fbpx
مقالات

زهران جلال يكتب: عودة المادة الملغومة في الشهر العقاري

زهران جلال

شهدت منظومة الشهر العقاري والتوثيق عملية تطوير نوعية من خلال محاور متعددة سواء على صعيد التوسع الجغرافي أو ميكنة ورقمنة الخدمات وتهيئة بيئة العمل المناسبة والعمل علي رفع كفاءة المقرات المختلفة، وذلك في إطار تكليفات المستشار عمر مروان وزير العدل واستراتيجية الدولة ورؤيتها الممنهجة نحو بناء مصر الرقمية والنهوض بالأداء الحكومي على مختلف المستويات ، بما يضمن تقديم خدمة متميزة، وحماية الممتلكات، وتشجيع بيئة الاستثمار.

إلى جانب إجراء التعديلات القانونية اللازمة التي توفر التيسيرات والتسهيلات أمام المواطنين لتسجيل وتوثيق ممتلكاتهم وذلك من خلال القانون 9 لسنة 2022 الذي دخل حيز التنفيذ في 7 مايو من العام الماضي أي منذ عام، و إزالة العقبات في القانون التي تحول تسجيل الملكية من خلال إجراءات ميسرة للشهر في مقدمتها إلغاء شرط تسلسل الملكية و تحديد سقف زمني لا تزيد عن 37 يوما فقط ، بهدف تشجيع المواطنين على تسجيل ممتلكاتهم العقارية مما يكفل الحماية القانونية للملكية العقارية.

وبعد مرور عام على العمل بالقانون رقم 9 لسنة 2022 الخاص بالشهر الشخصي ، والذي يعد في مقدمة القوانين التي تمس مصالح الجماهير فهو ينظم شأنا مهما من شئونهم حينما ينزلون على حكمه بوجوب شهر أو تسجيل ملكياتهم , ولأنه كانت الغاية من هذا القانون أو التعديلات التي تمت هي تحقيق مصلحة عامة تتمثل في تهيئة سبيل العلم للكافة بما وقع من تصرفات على الأعيان التي يتعاملون فيها ووضوح الرؤية دون ريب .

السبيل إلى تحقيق تلك الغاية، كان لزاما أن يكون ميسرا بعيدا عن التعقيد و لا يحمل ذوي الشأن مالا يطيقون. ومن ثم وبعد مرور أعوام كثيرة على قانون تنظيم الشهر العقاري، الذي شاهد تعديلات عديدة عبر العهود السابقة والأنظمة المختلفة منذ صدور القانون عام 1946، فقد جرت مراجعة أحكامه على ضوء ما كشف عنه التطبيق لتعديل ما تدعو الحاجة إلى تعديله من هذه الأحكام أو تدارك أوجه النقص فيها.

ولما جاءت التعديلات على أحكام القانون 114 لسنة 1946فحظر فيها المشرع شهر الملكية العقارية، إذا خالف المواطن ما جاء بها ومنها وظهر هذا التعارض والتناقض في القانون الذي أثار جدلا واسعا آنذاك رقم 186 لسنة 2020بتعديل بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري ، والتي لم تتلاءم مع التطورات ولم يعالج ما كشف عنه تطبيق التشريع من بعض المثالب والعيوب والغموض الذى اتسمت به بعض أحكامه، ويسد ما فيه من ثغرات ،ولابد أن يتسم القانون بالمرونة اللازمة لتحقيق الأغراض المرجوة منه بإعادة ترتيب مواده وتغيير ألفاظه وخاصة المادة “35 ” مكرر ، وعلي أثره تم تعطيل القانون لمدة عامين حتي خروج تشريع يتوافق عليه الجميع ويتناسب مع رغبة الجماهير طبقا لتكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسي وتوجيهاته الي المجالس النيابية والحكومة بعد الرفض الشعبي للقانون آنذاك .

ثم جاء القانون رقم 9 لسنة 2022ليعالج القانون 186 لسنة2021، دون النظر إلى المادة الملغمة “35” مكرر والتي يتم العمل بها في 1 يوليو المقبل، والتي حظر المشرع فيها تسجيل الملكية العقارية إذا خالف المواطن ما جاء لها أو إليها، حيث ألزمت “شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية عدم نقل المرافق والخدمات، أو اتخاذ أي إجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر أو القيد لضمان استمرار نقل الملكية المشهرة قانونًا. وأناطت المادة أيضًا باللائحة التنفيذية بيان إجراءات وقواعد تطبيق أحكامها ” التي تتعارض مع القانون الحالي والسابق بعودة العمل بالمادة 35مكرر.

دخول المادة “35” مكرر الملغومة حيز التنفيذ في الأول من يوليو والتي تتعارض مع القانون الحالي والسابق سوف تتسبب في سخط المواطنين وعزوفهم عن تسجيل ممتلكاتهم العقارية وإهدار لجهود الدولة في تطبيق القانون رقم ٩ لسنة 2022وتوقف العمل في مأموريات الشهر العقاري بعد عام استقبلت مأموريات الشهر العقاري عشرات الآلاف من المواطنين رغبة منهم في تسجيل ممتلكاتهم بغض النظر عن إعداد الطلبات المشهرة والمرفوضة لأسباب تتعلق بتضارب بالبيانات المساحية وكذلك عدم رفع كفاءة المأموريات القديمة والاستعانة لمأموريات أخري بالإضافة الى وجود مشاكل مرتبطة بشهادة صلاحية العقارات لوجود مخالفات وانتهاء المدة الزمنية المحددة بعد تسديد الرسوم الخاصة بالرفع المساحي وعدم صرف مستحقات الموظفين من الأعضاء القانونين والمشتغلين من الأقسام الأخرى في الشهر العقاري وليس المتعاقدين معهم لإدخال البيانات ومراجع مساحة من خريجي كليات الآداب والمترجمين الخاضعين لقوانين الشركات الخاصة ويتقاضون مكافأتهم من أحدي الشركات الخاصة.

وأخيرا وليس آخرا ، الحكم على نجاح أي عمل تشريعي يقوم على ما يحققه من فائدة حقيقية للشعب، وما يدفعه من ضرر وما يرسيه من أساس للمستقبل، في تحقيق المعايير الحاكمة للتشريع بأن يكون ترتيب شئون المجتمع على نحو يتسم بالجدية والرشد والعقلانية، ويعبر عن المصالح الاجتماعية الراجحة في المجتمع، ومن ثم فإن جوهر التشريع الرشيد يقوم علي الموازنة بين المصالح بما يحقق التوفيق بينها إلي أقصى حد مستطاع، ويحقق المستهدف.

وهو خير المجموع لا مجرد مصالح جماعات محددة أو أهداف معينة، تحقيقا لاستمراريته ونزوعا به إلى العدل المطلق قدر الإمكان لتنظيم العلاقات الإجتماعية وتتحقق العمومية والتجريد من الناحية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى