
كشف الجيش المصري مؤخرًا عن أول “رداء تمويه حراري” أو ما يُسمّى “رداء مضاد للمسيّرات / التتبع الحراري” يهدف لمساعدة الجنود على التخفي من طائرات الاستطلاع/الهجوم بدون طيار (درونات).
ما نعرفه عن الرداء
هذا الرداء عرض لأول مرة في جناح وزارة الإنتاج الحربي خلال معرض الصناعات الدفاعية EDEX 2025.
صُمّم خصّيصًا لتقليل «البصمة الحرارية» للجندي، أي أن حرارة جسم الجندي تكون أقل قابلية للكشف من خلال كاميرات الأشعة تحت الحمراء والاستشعار الحراري التي تركّب على بعض الدرونات.
الرداء مصنوع من نسيج مركّب متعدد الطبقات — يشمل ألياف صناعية ومواد نانوية — تساعد في امتصاص أو تشتيت الإشعاع الحراري المنبعث من جسم الإنسان.
الهدف ليس أن يجعل الجندي «مخفيًّا تمامًا» بالمعنى السحري، بل أن يقلل من احتمال رصده بمعنى أن يقلل من التوقيع الحراري بدرجة تجعل تتبعه أصعب.
أحدث هذا الكشف ضجة في الأوساط العسكرية لأن الصراعات الحديثة باتت تعتمد بشكل كبير على الدرونات سواء للاستطلاع أو الضرب كثير منها مجهّز بكاميرات حرارية أو استشعار حراري
التجربة في حروب مثل في أوكرانيا بيّنت أن تمويه “طيفي/حراري” صار عنصرًا جوهريًا في “حروب الاستشعار”.
بفضل هذا الرداء(إذا فُعِّل كما ينبغي)، ومع التكتيك والتمويه البيئي، وحدات مثل القنّاصين، الاستطلاع، العمليات الخاصة، وحتى مشاة في مساحات مكشوفة قد تقل لديهم فرص الرصد.
القيود أو الواقعية
الرداء لا يضمن «اختفاءً كاملًا» أو إمكانية القتال كأنك غير موجود — فقط يقلل من التوقيع الحراري (thermal signature).
فعاليته تعتمد كثير على البيئة المحيطة، على نوع الدرون، على ظروف الرصد، وعلى التكتيك المستخدم. التمويه ليس “ضمانة مطلقة”.
كذلك لا توجد حتى الآن — على ما يُعرَض في المصادر — بيانات علنية تثبت مدى نجاح هذا الرداء في ظروف قتالية حقيقية. الأداء في المعرض ليس دائمًا انعكاسًا للدخول في ميدان قتال.
أهمية الرداء
من الناحية التقنية
الرداء يعتمد على تمويه حراري، أي يقلل من البصمة الحرارية للجندي ليصبح أقل كشفًا عبر كاميرات الأشعة تحت الحمراء والطائرات المسيرة. هذا النوع من التمويه ليس اختراعًا جديدًا عالميًا — كثير من الجيوش حول العالم، مثل الولايات المتحدة وروسيا، يعملون على أقمشة وملابس مضادة للكشف الحراري منذ سنوات. فعاليته تعتمد على نوعية النسيج، درجة التباين الحراري مع البيئة، حركة الجندي، والظروف المناخية. أي أنه يقلل الاحتمال لكنه لا يمنع الرصد تمامًا.
من الناحية التكتيكية
في حروب الدرونات الحديثة، أي ميزة لتقليل الكشف الحراري تعتبر مهمة، خصوصًا للقنّاصين ووحدات الاستطلاع والعمليات الخاصة. الرداء يعطي الجندي ميزة نسبية، احتمال اكتشافه أقل من شخص عادي بنفس الظروف.
لكنه ليس سلاحًا سحريًا، إذا كانت الدرونات مزودة بأنظمة رؤية متعددة (مثلاً IR + بصري + رادار)، فالرداء وحده لا يكفي.
من الناحية الاستراتيجية
كشف الجيش المصري عن الرداء يعطي رسالة رمزية: الجيش يعمل على تقنيات متقدمة لمواجهة التهديدات الحديثة (الدرونات، الاستشعار الحراري).
لكن من منظور عالمي هذا الرداء لا يُحدث “قفزة نوعية” أو ثورة في الحروب، بل هو تحسين تدريجي للتقنيات المعروفة.
التغطية العالمية
رغم حضور إعلام عالمي لتغطية المعرض ككل فلا توجد أي مادة واضحة في وسائل أوروبية أو أميركية (حتى الآن) تركز على «رداء تمويه حراري مصري ضد الدرونات».
فلماذ لا يوجد تغطية غربية مميزة لهذا الرداء
1. الأخبار الغربية التي غطّت EDEX ركّزت أكثر على المسيرات (الدرونات) والأسلحة المضادة لها لأن هذا ما يهم جمهورهم (تجارة أسلحة، تهديدات أمنية، سوق دفاع).
2. الرداء الحراري رغم أهميته التكتيكية قد يُعتبر ضمن «تفاصيل تقنية تخصصية»، فلا يشكل مادة «خبر عريض» تجذب الاهتمام الدولي الكبير، مقارنة بمنظومات دفاع جوية، صواريخ، مسيرات.
3. غياب تأكيد مستقل أو اختبار ميداني يُظهر فعالية الرداء ربما يُقلّل من الاهتمام الغربي الإعلامي: الإعلام يفضل التقنيات التي أثبتت جدواها عمليًا، وليس فقط عرض نموذج أولي.
فمعرض EDEX 2025 لَفَت انتباه وسائل إعلام عالمية، لكن تغطيتها اقتصرت على السعي التجاري للدرونات وأنظمة مكافحة الدرونات، دون التركيز على الرداء الحراري المصري تحديدًا.
لماذا نحتفي به في مصر
صناعة محلية بالكامل:
مصر الآن تصنع رداء تمويه حراري ضد الدرونات بنفسها، بدون الاعتماد على استيراد من الخارج. في عالم الدفاع، القدرة على تطوير تقنيات محلية تعني استقلالية استراتيجية فأنت لست مضطر للشراء أو انتظار تكنولوجيا أجنبية.
رسالة رمزية / سياسية:
عرض الرداء في معرض EDEX 2025 يعطي صورة للعالم: الجيش المصري قادر على ابتكار حلول حديثة لمواجهة تهديدات الدرونات، وليس فقط شراء أسلحة جاهزة.
المجتمع المصري يراها “نقلة” لأنها توحي بأن مصر دخلت ساحة التكنولوجيا الدفاعية الحديثة على مستوى التطوير المحلي، وهذا دائمًا يثير الانتباه.
تعزيز الثقة المحلية والدولية:
داخليًا، يعطي ثقة للمواطن والجيش أن هناك ابتكار محلي. دوليًا، يعكس قدرة مصر على المنافسة في سوق الدفاع، خاصة في تقنيات الدرونات ومكافحة الدرونات.
مهما كانت فعالية الرداء محدودة تكتيكيًا مقارنة ببعض التجارب العالمية، الأهم ليس الأداء وحده، بل أن مصر أصبحت قادرة على تصميم وإنتاج هذه التقنية بنفسها.
الخطوة تعتبر نقلة نوعية لأنها تجمع بين الابتكار المحلي، الاستقلالية الدفاعية، والقدرة على مواجهة تهديدات حديثة.



