
إعداد: رحمه حمدى
في أعماق غابات تايلاند والبرازيل، تدور واحدة من أكثر المعارك غرابة في العالم الطبيعي: فطر Ophiocordyceps unilateralis الذي يحوّل النمل إلى “زومبي” تحت سيطرته الكاملة. هذه ليست خيالاً علمياً، بل عملية حقيقية من التلاعب السلوكي تُظهر كيف يمكن للطفيليات أن تتحكم في عوائلها ببراعة مروعة.
كيف يختطف الفطر عقل النملة؟
تلتصق جراثيم الفطر بجسم النملة من خلال ملامسة الأسطح الملوثة. تخترق الجراثيم جسد النملة وتبدأ في النمو، متجنبة الأعضاء الحيوية أولاً لتبقيها حية. بعد أيام، يفرز الفطر مركبات كيميائية تؤثر على دماغ النملة. تفقد النملة سيطرتها على حركتها وتبدأ في التصرف بشكل عشوائي.
يُجبر الفطر النملة على مغادرة مستعمرتها والتوجه إلى مكان مُحدد – عادةً ما يكون ورقة على ارتفاع مثالي. تعلق النملة بورقة بأسنانها في ظاهرة تُسمى “لقمة الموت” ثم تموت. ينمو الفطر من رأس النملة ويطلق جراثيم جديدة، مستهدفاً نملات أخرى.
لماذا يُعتبر هذا الفطر “عبقريًا”
– دقة التوقيت: يقتل النملة فقط بعد وصولها إلى الموقع المثالي لتكاثره.
– التحكم في السلوك: يجعل النملة تتصرف ضد غريزتها الأساسية في حماية المستعمرة.
– استهداف محدد: بعض سلالات الفطر متخصصة لأنواع معينة من النمل فقط
هل يمكن أن يصيب البشر؟
حتى الآن، لا يُصيب هذا الفطر البشر، لكنه يثير مخاوف العلماء لأن هناك فطريات أخرى (مثل Candida auris) تطور مقاومة للأدوية.دراسة عام 2022 أظهرت أن بعض الطفيليات يمكنها تغيير سلوك البشر أيضاً (مثل Toxoplasma gondii المرتبط بزيادة المخاطرة).
التطبيقات العلمية الغريبة
يُدرس هذا الفطر لفهم، التحكم في الدوائر العصبية (لمرضى الصرع). ويمكن صنع مضادات حيوية جديدة من مركباته الكيميائية. بالإضافة إلى آليات التطور التي تسمح لكائن بالسيطرة على آخر بهذه الدقة.
هذه الظاهرة تثبت أن الطفيليات يمكن أن تكون أكثر ذكاءً مما نعتقد. بينما نخشى الزومبي في الأفلام، فإن الحقيقة قد تكون مختبئة في غابة قريبة منك… على شكل فطر صغير ينتظر ضحيته التالية!