تقاريرسلايدر

في اليوم العالمي للشعوب الأصلية.. كيف حافظنا على هويتنا عبر آلاف السنين

إعداد: رحمه حمدى 

في التاسع من أغسطس من كل عام، يحتفي العالم باليوم الدولي للشعوب الأصلية، وهو مناسبة عالمية أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1994 بهدف التعريف بحقوق هذه الشعوب وتسليط الضوء على إسهاماتها الثقافية والحضارية. تأتي هذه المناسبة في وقت تواجه فيه العديد من المجتمعات الأصلية تهديدات حقيقية، تتراوح بين فقدان الأراضي والموارد الطبيعية، واندثار اللغات والتقاليد تحت وطأة العولمة والتحضر السريع.  

تضم الشعوب الأصلية ما يقرب من 476 مليون شخص حول العالم، يتوزعون على أكثر من 90 دولة، ويمثلون نحو 6.2% من سكان الكوكب. ورغم تنوعهم الجغرافي والثقافي، يجمعهم تاريخ طويل من الصمود في وجه محاولات الإقصاء والتهميش، مما يجعل هذا اليوم فرصة لإبراز نضالاتهم وإنجازاتهم.  

الشعوب الأصلية حول العالم: تنوع ثري وتحديات مشتركة

تعيش الشعوب الأصلية في مختلف القارات، من سكان أمريكا الأصليين (الهنود الحمر) في الولايات المتحدة وكندا، إلى قبائل الماوري في نيوزيلندا، وسكان أستراليا الأصليين، وصولًا إلى قبائل الأمازيغ في شمال أفريقيا والبدو في مناطق متفرقة من الشرق الأوسط. ورغم اختلاف ثقافاتهم، يواجهون تحديات متشابهة، مثل:  

– التهميش السياسي والاقتصادي: حيث تعاني العديد من هذه المجتمعات من نقص التمثيل في مؤسسات صنع القرار.  

– خسارة الأراضي: بسبب التوسع العمراني أو المشاريع الصناعية التي تهدد مصادر رزقهم التقليدية.  

– خطر الانقراض الثقافي:  حيث تختفي لغاتهم وعاداتهم بسرعة مع تقدم العولمة.  

مصر وشعبها الأصلي: استمرارية حضارية فريدة

عند مناقشة الشعوب الأصلية، لا يمكن تجاهل الحضارة المصرية القديمة، التي تُعد من أقدم الحضارات الإنسانية ذات الاستمرارية الثقافية. فالمصريون المعاصرون هم أحفاد شعب نشأ وترعرع على ضفاف النيل منذ آلاف السنين، وطور هوية مميزة ظلت حية رغم تعاقب العصور.  

أبرز مظاهر الاستمرارية بين الماضي والحاضر

اللغة والكتابة:  

   – رغم تحول اللغة المصرية القديمة إلى القبطية ثم العربية، إلا أن العديد من الكلمات المصرية القديمة ما زالت مستخدمة في اللهجة العامية المصرية، مثل كلمة “أمون” (التي تعني المخفي أو الخفي) و”توت” (التي تعني الصغير).  

   – كما أن فنون الخط والزخرفة المصرية القديمة ما زالت تلهم الفنون المعاصرة.  

الزراعة وعلاقة المصريين بالنيل:

   – اعتمد المصريون القدماء على فيضان النيل في زراعتهم، وهو تقليد استمر لآلاف السنين حتى بناء السد العالي.  

   – بعض الأدوات الزراعية التقليدية، مثل “الشادوف”، ما زالت تستخدم في بعض القرى المصرية.  

العادات والتقاليد:

   – احتفالات مثل “شم النسيم” لها أصول فرعونية واضحة، حيث كان القدماء يحتفلون ببداية الربيع.  

   – بعض العادات الجنائزية، مثل تقديم الطعام للأموات، تشبه إلى حد كبير الطقوس القديمة.  

الحرف والفنون:  

   – صناعة الفخار، النسيج، والحلي في صعيد مصر تحمل بصمات واضحة من التراث الفرعوني.  

   – الأغاني الشعبية في الريف المصري تحتفظ بإيقاعات شبيهة بالموسيقى المصرية القديمة.

التحديات التي تواجه التراث المصري الأصلي

رغم عمق التاريخ المصري، فإن بعض عناصر الهوية المصرية الأصلية تواجه تحديات، منها تأثير العولمة حيث تختفي بعض العادات لصالح أنماط حياة أكثر حداثة. ضعف التوثيق فالكثير من التقاليد الشفوية والمهارات الحرفية لم تُدوّن بشكل كافٍ. السياسات الثقافية تحتاج إلى مزيد من الاهتمام بإدراج التراث المصري في المناهج التعليمية والسياحة الثقافية. محاولات السرقة كالافروسنترك وسرقة الأكلات والفنون.

دور الدولة والمجتمع في الحفاظ على الهوية

في السنوات الأخيرة، ظهرت بعض المبادرات للحفاظ على التراث المصري، مثل مشروع “إحياء طريق حج القديم” الذي يربط بين التاريخ الإسلامي والفرعوني. جهود وزارة الآثار في توثيق اللغات واللهجات المصرية القديمة. تشجيع الحرف اليدوية عبر المعارض والمشاريع الصغيرة.  

لكن هذه الجهود تحتاج إلى تعزيز، خاصة في مجال التعليم، حيث يمكن إدراج فصول عن التراث المصري في المناهج الدراسية، أو إنشاء متاحف حية تعرض حياة المصريين القدماء بطرق تفاعلية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى