الأخبارتقارير

توابع فضيحة “سيجنال” لم تنته بعد

إعداد: رحمه حمدى

تصاعدت فضيحة أمنية خطيرة في الولايات المتحدة بعد كشف رئيس تحرير مجلة “ذا أتلانتيك”، “جيفري جولدبرج”، عن تسريب غير مقصود لمعلومات سرية تتعلق بخطط عسكرية أمريكية ضد “أنصار الله في اليمن”، عبر محادثة جماعية على تطبيق “سيجنال” ضمّت كبار مسؤولي إدارة ترامب.

أوضح “جولدبرج” أنه قد تمت إضافته بالخطأ إلى مجموعة مراسلة على تطبيق “سيجنال” من قبل “مايكل والتز”، مستشار الأمن القومي لترامب، حيث ناقش المسؤولون الأمريكيون تفاصيل غارات جوية سرية على اليمن، شارك في المحادثة كلاً من: –

مايكل والتز: مستشار الأمن القومي (منشئ المجموعة).

بيت هيجسيث: وزير الدفاع الأمريكي.

جي.دي. فانس: نائب الرئيس.

جون راتكليف: مدير المخابرات السابق.

ستيفن ميلر: المستشار المقرب لترامب.

تفاصيل الخطّة العسكرية المسرّبة

ناقش المسؤولون توقيت الضربة وأهدافها، حيث اعترض “فانس” قائلاً: – 3% من التجارة الأمريكية تمر عبر قناة السويس، و40% من التجارة الأوروبية تمر عبرها. هناك خطرٌ حقيقيٌّ ألا يفهم الجمهور هذا أو سبب ضرورته. السبب الأقوى للقيام بذلك، كما قال رئيس الولايات المتحدة، هو توجيه رسالة ”ثم أضاف “لستُ متأكداً من أن الرئيس يُدرك مدى تناقض هذا مع رسالته بشأن أوروبا في الوقت الحالي. هناك خطرٌ إضافيٌّ من أن نشهد ارتفاعاً مُتوسّطًا إلى حادٍّ في أسعار النفط. أنا على استعدادٍ لدعم إجماع الفريق، وسأحتفظ بهذه المخاوف لنفسي. ولكن هناك حُجّةٌ قويةٌ لتأجيل هذا الأمر شهراً، والعمل على صياغة رسالةٍ تُوضّح أهمية هذا الأمر، ودراسة وضع الاقتصاد، وما إلى ذلك.” “إذا كنتَ تعتقد أننا يجب أن نفعل ذلك، فلنفعل.

وأضاف “أنا ببساطة أكره إنقاذ أوروبا مجدداً.” (جادلت الإدارة بأن حلفاء أمريكا الأوروبيين يستفيدون اقتصادياً من حماية البحرية الأمريكية لممرات الشحن الدولية)”

ليرد “هيجسيث” بعد ثلاث دقائق: -“نائب الرئيس: أشاركك تماماً كراهيتك للاستغلال الأوروبي. إنه لأمرٌ مُثير للشفقة. لكن مايك مُحق، نحن الوحيدون على هذا الكوكب القادرون على فعل ذلك. لا أحد غيرنا يُقارن بنا. المسألة تتعلق بالتوقيت. أشعر أن الآن هو الوقت المُناسب أكثر من أي وقت مضى، في ظل توجيهات رئيس الولايات المتحدة بإعادة فتح ممرات الشحن. أعتقد أننا يجب أن نغادر؛ لكن لا يزال لدى رئيس الولايات المتحدة 24 ساعة لاتخاذ القرار.”

و قبل ساعتين من الضربة، أرسل “هيجسيث” رسالة تحتوي على أنواع الأسلحة المستخدمة، والأهداف المحددة، والتوقيت الدقيق للهجوم (1:45 مساءً بتوقيت واشنطن). وبالفعل، في الموعد المحدد، سُمعت انفجارات في صنعاء.

احتفل المسؤولون بعد الضربة، وهنأ بعضهم بعضًا، حيث وصف “والتز” العملية بـ”المذهلة”، بينما كتب “راتكليف”: “بداية جيدة”، مع استخدام رموز تعبيرية مثل “🇺🇸” و”🔥”.

الفضيحة الثانية..، تسريبات إضافية

لم تهدأ الفضيحة الأولى حتى كشفت نيويورك تايمز و CNN أن “هيجسيث” شارك المعلومات نفسها في مجموعة أخرى على “سيجنال” ضمت: زوجته وهي صحافية سابقة في شبكة “فوكس نيوز”، ليست موظفة في وزارة الدفاع، وشقيقه ومحاميه يشغلان مناصب داخل وزارة الدفاع،”فضلا عن نحو عشرة أشخاص من أوساطه الشخصية والمهنية”.

الردود الرسمية: بين النفي والتبرير

نفى المتحدث باسم البنتاجون “شون بارنيل” استخدام هيجسيث لـ”سيغنال”، قائلًا: “الوزير لم يستخدم التطبيق قط على أجهزته الرسمية.” – لكنه أكد أن “قنوات الاتصال السرية تخضع لبروتوكولات أمنية مشددة.”، بينما ادّعت المتحدثة باسم البيت الأبيض “كارولين ليفيت” أن “سيجنال” تطبيق معتمد للاستخدام الحكومي”، رغم عدم تصنيفه كوسيلة آمنة للمعلومات السرية.

•على الطرف الآخر هناك موجة من الانتقادات والمطالبات بالتحقيق والمحاسبة من أعضاء المعارضة الأمريكية

1. النواب الديمقراطيون: – النائبة فال هويلي: انضمت إلى 69 من زملائها الديمقراطيين في مجلس النواب، داعيةً إلى استقالة هيجسيث، معتبرةً أن تسريب المعلومات عبر “سيجنال” يشكل تهديدًا للأمن القومي. – النائبة سارة جاكوبس: وصفت الحادثة بأنها “خطأ فادح” وطالبت بإجراء تحقيق فوري في لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب. – النائب كريس دي لوزيو: اعتبر أن الحادثة “فضيحة تهدد الأمن القومي”، مطالبًا بمحاسبة المسؤولين عنها.

2. السيناتور الديمقراطي مارك كيلي: في مقابلة مع NPR، وصف السيناتور مارك كيلي الحادثة بأنها “إهمال جسيم”، مؤكدًا أن مثل هذه الأفعال قد تعرض حياة الجنود الأمريكيين للخطر.

3. السيناتور إليزابيث وارن: دعوة للاستقالةفي حديثها مع Bloomberg، طالبت السيناتور إليزابيث وارن، هيجسيث، بالاستقالة، معتبرةً أن الحادثة “غير قانونية وخطيرة”، وأنها تكشف عن “عدم كفاءة” المسؤولين في التعامل مع الأمن القومي.

4. السيناتور تامي داكويرث: وصفت السيناتور تامي داكويرث هيجسيث بأنه “أكثر وزير دفاع غير مؤهل في التاريخ”، معتبرةً أن تسريب خطط الحرب عبر “سيجنال” يظهر “عدم كفاءة” الإدارة الحالية.

5. السيناتور مارك وارنر:في جلسة استماع، طالب السيناتور مارك وارنر بالتحقيق في الحادثة، مشيرًا إلى أن المسؤولين المعنيين فشلوا في “القيام بالحد الأدنى من إجراءات الأمان”، وأن الحادثة تكشف عن “إهمال جسيم” في التعامل مع المعلومات الحساسة.

6. السيناتور جاك ريد: انتقادات شديدةفي مقابلة مع NPR، وصف السيناتور جاك ريد الحادثة بأنها “خطأ أساسي” من قبل مسؤولين كبار، مؤكدًا أن هيجسيث يثبت “عدم كفاءته” في إدارة البنتاجون.

-أمّا “المفتش العام للبنتاجون” فقد فتح تحقيقًا حول مشاركة هيجسيث للمعلومات، وطالب أعضاء في مجلس الشيوخ بالتحقيق في انتهاكات الأمن القومي.

داخلياً أطلق المفتش العام لوزارة الدفاع الأمريكية تحقيقاً رسمياً، في 3 ابريل 2025، بعد طلب من لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، يواجه المسؤولون اتهامات عدة من بينها الانتهاكات القانونية والأمنية لاستخدام تطبيق غير آمن لمناقشة عمليات سرية، وتسريب غير مقصود بإضافة صحفي إلى المحادثة، وانتهاك قانون السجلات الفيدرالية بعد حذف بعض الرسائل، بالإضافة إلى كشف الأسرار العسكرية لأطراف غير مصرح لهم، وازدواجية معايير ترامب بعد مهاجمته لهيلاري كلينتون بسبب استخدامها لبريد إلكتروني غير آمن، وتهديد الأمن السيبراني الأمريكي بسبب إهمال كبار المسؤولين.في20 ابريل 2025، أُقيل ثلاثة مسؤولين كبار في البنتاجون بعد منحهم إجازة “إجبارية” بسبب مزاعم إفشاء وتسريب معلومات غير مصرح بها، وهم، “دارين سيلنيك” نائب رئيس موظفي هيغسيث، “دان كالدويل” كبير مستشاريه، “كولين كارول” كبير موظفي نائب الوزير، واستنكر الثلاث مستشارين ما وصفوه بـ”الهجمات التي لا أساس له” في بيان مشترك مُوّقع نشروه عبر منصة “X” على حساب “دان كالدويل”

“بيان مشترك من دان كالدويل وكولين كارول ودارين سيلنيك: نشعر بخيبة أمل شديدة إزاء الطريقة التي انتهت بها خدمتنا في وزارة الدفاع. لقد شوه مسؤولون في البنتاجون، لم يُكشف عن هويتهم، سمعتنا بهجمات لا أساس لها من الصحة قبل مغادرتنا. لقد خدمنا نحن الثلاثة بلدنا بشرف بالزي العسكري – وشمل ذلك، بالنسبة لاثنين منا، الانتشار في حربي العراق وأفغانستان. وبناءً على خدمتنا الجماعية، فإننا ندرك أهمية أمن المعلومات وعملنا بجدٍّ لحمايته. في هذا الوقت، لم يتم إخبارنا بعد بما تم التحقيق معنا بشأنه بالضبط، أو ما إذا كان لا يزال هناك تحقيق جارٍ، أو ما إذا كان هناك تحقيق حقيقي في “التسريبات” أصلاً. وبينما كانت هذه التجربة غير مقبولة، فإننا نواصل دعم مهمة إدارة ترامب-فانس في إعادة بناء البنتاجون وتحقيق السلام من خلال القوة. ونأمل في المستقبل أن ندعم هذه الجهود في مجالات مختلفة.

“في 22 ابريل 2025، صرّح البنتاجون أن نتائج التحقيق قد تحال إلى وزارة العدل الأمريكية، مما قد يؤدي إلى ملاحقات قانونية ضد المسؤولين المتورطين .تُظهر الفضيحة ثغرات أمنية خطيرة في تعامل الإدارة الأمريكية مع المعلومات السرية، خاصةً في ظل اتهامات سابقة لترامب بإهمال البروتوكولات الأمنية، ويرى مراقبون أن الواقعة قد تُستخدم سياسيًا ضد ترامب في حملته الانتخابية المحتملة، بينما يُتوقع أن تفتح تحقيقًا رسميًا واسعًا في البنتاجون. يذكر أنّه، في 15 مارس 2025، شنت الولايات المتحدة سلسلة من الضربات الجوية والبحرية الواسعة على مواقع تابعة لحركة أنصار الله الحوثيين في اليمن، وذلك في إطار عملية عسكرية أطلق عليها اسم “الراكب الخشن”. تُعد هذه الحملة من أكبر العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط منذ تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة.حيث أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن الضربات تهدف إلى استعادة الأمن في البحر الأحمر، الذي تعطلت الحركة التجارية فيه لعدة أشهر بسبب هجمات الحوثيين على السفن التجارية والعسكرية واستهداف السفن الإسرائيلية، في سياق تصعيد أمريكي ضد إيران والحوثيين. ورغم الأهداف المعلنة، فإن هذه العمليات أثارت ردود فعل متباينة، بما في ذلك الخسائر البشرية والتوترات الإقليمية المستمرة.

 

   

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى