Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقاريرسلايدر

برلمان مُعطل.. ورئيس وزراء يستقيل ليعود في أيام.. ماذا يحدث في باريس؟

إعداد: رحمه حمدى

تشهد فرنسا أزمة سياسية حادة إثر تقديم رئيس الوزراء، سيباستيان ليكورنو، استقالته بعد 27 يومًا فقط من توليه المنصب، وهي الرابعة خلال 12 شهرًا. جاءت الاستقالة غير المتوقعة بعد ساعات فقط من تشكيل حكومته الجديدة، مما يزيد الضغوط على الرئيس إيمانويل ماكرون للدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، ثم إعادة تعيينه مره أخرى اليوم.

أعلن ليكورنو في خطاب الاستقالة أن تولي المنصب أصبح مستحيلاً في ظل عدم توفر الشروط اللازمة، معتبرًا أن غرور السياسيين المعارضين وتمسكهم ببرامجهم الانتخابية، إلى جانب تركيز أعضاء الائتلاف الحاكم على طموحاتهم الشخصية، عوامل أعاقت عمله. وأشار إلى أن زعماء المعارضة أبدوا مرونة أكبر في المناقشات الخاصة مقارنة بمواقفهم العلنية.

خلفية الاستقالة وأسبابها

كُلِّف ليكورنو، وهو خامس رئيس وزراء خلال عامين، بمهمة إقرار ميزانية مقيدة وإعادة الاستقرار السياسي، لكن مغادرته المفاجئة تترك البلاد في حالة من الفوضى. وُصفت هذه التطورات بأنها واحدة من أعمق الأزمات المؤسسية في فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية.

عُيّن ليكورنو في سبتمبر الماضي أملاً في حشد الدعم لائتلاف الأقلية، ووعد بتجاوز الخلافات وبدء حوار مع المعارضة وتجنب فرض ميزانية تقشفية دون تصويت برلماني. إلا أن تشكيلته الحكومية التي أعلنها يوم الأحد أثارت انتقادات واسعة من المعارضين والحلفاء على حدٍ سواء، حيث رأوها غير متوازنة، مما أثار شكوكًا حول قدرتها على الاستمرار في برلمان مجزأ.

الخيارات المتاحة لماكرون والمشهد السياسي

كان يوجد خياران رئيسيان أمام الرئيس ماكرون: إما تعيين رئيس وزراء جديد من قاعدته أو من المعارضة لمحاولة كسب الدعم، أو حل الجمعية الوطنية والدعوة إلى انتخابات مبكرة. وقد رحبت أحزاب المعارضة من اليمين المتشدد واليسار المتشدد بالاستقالة وطالبت بحل البرلمان.
ولكن جاءت موافقة ليكورنو مرو أخرى على تشكيل الوزارة لتشكل أملاً جديداً لفرنسا.
تبقى التحديات قائمة، أبرزها كيفية تمرير ميزانية غير شعبية في ظل برلمان منقسم. وسيظل الوزراء الحاليون مسؤولين عن الإدارة اليومية إلى حين تشكيل حكومة جديدة.

الأزمة الاقتصادية الكامنة

تكمن جذور الأزمة في الاقتصاد الفرنسي، ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا، الذي يعاني من ارتفاع الإنفاق العام الذي بلغ 57% من الناتج المحلي الإجمالي لتمويل نظام الرعاية الاجتماعية والسخي. أدى هذا إلى عجز مالي كبير وارتفاع الدين الوطني إلى 3.35 تريليون يورو (حوالي 114% من الناتج المحلي الإجمالي)، وهي نسبة أعلى من نظيرتها في المملكة المتحدة التي تبلغ حوالي 96%.

لماذا تُعتبر الفوضى السياسية والاقتصادية في فرنسا بمثابة تحذير عالمي؟

أصبحت الفوضى المالية والسياسية التي تعصف بفرنسا أكثر فوضوية من ذي قبل، وذلك بعد أن استقال رئيس الوزراء الرابع للبلاد خلال العام الماضي صباح يوم الاثنين.

إن الوضع المتأزم الذي يعاني منه ثاني أكبر اقتصاد في أوروبا يُنظر إليه على نطاق واسع بمثابة تحذير عالمي من مخاطر الفوضى السياسية والاقتصادية التي يمكن أن تنشأ في عصر جديد يتطلب بشكل ملح ممارسة ضبط النفس المالي.

يعد سيباستيان ليكورنو، الذي تولى منصب رئيس الوزراء منذ أقل من شهر، هو الأحدث في سلسلة من الشخصيات التي فشلت في الجهود الرامية إلى تأمين إقرار ميزانية من شأنها إرضاء جميع الأطراف، بما في ذلك السياسيين من اليمين المتطرف، والناخبين الفرنسيين، وسوق السندات الدولية.

صرح ليكورنو يوم الاثنين، وفقا للنص الرسمي لخطابه الذي نشرته صحيفة لوموند، أنه خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، قام ببناء، أو حاول بناء، الظروف اللازمة لإقرار ميزانية لفرنسا.

وأضاف ليكورنو، الذي أصبح الآن رئيس الوزراء الأقصر خدمة في التاريخ الحديث لفرنسا، أن الظروف اللازمة لم تعد متاحة له ليواصل الخدمة في منصب رئيس الوزراء.

على صعيد الصورة الكبيرة، هزت الاستقالة المفاجئة لرئيس الوزراء الأسواق المالية بشكل ملحوظ، حيث انخفضت الأسهم الفرنسية بنحو اثنين بالمئة، وفي الوقت نفسه ارتفعت العائدات على سندات الحكومة الفرنسية.

لقد أثارت الأزمة السياسية في فرنسا مخاوف المستثمرين على نطاق واسع، مع تراجع حاد في الثقة في قدرة الدولة على تقليص العجز المالي المتزايد، وهي النتيجة التي تتطلب بشكل حتمي خفض الإنفاق وزيادة الضرائب بطريقة قد تكون غير مقبولة اجتماعيا وسياسيا.

جدير بالذكر أن التوترات المالية المتصاعدة قد أدت إلى انهيار الحكومة الفرنسية للمرة الثانية في أقل من عام، مما يؤكد أن ما يحدث حاليا في باريس قد يكون بمثابة تحذير واضح لبقية العالم بشأن النفور الجديد الذي يبديه المستثمرون من استمرار العجز الكبير في الميزانيات، والأزمات السياسية الحادة التي تأتي مصاحبة لمحاولات معالجة هذا العجز.

من “أزمة خلافة” إلى “أزمة حكم”

تُصرح الصحف والمعارضة الفرنسية أن ماكرون يرفض حلاً جذرياً (كحل البرلمان أو الانتخابات المبكرة) ويفضل المحاولة بنفس الشخص والاستراتيجية. هذا يغير السؤال من “ماذا سيفعل ماكرون الآن؟” إلى “هل يمكن لهذه المحاولة الثانية أن تنجح حيث فشلت الأولى؟”.

إعادة تعيين ليكورنو هي مقامرة من ماكرون. إذا فشل ليكورنو مرة أخرى فسيكون وضع ماكرون أضعف بكثير، وسيبدو وكأنه لا يملك خطة بديلة.
هل إعادةماكروم للحليف نفسه تشير إلى محدودية خياراته وعدم قدرته على جذب دعم جديد؟.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى