Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
تقاريرسلايدر

اللاجئين.. كلمة السر في طرد المنظمات الدولية من ليبيا

إعداد: رحمه حمدى

منذ بدايات العام الحالي وجهت حكومة طرابلس في ليبيا تحفظات على عمل منظمات أممية ودولية، واتهمتها بـ«التسييس والتدخّل في شؤون البلاد».

وقالت منظمة «أطباء بلا حدود» في 29 من أكتوبر الماضي إن وزارة الخارجية بغرب ليبيا أمهلتها حتى التاسع من نوفمبر الحالي لمغادرة البلاد.

وسبق أن اتهم جهاز الأمن الداخلي، التابع لحكومة «الوحدة»، في أبريل الماضي، منظمات دولية غير حكومية بضلوعها في «مشروع دولي»، يستهدف «توطين المهاجرين غير النظاميين في ليبيا».

ملف اللاجئين يوحد الحكومتين المنقسمتين

تُعدّ حكومة طرابلس الجهة الرسمية الوحيدة المعترف بها دولياً، هذا الاعتراف يمنحها شرعية واسعة تسعى إلى توظيفها لتثبيت موقعها السياسي. لكن هذا الانفتاح يصطدم سريعاً بحساسية سياسية حين تمسّ أنشطة تلك المنظمات ملفات تتعلق بوجود الحكومة نفسها. 

وفي مثال على ذلك فمنذ إقرار «خريطة الطريق» الأممية في أغسطس الماضي، التي دعت إلى تشكيل حكومة انتقالية موحدة، أبدت حكومة الدبيبة تحفظها الواضح على المسار.

ويتعامل الدبيبة مع البعثة الأممية بشكل منتظم،إذ أكد دعم حكومته لجهود الأمم المتحدة، لكنه تمسك بإجراء الانتخابات المباشرة، ورفض ضمنياً فكرة الحكومة الانتقالية، فيما عدّه محللون محاولةً لتثبيت شرعيته، وإظهار تباين رؤيته مع مقترحات البعثة.

سبق أن طالب أسامة حماد، رئيس الحكومة المنبثقة عن البرلمان والمدعومة من القائد العام لـ«الجيش الوطني» المشير خليفة حفتر، بـ«طرد البعثة الأممية من ليبيا فوراً»، إذ تبدي حكومته نظرة أكثر تحفظاً تجاه دور الأمم المتحدة وبعثتها، بل وتمتد الشكوك لتشمل أطرافاً دولية أخرى.

ليبيا تتهم الأمم المتحدة بـ”انتهاك السيادة” وتطالب بطردها

تصاعد التوتر مؤخراً بعدما اتهمت حكومة حماد البعثة بـ«تجاهل مؤسسات الشرق، وانتهاك السيادة الوطنية»، وقدّمت شكوى رسمية إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن، تطالب فيها بطرد البعثة من البلاد، في خطوة تعكس عمق أزمة الثقة بين الطرفين.

أما فيما يتعلق بالمنظمات الدولية الأخرى، وخصوصاً الإنسانية منها، فإن مظاهر الانقسام تتخذ أشكالاً مختلفة. ففي الغرب، سبق أن دخلت حكومة الدبيبة في مواجهة علنية مع منظمة «أطباء بلا حدود» عام 2024، بعد اتهامها بتجاوز الإجراءات داخل مراكز احتجاز المهاجرين، وردّت المنظمة بأن تدخلها كان «لأسباب إنسانية بحتة».

لكن الحكومة سرعان ما أصدرت قراراًبإنهاء عملها في ليبيا، بدعوى «تنظيم نشاط المنظمات الأجنبية». ومنذ ذلك الوقت باتت علاقة طرابلس بالمنظمات الإنسانية أكثر توتراً، إذ تعمل هذه المنظمات تحت قيود مشددة، خصوصاً في ملفات الهجرة والاحتجاز، ما كشف حدود الانفتاح الذي تروّج له الحكومة.

تقول المحامية ثريا الطويبي لوكالة أنباء الشرق الاوسط:إنّ «المراقبة على عمل المنظمات الدولية ضرورية»، محذّرةً من «مشروع محتمل لتوطين الأجانب داخل ليبيا». ورأت أن «الانقسام بين الحكومتين استُغل من بعض المنظمات، التي تتعامل مع كل طرف وفق مصالحه الخاصة»، وهو ما وضع ليبيا، بحسب قولها، «في موقف محرج أمام المجتمع الدولي».

وفي الشرق، يتجلى الحذر نفسه وإن بصيغة مختلفة. فبعد كارثة إعصار «دانيال»، التي ضربت مدينة درنة قبل أكثر من عامين، رحّبت السلطات بالمساعدات الدولية، لكنها اشترطت أن تكون خاضعة لإشرافها المباشر. وكان أبرز تطور في يوليو الماضي، حين أصدر حماد قراراً يفرض خمسة إجراءات على دخول وتجول البعثات والمنظمات الدولية في المناطق الخاضعة لسيطرته، في خطوة تهدف – وفق مراقبين – إلى «ضبط النشاط الأجنبي ومنع الاختراقات».

وبرروا ذلك بالقول إن «كثيراً من المنظمات تحمل خلفيات مشبوهة، أو تعمل وفق أجندات إقليمية، وليس بالضرورة المصلحة الوطنية الليبية، ما يستوجب التعامل معها بحذر ووعي».

منظمات الإنقاذ تعلن تمردها على خفر السواحل الليبي وتشكل “أسطول العدالة”

على الجانب الآخر قطعت منظمات الإنقاذ المدني في البحر المتوسط  علاقاتها مع خفر السواحل الليبي فقد أوقفت أكثر من 12 سفينة إنقاذ تابعة لمنظمات غير حكومية تعمل في البحر الأبيض المتوسط التواصل مع خفر السواحل الليبي، مشيرة إلى تصاعد حوادث اعتراض طالبي اللجوء بعنف في البحر ونقلهم إلى معسكرات مليئة بالتعذيب والاغتصاب والعمل القسري.

ووصفت منظمات البحث والإنقاذ الـ13 قرارها بأنه رفض للضغوط المتزايدة من جانب الاتحاد الأوروبي، وإيطاليا على وجه الخصوص، لمشاركة المعلومات مع خفر السواحل الليبي، الذي يتلقى التدريب والمعدات والتمويل من الاتحاد الأوروبي .

وفي مسعى لتقليص عدد الأشخاص الواصلين إلى أوروبا،واجه الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة اتهامات بتجاهل الانتهاكات الواسعة النطاق والانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان ضد الأشخاص في ليبيا.

هذا الأسبوع، وصفت منظمات البحث والإنقاذ خفر السواحل الليبي بأنه “جهة غير شرعية في البحر”، مشيرة إلى أن ليبيا ليست مكانا آمنا للاجئين.ففي عام 2021، خلص تحقيق أجرته الأمم المتحدة إلى أن المهاجرين وطالبي اللجوء واللاجئين في ليبيا تعرضوا لسلسلة من الانتهاكات في مراكز الاحتجاز وعلى أيدي المتاجرين، حيث أشار أحد أعضاء البعثة إلى أن النتائج “تشير إلى جرائم ضد الإنسانية”.

وفي بيان مشترك أصدرته المنظمات الثلاثة عشر، قالت إينا فريبي، من مجموعة كومباس كوليكتيف الألمانية الناشطة: “لم نعترف قط بهؤلاء الفاعلين كسلطة إنقاذ شرعية – فهم جزء من نظام عنيف مكّنه الاتحاد الأوروبي”.نتعرض الآن لضغوط متزايدة للتواصل مع هذه الجهات تحديدًا. يجب أن يتوقف هذا”، قالت. “إن إنهاء جميع الاتصالات العملياتية مع ما يُسمى بمركز تنسيق الإنقاذ الليبي ضرورة قانونية وأخلاقية، وهو خط واضح ضد التواطؤ الأوروبي في الجرائم ضد الإنسانية”.

وأقرت المنظمات بأن القرار قد يؤدي إلى فرض غرامات عليها، والاحتجاز، ومصادرة سفن الإنقاذ التابعة لها.

وقالت جوليا ميسمر،من منظمة “سي ووتش” ومقرها برلين: “ليس من حقنا فحسب، بل من واجبنا، أن نتعامل مع الميليشيات المسلحة على هذا النحو في اتصالاتنا العملياتية – وليس باعتبارها جهات فاعلة شرعية في عمليات البحث والإنقاذ”.

انتقد النشطاء حملة القمع المتصاعدة التي شنتها إيطاليا عليهم، حيث منعت القواعد الصارمة السفن من مغادرة الموانئ لمدة إجمالية تزيد على 700 يوم، بينما اتُهمت خفر السواحل الليبي في أغسطس بإطلاق النار على سفينة تابعة لمنظمة إس أو إس ميديتيراني.

تقرير أممي يتهم ليبيا بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” بحق اللاجئين.. وليبيا: ندافع عن أمننا

واتهم تقرير نشرته منظمة”سي ووتش” الشهر الماضي خفر السواحل الليبي بارتكاب 54 حادثة عنيفة منذ عام 2016، بما في ذلك إطلاق النار، وصدم السفن، وتهديد واعتداء الأشخاص في حالة من الضيق.

وقالت منظمات البحث والإنقاذ هذا الأسبوع إنها أطلقت تحالفا جديدا،وهو أسطول العدالة، والذي سيقوم موقعه الإلكتروني بتتبع الحوادث التي تشمل خفر السواحل الليبي وتجميع المعلومات حول القضايا القانونية التي تتابعها المنظمات غير الحكومية.

ووصفت المنظمات غير الحكومية التي تقف وراء هذا التحالف ــ أكبر مجموعة من منظمات البحث والإنقاذ المدني حتى الآن ــ التحالف بأنه وسيلة للرد على الضغوط المتصاعدة التي تواجهها.

من وجهة النظر هذه، يمكن فهم تحركات الحكومتين في شرق وغرب ليبيا كإجراءات دفاعية لحماية السيادة الوطنية والنسيج الاجتماعي من تدفق المهاجرين غير النظاميين. فليبيا، التي تعاني أساساً من انهيار مؤسسي وعدم استقرار سياسي، تواجه ضغوطاً هائلة بسبب موقعها كبلد عبور رئيسي.

الاتحاد الأوروبي، بدوره، يبدو وكأنه يدفع بمسؤولية إدارة أزمة الهجرة نحو ليبيا دون تقديم حلول جذرية أو بدائل عملية. الإجراءات الليبية، رغم قسوتها الظاهرة، يمكن تفسيرها كرد فعل على إخفاق المجتمع الدولي في تقديم دعم حقيقي يواكب حجم التحدي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى