومة الإسرائيلية بسبب تعاملها غير الجاد مع خطر حرائق الغابات، رغم سلسلة التحذيرات التي أطلقها الخبراء والمؤسسات الرقابية على مدار أكثر من عقد من الزمان. فقد كشفت التحقيقات عن سلسلة من القرارات المثيرة للجدل، شملت خفض ميزانية خدمات الإطفاء بمقدار “217 مليون شيكل (60 مليون دولار)” في مارس الماضي، في وقت تعاني فيه هذه الخدمات أصلاً من نقص حاد في الكوادر البشرية والمعدات الأساسية. كما تم الكشف عن تجاهل مجلس الأمن القومي الدعوات المتكررة لعقد جلسات طارئة لبحث استعدادات البلاد لمواجهة حرائق الغابات، حيث لم يتم تحديد موعد للاجتماع إلا بعد اندلاع الحرائق الحالية.

جذور الأزمة: من كارثة الكرمل إلى الإخفاقات المتتالية

تعود جذور هذه الأزمة إلى “ديسمبر 2010″، عندما أودى حريق هائل في غابة الكرمل قرب حيفا بحياة 44 شخص، وكشف عن إخفاقات كارثية في منظومة الإطفاء والإنقاذ. والمفارقة أن رئيس الوزراء “بنيامين نتنياهو” عرقل حينها تشكيل لجنة تحقيق حكومية مستقلة، وتم الاكتفاء بتقرير مراقب الدولة الذي تم إهمال توصياته لاحقاً. وبعد عامين، في “2012”، أصدر المراقب المالي “ميخا ليندنشتراوس” تقريراً صادماً كشف عن:

  • عدد رجال الإطفاء في إسرائيل لا يتجاوز “ربع العدد” في الدول المتقدمة ذات الحجم المماثل
  • أن أسطول سيارات الإطفاء أقل بكثير من المعايير الدولية
  • أن المخازن تحتوي فقط على “10%” من المواد المثبطة للحرائق المطلوبة

إصلاحات غير كافية وحرائق متكررة

بعد كارثة “الكرمل” التي استمرت 80 ساعة وأتت على “12,350 فداناً” من الغابات، تم اتخاذ بعض الإجراءات التصحيحية مثل:

– نقل مسؤولية مراكز الإطفاء من السلطات المحلية إلى إدارة وطنية موحدة

– إنشاء سرب إطفاء جوي لكن هذه الإجراءات لم تكن كافية لمنع كوارث لاحقة، حيث شهدت إسرائيل موجات حرائق كبيرة في:

– 2016: حرائق واسعة النطاق في مختلف أنحاء البلاد .

-2021: حرائق مدمرة في منطقة القدس.

– أبريل 2025: الحرائق الحالية التي ما زالت تلحق أضراراً جسيمة .

تحذيرات الخبراء: صرخات في واد

حذر خبراء البيئة والطوارئ مراراً من تفاقم خطر الحرائق بسبب:

– تغير المناخ وزيادة فترات الجفاف

– كثافة الغطاء النباتي الجاف

– نقص الموارد المخصصة لمكافحة الحرائق في هذا الصدد، قال “دوف غانم”، رئيس جمعية الإطفاء والإنقاذ الجوي: “أحذر منذ 18 عاماً من عدم استعداد الدولة لمواجهة حرائق ضخمة، وطلبت مراراً تعزيز الوسائل الجوية للإطفاء، لكن صناع القرار تعاملوا بلامبالاة.”

نقص مزمن في الموارد

كشف تقرير صادر عن “مركز الأبحاث البرلماني” في يوليو 2023 عن:

– عجز يصل إلى “29%” في أعداد مراكز الإطفاء

– نقص كبير في عربات الإطفاء (2400 عربة موجودة مقابل 3366 مطلوبة)

– اعتماد أسطول الطائرات على “14 طائرة إطفاء فقط”، وهو عدد غير كاف

قرارات مثيرة للجدل

كشف “تومر لوتان”، المدير السابق لوزارة الأمن العام، أن الحكومة ألغت صفقة لشراء طائرات “بلاك هوك” متعددة المهام، رغم الموافقة عليها سابقاً ضمن خطة وطنية لمكافحة الحرائق. واتهم وزير الأمن القومي “إيتامار بن غفير” بإعاقة المشروع بحجج وصفها بـ”غير الصحيحة”.

تقارير رقابية تكشف الإهمال

في يوليو 2024، أصدر مراقب الدولة “ماتانياهو إنجلمان” تقريراً صادماً كشف:

– أن هيئة الإطفاء حققت في “9% فقط” من الحرائق عام 2022

– أن “75%” من قضايا الحرق العمد أُغلقت دون محاسبة

– عدم وجود سياسات واضحة للتحقيق في الحرائق

الوضع الحالي: خسائر متتالية

سجلت الحرائق الحالية:
إصابة 12 من رجال الإطفاء، ونقل “18 مدنياً” إلى المستشفيات، وتدمرت مساحات شاسعة من الغابات، بالإضافة إلى نزوح سكاني .

تواجه إسرائيل سيناريو مرعب في ظل تغير المناخ، مع استمرار ارتفاع درجات الحرارة وتغير أنماط الطقس، يحذر الخبراء من، زيادة وتيرة وشدة الحرائق، وصعوبة أكبر في السيطرة عليها، وخسائر بشرية ومادية أكبر ، وكشفت الحرائق عن عدة أزمات داخلية تواجهها الحكومة الإسرائيلية، استمرار التقصير المؤسسي وعدم معالجة نقص رجال الإطفاء، البيروقراطية وتعطيل المشاريع الحيوية (مثل صفقة طائرات “بلاك هوك” للإطفاء).كما تواجه انقسام سياسي، فهناك خلافات بين الوزارات (الأمن القومي، والمالية، وحماية البيئة) على توزيع الموارد، وتضارب الأولويات بين الإنفاق العسكري ومكافحة الكوارث الطبيعية. بالإضافة للضغوط الجماهيرية من احتجاجات بسبب تقاعس الحكومة (كما حدث بعد حرائق 2021)، ومطالبات بتعويضات للمتضررين. كما تواجه إسرائيل ضغوط دولية واتهامات بتقاعسها عن الالتزام باتفاقيات المناخ مثل “اتفاقية باريس”، وصعوبة الحصول على مساعدات طوارئ دولية بسبب الوضع السياسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى