Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقاريرسلايدر

بعد أمريكا.. ماذا يعنى دخول الصين عالم تصنيع وامتلاك حاملات الطائرات بنظام إطلاق كهرومغناطيسي

إعداد: رحمه حمدى

بعد أيام من حفل تدشين كبير أشرف عليه الرئيس الصيني شي جين بينج، دخلت حاملة الطائرات الصينية الأكثر تقدما، فوجيان، الخدمة 

وتُعد فوجيان حاملة الطائرات الثالثة في البلاد، وهي مجهزة بمنجنيقات كهرومغناطيسية تسمح بإطلاق الطائرات بسرعات أعلى.

دخول حاملة الطائرات الخدمة الفعلية يعد بمثابة خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة للصين، التي أصبحت تمتلك الآن أكبر بحرية في العالم من حيث عدد السفن. 

وبحسب وسائل إعلام رسمية، فإن حاملة الطائرات “فوجيان” قادرة على إطلاق ثلاثة أنواع مختلفة من الطائرات باستخدام منجنيقها الكهرومغناطيسي وسطح الطيران المسطح.

وتستطيع السفينة المصنعة محليا حمل طائرات محملة بأسلحة أثقل وأحمال وقود حتى تتمكن من ضرب أهداف العدو من مسافة أكبر، ما يجعلها أقوى من حاملتي الطائرات الأوليين للصين، لياونينج وشاندونج.

كانت الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تصنع وتمتلك حاملة طائرات مزودة بنفس نظام الإطلاق الكهرومغناطيسي الموجود في فوجيان قبل الصين.

أقيم حفل تشغيل فوجيان في مقاطعة هاينان الجنوبية يوم الأربعاء، حيث قام شي بجولة على سطح السفينة لسماع المزيد من التفاصيل حول أدائها في البحر.

وزعمت وسائل الإعلام الرسمية أن شي اتخذ شخصيا قرارا باعتماد تكنولوجيا المنجنيق الكهرومغناطيسي. و تعد فوجيان، “إنجازا كبيرا” في تطوير البحرية الصينية.

مزايا أنظمة الإطلاق الكهرومغناطيسية

· دعم نطاق أوسع من الطائرات: يمكن لنظام الإطلاق الكهرومغناطيسي إطلاق طائرات أثقل وزنًا وأصغر حجمًا مقارنةً بمنظومات القذف البخارية.

· تصميم أكثر إحكاما: النظام أكثر إحكاما من أنظمة القذف البخارية.

· تقليل استهلاك المياه العذبة: النظام الكهرومغناطيسي لا يحتاج إلى مياه عذبة، مما يوفر مساحة ويقلل الوزن على السفينة.

· القدرة على إطلاق مقاتلات الجيل الخامس: أجرت “فوجيان” أول عملية إطلاق تشغيلية في العالم لمقاتلة متخفية من الجيل الخامس، “شنيانغ جي-35″، باستخدام المنجنيق الكهرومغناطيسي.

في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين، كانت البحرية الأمريكية تستخدم المنجنيق البخاري بشكل حصري تقريباً، لكن مع تطور طائراتها لتصبح أثقل (مثل مقاتلة F-14 Tomcat) وخططها لإدخال طائرات بدون طيار، أدرك المهندسون العسكريون قيود النظام البخاري (عدم الدقة، الإجهاد على هيكل الطائرة، عدم القدرة على إطلاق الطائرات الخفيفة).

 بدأت(معاهد الأبحاث) التابعة للبحرية الأمريكية، بالتعاون مع شركات دفاعية مثل “جنرال أتوميكس” ، في دراسة جدوى استخدام المحرك الخطي الكهرومغناطيسي كبديل للمنجنيق البخاري، كان الهدف الأساسي خلق نظام إطلاق أكثر قوة، أكثر تحكماً، وأكثر تنوعاً يمكنه التعامل مع الجيل القادم من الطائرات.

التطوير والتحول إلى واقع: تسعينيات القرن العشرين – 2017

 في1990 بدأت البحرية الأمريكية و “جنرال أتوميكس” برنامج تطوير مكثف لنظام EMALS. وفي عام 2004 تم بناء منشأة اختبار أرضية في قاعدة “ليك هيرست” البحرية في نيوجيرسي لاختبار النظام بشكل مكثف.· في 2010 بدأ تركيب النظام على أول حاملة طائرات من فئة “فورد” ، وهي USS Gerald R. Ford (CVN-78).

· 2017: أجرت USS Gerald R. Ford أول عملية إطلاق ناجحة للطائرات باستخدام EMALS بشكل رسمي، معلنة بذلك بدء عصر جديد لحاملات الطائرات.

الفكرة والتوجه العام

حاملة الطائرات الصينية فوجيان تمثل نقلة استراتيجية كبرى لبكين، فهي أول حاملة تُبنى محلياً بالكامل وتستخدم أنظمة إطلاق طائرات متطورة، ما يعكس انتقال الصين من مرحلة التقليد إلى مرحلة المنافسة المباشرة.

أما الأمريكية جيرالد فورد، فهي ذروة التكنولوجيا البحرية الغربية، صُممت لتكون أساس هيمنة البحرية الأمريكية لعقود، مع دمج تكنولوجيا متطورة لتقليل الطاقم وزيادة كفاءة التشغيل.

 نظام الإطلاق والتقنيات

تتميز فوجيان باستخدام نظام الإقلاع الكهرومغناطيسي للطائرات (EMALS) — وهي المرة الأولى التي تستخدم فيها الصين هذه التقنية — وهو نفس النظام المستخدم في جيرالد فورد. هذا النظام يمنح الطائرات قدرة على الإقلاع بوزن أكبر وسرعة أعلى مقارنة بالقفزات التقليدية.

لكن من حيث الكفاءة والموثوقية، ما تزال النسخة الأمريكية أكثر تقدماً من حيث الاستقرار والأداء العملي، بفضل سنوات التجربة والاختبار، في حين أن الصين ما زالت في بداية تشغيلها التجريبي للنظام.

 الحجم والإزاحة

جيرالد فورد أضخم بكثير، إذ تبلغ إزاحتها نحو 100 ألف طن، بينما تبلغ إزاحة فوجيان قرابة 80 ألف طن.

هذا الفارق يمنح الحاملة الأمريكية قدرة على استيعاب عدد أكبر من الطائرات والوقود والذخائر، ما يجعلها أكثر قدرة على خوض عمليات طويلة المدى في أعالي البحار.

القوة الجوية

تحمل جيرالد فورد عادة ما بين 75 إلى 90 طائرة متنوعة (مقاتلات F/A-18 وF-35C وطائرات إنذار مبكر وحوامات).

أما فوجيان، فمن المتوقع أن تحمل 50 إلى 60 طائرة، تشمل النسخة الصينية من المقاتلة الشبحية J-35 وطائرات إنذار مبكر وطائرات بدون طيار في المستقبل، مما يعكس توجه الصين لتطوير جناح جوي متكامل لكنه لا يزال في مرحلة التطوير مقارنة بالأمريكي.

منظومات الطاقة والتسليح

تعمل جيرالد فورد بالطاقة النووية، ما يمنحها قدرة على الإبحار لعقود دون إعادة التزود بالوقود، ويتيح لها مدى عملياتي شبه غير محدود.

في المقابل، فوجيان تعمل بوقود تقليدي (ديزل وتوربينات بخارية)، مما يحدّ من مدى عملها ويجعلها تعتمد على سفن دعم لوجستي في المهام الطويلة.

الأبعاد الاستراتيجية

بالنسبة للولايات المتحدة، جيرالد فورد ليست مجرد حاملة، بل مركز قيادة متحرك يرمز للهيمنة البحرية الأمريكية.

أما بالنسبة للصين، فإن فوجيان هي إعلان دخول إلى “نادي الكبار” في البحر، ورسالة واضحة على أن البحرية الصينية باتت قادرة على العمل بعيداً عن شواطئها والدفاع عن مصالحها عبر المحيطين الهندي والهادئ.

لماذا تبنى الصينيون الفكرة لاحقاً؟

بعد أن رأت الصين التطورات الأمريكية في هذا المجال، أدركت أيضاً مزايا النظام الكهرومغناطيسي. قامت بتطوير نسختها الخاصة (بشكل مستقل حسب ما تعلنه) وطبقتها على حاملتها الجديدة “فوجيان” ، مما جعلها ثاني دولة في العالم تستخدم هذه التكنولوجيا المتطورة عملياً.

 تداعيات دخول حاملة الطائرات الصينية “فوجيان” الخدمة

يمثل دخول حاملة الطائرات الصينية نقطة تحول استراتيجية كبرى للصين وللتوازنات العسكرية العالمية، وليس مجرد إضافة عسكرية روتينية.

 من الناحية التكنولوجية: بلوغ “القمة التكنولوجية”

كانت أمريكا تحتكر هذه التكنولوجيا المتطورة (الإطلاق الكهرومغناطيسي) لسنوات. دخول “فوجيان” الخدمة يعني كسر الاحتكار الأمريكي وإثبات أن الصين أصبحت قادرة على تطوير وتصنيع نفس المستوى التكنولوجي المعقد.

بناء حاملة طائرات بهذه المواصفات ليس أمراً بسيطاً. فهو يتطلب:

  · تكنولوجيا متطورة: في الأنظمة الكهربائية، وأنظمة التحكم، والمواد.

  · قدرة هندسية ضخمة: لدمج كل هذه الأنظمة المعقدة في منصة واحدة متجانسة.

  · ابتكار محلي: على عكس حاملاتها السابقة التي اعتمدت على تصميمات روسية، فإن “فوجيان” هي تصميم صيني خالص من البداية للنهاية، مما يؤكد على الاستقلال التكنولوجي.

من الناحية العسكرية: قوة إسقاط غير مسبوقة

· من “الدفاع الساحلي” إلى “القوة الزرقاء”: حاملات الطائرات الصينية الأولى كانت محدودة المدى والقدرة، وتهدف بشكل رئيسي إلى حماية السواحل الصينية. ولكن “فوجيان” تمنح البحرية الصينية قدرة هجومية بعيدة المدى حقيقية.

· إسقاط القوة في أي مكان: تعني حاملة الطائرات أن الصين يمكنها نشر سلاح الجو الخاص بها (المقاتلات، أنظمة الإنذار المبكر) في محيط أي منطقة في العالم، دون الحاجة إلى قواعد برية. هذا يمنحها نفوذاً وقدرة على ردع الخصوم في محيطها الإقليمي (مثل بحر الصين الجنوبي، مضيق تايوان) وحتى في المحيطين الهندي والهادئ.

· تفوق نوعي: قدرتها على إطلاق طائرات متنوعة، خاصة المقاتلة الشبح J-35 (المقابلة للـ F-35 الأمريكية)، تعني أن أي حاملة طائرات صينية ستكون محمية بدرع جوي متقدم وتملك قوة ضاربة يصعب مواجهتها.

من الناحية الاستراتيجية والجيوسياسية: تحدي الهيمنة الأمريكية

· إرسال رسالة واضحة: “فوجيان” هي تجسيد لطموحات الصين كقوة عظمى. إنها رسالة مباشرة إلى الولايات المتحدة وحلفائها مفادها أن المحيط الهادئ لم يعد “بحيرة أمريكية”، وأن هناك منافساً جديداً على القيادة العالمية.

· تغيير ميزان القوى الإقليمي: خاصة في النزاعات الإقليمية الحساسة مثل:

  · تايوان: وجود حاملة طائرات متطورة يغير بشكل جذري الحسابات العسكرية حول الجزيرة، ويمنح الصين خيارات أكثر في أي سيناريو تدخل.

  · بحر الصين الجنوبي: ستستخدم الصين “فوجيان” لتأكيد سيطرتها على الجزر الاصطناعية والمياه المتنازع عليها.

· المنافسة على القيادة التكنولوجية: نجاح الصين في هذا المجال يثبت أن المنافسة مع الولايات المتحدة لم تعد اقتصادية وعسكرية فقط، بل هي منافسة على الريادة التكنولوجية في أهم الأنظمة العسكرية.

دخول “فوجيان” الخدمة لا يعني مجرد أن الصين أصبحت لديها حاملة طائرات ثالثة فحسب، بل يعني أن الصين قد انتقلت من دولة تتبع التكنولوجيا إلى دولة رائدة فيها، وأنها تمتلك الآن أدوات عسكرية تمكنها من تحدي الهيمنة الأمريكية مباشرة، وإعادة تشكيل البيئة الأمنية في منطقة الهندي-الهادئ، والتصرف كقوة عظمى حقيقية على المسرح العالمي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى