Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
مقالات

عمرو الريدي يكتب: قانون الإجراءات الجنائية الجديد… خطوة حاسمة نحو عدالة أسرع وضمانات أوسع

في خطوة تُعد من أهم محطات تطوير المنظومة القضائية في مصر، صدّق السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون الإجراءات الجنائية الجديد بعد موافقة مجلس النواب وزوال أسباب الاعتراض السابقة عليه. ويأتي هذا القانون تتويجًا لمسيرة طويلة من العمل التشريعي تهدف إلى تحديث القواعد المنظمة لسير العدالة الجنائية بما يتوافق مع متطلبات العصر وضمانات الدستور.

القانون الجديد يمثل نقلة نوعية في فلسفة العدالة الجنائية، إذ يوازن بين حقوق المتهم وضمانات المجتمع، ويستهدف تحقيق العدالة الناجزة دون الإخلال بحق الدفاع أو مبادئ المحاكمة العادلة. فقد ظلت مصر لعقود تطبّق قانونًا صدر في منتصف القرن الماضي، مما جعل التطوير أمرًا حتميًا لمواكبة التغيرات التشريعية والتكنولوجية التي فرضها الواقع الحديث.

أحد أبرز ملامح القانون الجديد هو تبسيط إجراءات التقاضي وتسريع الفصل في القضايا، بما يقلل من ظاهرة بطء العدالة التي كانت تمثل عبئًا على المتقاضين والمحاكم على حد سواء. كما تضمّن القانون تحديثًا جوهريًا في آليات التحقيق والمحاكمة، واعتمد بشكل موسع على الوسائل الإلكترونية في تبادل المحاضر والإخطارات والتوقيعات، بما يضمن الشفافية والدقة ويوفّر الوقت والجهد.

ولم يغفل المشرّع في القانون الجديد تعزيز الضمانات القانونية للمتهم والمجني عليه، حيث أقرّ نظامًا أكثر انضباطًا في أوامر الحبس الاحتياطي، وألزم جهات التحقيق بمدد محددة لا يجوز تجاوزها، مع التوسّع في بدائل الحبس الاحتياطي كالتدابير الاحترازية، الأمر الذي يعكس رؤية متوازنة بين حماية الحقوق الفردية وتحقيق الردع العام.

كما أولى القانون أهمية خاصة لحقوق المجني عليهم والمدعين بالحق المدني، من خلال تنظيم أوضح لإجراءات التعويض المدني وتبسيط طرق الطعن، بما يعزز الثقة في منظومة العدالة ويشجع على اللجوء إلى القضاء بدلًا من أي وسائل غير قانونية.

إن قانون الإجراءات الجنائية الجديد لا يُعتبر مجرد تعديل تشريعي، بل هو إعادة صياغة شاملة لآلية تحقيق العدالة في مصر، بما يجعلها أكثر سرعة وإنصافًا وملاءمة للتطور التشريعي العالمي. ومن المنتظر أن يُحدث تطبيق هذا القانون تحولًا ملموسًا في أداء جهات التحقيق والمحاكم، ويسهم في بناء بيئة قانونية حديثة تدعم التنمية والاستقرار.

وبينما تبدأ الجهات القضائية والنيابية في تطبيق أحكامه، تبقى المسؤولية مشتركة بين المشرّع والقاضي والمحامي والمواطن، لترسيخ ثقافة احترام القانون والإيمان بأن العدالة ليست فقط حكمًا يصدر، بل منظومة متكاملة تُرسخ الثقة بين الدولة والمجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى