الأخبار

شحاتة زكريا يكتب: حين تشتد العاصفة.. لا بد أن نحتمي بسفينتنا

في لحظات المصير لا يكون الصمت حيادًا بل خيانة، ولا يكون الانتظار حكمة بل ضعفا.
نحن الآن في قلب لحظة فارقة لا تحتمل التردد أو أنصاف المواقف، فالدولة المصرية تواجه ضغوطا غير مسبوقة ، تتداخل فيها ملفات السياسة والاقتصاد وتتقاطع فيها حدود الداخل والخارج، ويُراد فيها لمصر أن تنكسر أو تتراجع، لكنها دائما تختار أن تصمد.

ما تشهده الساحة الإقليمية ليس صدفة ولا فوضى عابرة بل إعادة رسم لخرائط النفوذ والتحالفات. ومصر تُستهدف في قلبها ليس لأنها ضعيفة بل لأنها آخر من بقي واقفا.
قوة دولية كبرى تسعى لإجبارها على فتح بوابات الشمال لتنفيذ مخطط قديم جديد اسمه الحقيقي “تصفية القضية الفلسطينية”، والمسمى الدبلوماسي”التهجير”. الهدف ليس حماية شعب غزة بل تحميل مصر عبئا تاريخيا وسياسيا وأمنيًا وتحويل سيناء إلى بديل للوطن الفلسطيني في جريمة لا تُمحى من ذاكرة التاريخ.

وفي الشمال يُعاد إشعال الجبهة السورية واللبنانية عبر ضربات مدروسة بهدف خلق طوق ناري يُحاصر مصر ويعزلها عن عمقها العربي. وعلى البحر الأحمر تتصاعد التهديدات التي تمس قناة السويس ، شريان الاقتصاد المصري. أما الغرب فلا يزال النزيف الليبي مستمرا دولة منقسمة صراعات داخلية وحدود طويلة مع مصر تُشكّل ثغرة إذا لم نغلقها باليقظة.

وفي الجنوب يشتعل السودان والحرب الأهلية هناك لا تنذر فقط بمأساة إنسانية بل بتهديد مباشر للأمن القومي المصري. فكل حدودنا تُختبر وكل أوراقنا تُضغط، وكل مساحة فراغ يحاول خصومنا ملأها بخططهم.

ولأن المعركة لا تُحسم بالسلاح وحده تُشن حرب موازية من نوع مختلف.. إعلامية ونفسية عبر جيوش إلكترونية ومنصات مدفوعة، هدفها التشكيك في كل إنجاز وتسخيف كل تماسك، وبث روح الانقسام والإحباط داخلنا.

لكن ما لا يفهمه هؤلاء أن مصر لا تُدار من الخارج ولا تُخضع ببيانات ولا بحملات. مصر التي واجهت عبر تاريخها ما هو أشد، تعرف جيدا متى تصمت ومتى تُعلن موقفها، ومتى تُراوغ ومتى تُصعّد. ومثلما رفضت الإملاءات في ملفات مصيرية، ترفض اليوم أن يُفرض عليها سيناريو لا يناسب أمنها أو كرامتها.

ورغم هذا الحصار المتعدد تظل مصر صامدة تنزف نعم لكنها لا تركع. تتألم لكنها لا تنكسر. لأن خلفها جيش هو درعها، وشعب لا يزال يعرف قيمة الوطن حين يشتد الزحف عليه.

الآن لا يملك أحد رفاهية الحياد. من يقف على سطح السفينة متفرجا حين تشتد العاصفة، يُهددها أكثر ممن يضربها من الخارج. على الجميع أن يُمسك بالدفة أن يسد الفتحات، أن يتمسك بالحبال. نعم لدينا أزمات داخلية وأوضاع اقتصادية صعبة لكننا لن نواجهها بالانسحاب بل بالتماسك.

هذه معركة بقاء لا معركة شعارات والمطلوب ليس هتافا ولا تصفيقا، بل وعيًا جماعيا بأن الوطن في خطر واللحظة تستدعي اصطفافا لا اختلافا.

فاصطفوا حول مصر من أجل البيت، والخبز، والولد. من أجل ما تبقى من الحلم وما نريد أن نورثه للغد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى