
اعداد: بسنت عماد
تتميز مصر بطبيعة جيولوجية غنية، وبنية تحتية متطورة، ومصادر طاقة متنوعة، وتشريعات محفزة، وهو ما يضعها في موقع تنافسي قوي على خريطة الاستثمار التعديني عالميًا.
وتستعد هيئة الثروة المعدنية في مصر لإطلاق مشروع مسح جوي شامل للبحث عن المعادن، في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ أكثر من أربعة عقود، ضمن استراتيجية شاملة لتطوير قطاع التعدين وتعزيز مكانة مصر على خريطة الاستثمار التعديني عالميًا.

مسوح جيولوجية سابقة
سبق أن أُجريت في مصر عدة مسوح جيولوجية وجيوفيزيائية هامة، أسفرت عن إنشاء قاعدة بيانات غنية بالتراكيب المعدنية والجيولوجية:
في الخمسينيات والستينيات، بدأت أعمال المسح الجيولوجي الأساسي لوضع الخريطة الجيولوجية الوطنية.
في السبعينيات والثمانينيات، تم تنفيذ مسح جوي واسع النطاق، خاصة في الصحراء الشرقية، باستخدام تقنيات استشعار عن بعد ومغناطيسية أرضية.
خلال التسعينيات والألفية الجديدة، شهدت مصر تحديث هذه البيانات باستخدام نظم المعلومات الجغرافية (GIS) بالتعاون مع مؤسسات دولية.
وتُعد هذه القاعدة اليوم من أهم أدوات جذب المستثمرين، حيث توفر مرجعية دقيقة عن مناطق الثروات المعدنية.

تقنيات حديثة للمسح الجوي
يعتمد المسح على استخدام طائرات مزودة بأجهزة استشعار متقدمة “مغناطيسية، إشعاعية، وكهرومغناطيسية” للكشف عن الشذوذات الجيولوجية التي تشير إلى وجود معادن مثل الذهب والنحاس والحديد والفوسفات.
وتُعد هذه الطريقة أكثر كفاءة وسرعة مقارنة بالمسوح الأرضية، وتستخدم كمرحلة تمهيدية قبل التنقيب التفصيلي.

المناطق المستهدفة في المسح الجديد
لم تُعلن بعد المناطق الدقيقة التي سيشملها المسح، لكن يُتوقع أن يبدأ في الصحراء الشرقية ومناطق الدرع النوبي، نظرًا لغناها الجيولوجي.
وتشير الدراسات السابقة إلى وجود تركيزات عالية من الذهب والفوسفات والمعادن الثقيلة في مناطق مثل أبو مروات ووادي العلاقي وسيناء.

مشروع محفز للاستثمار المحلي والأجنبي
يمثل المسح الجوي جزءًا أساسيًا من خطة الدولة لجذب الاستثمارات، من خلال تقديم بيانات دقيقة تساعد الشركات على تقييم فرص التنقيب وتقلل من المخاطر الاستثمارية. ويُعد هذا المشروع جزءًا من منظومة أوسع تهدف إلى:
ـ تحسين بيئة الاستثمار.
ـ فتح السوق أمام كبرى الشركات العالمية والمحلية.
ـ دعم الشفافية وتوفير معلومات موثوقة لاتخاذ قرارات استثمارية فعالة.

استغلال الذهب والمعادن
بدأت مصر منذ ديسمبر الماضي في تطبيق إطار تنظيمي جديد لاستغلال الذهب والمعادن، وتم توقيع اتفاقيات مع عدد من كبرى الشركات العالمية، تمهيدًا لتفعيلها رسميًا، يهدف هذا الإطار إلى جعل مصر وجهة مفضلة للاستثمار التعديني.
منظومة تراخيص موحدة وسريعة
شهد قطاع التعدين مؤخرًا تحولًا تنظيميًا مهمًا من خلال توحيد جهة إصدار التراخيص، بحيث تشمل ممثلين من مختلف الوزارات والجهات المعنية، مما يضمن تسريع الإجراءات وتسهيل دخول المستثمرين وبدء تنفيذ المشروعات بسرعة.

المقومات الجيولوجية والبنية التحتية
تتميز مصر بتنوع جيولوجي كبير، حيث تنتشر المعادن في مناطق متعددة من البلاد:
الصحراء الشرقية: الذهب منجم السكري، المثلث الذهبي، وادي العلاقي، النحاس، الحديد، الكروم، المنجنيز، الباريت، الرمال السوداء.
الصحراء الغربية: الرمال البيضاء في وادي الدخل، ورواسب الحديد في الواحات البحرية.
شبه جزيرة سيناء: رواسب النحاس في سرابيط الخادم وفيران.
مناطق أخرى: الفوسفات في أبو طرطور، الحجر الجيري في المثلث الذهبي، الرمال السوداء على الساحل الشمالي.

نموذج عمل جديد لهيئة الثروة المعدنية
تحولت هيئة الثروة المعدنية إلى هيئة اقتصادية تعمل بنموذج متطور يواكب أفضل الممارسات العالمية، بما يضمن تطوير منظومة التراخيص، وزيادة كفاءة الأداء، وتحقيق نتائج ملموسة لصالح الدولة والمستثمرين.
المصادر
ـ بيانات وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية.
ـ تقارير عن هيئة الثروة المعدنية.
ـ دراسات سابقة من مشروع الخريطة الجيولوجية لجمهورية مصر العربية (بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي – UNDP).



