Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الأخبارتقاريرسلايدر

السويداء.. مفتاح إسرائيل الذهبي لتحقيق حلم الوصول إلى الفرات

إعداد: رحمه حمدى

في مشهد يبدو مُعدًا مسبقًا، اندلعت اشتباكات دامية في السويداء بين الميليشيات الدرزية والقبائل البدوية والقوات الحكومية السورية، لتتدخل إسرائيل فجأةً كـ”حامية للدروز”، وتشن غارات على دمشق والسويداء. هذا التوقيت المشبوه، والخطاب الإسرائيلي المفاجئ عن “حماية الأقلية الدرزية”، يطرح أسئلةً كبيرة:هل ما يحدث هو تمثيلية مُخرَجة بين نظام الشرع وإسرائيل لخلق ذريعة للتوغل الإسرائيلي في جنوب سوريا؟ لماذا تُظهر إسرائيل فجأةً هذا “القلق” على الدروز رغم تاريخها الطويل في اضطهاد الأقليات؟ هل يتم استخدام الدروز كورقة ضغط لتنفيذ “ممر داوود” الذي يربط إسرائيل بنهر الفرات؟ إذا كانت معارك طائفية فقط لماذا يتم إهانة رمز مثل سلطان باشا الأطرش، الزعيم الدرزي الذي تحدّى الاستعمار الفرنسي 1952 ورفض أي محاولات لفتنة طائفية، لماذا كل هذا الغِل والحقد نحو شخصية وطنية تاريخية. هل ينتقم الشرع من الدروز بسبب محاربتهم داعش وجبهة النصرة؟

من هم الدروز

الدروز أقلية عرقية دينية ناطقة بالعربية في سوريا ولبنان وإسرائيل ومرتفعات الجولان المحتلة. وتُعد الطائفة الدرزية فرعًا من الإسلام الشيعي، ولها هويتها ومعتقداتها الخاصة.

يعيش نصف أتباعها، البالغ عددهم مليونًا تقريبًا، في سوريا، حيث يشكلون حوالي 3% من السكان. ويبلغ عدد الدروز المقيمين في إسرائيل ومرتفعات الجولان المحتلة حوالي 152 ألفًا، وفقًا لمكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي.

لقد احتلوا تاريخيًا مكانةً هشةً في النظام السياسي السوري. وخلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت قرابة أربعة عشر عامًا، أدار الدروز ميليشياتهم الخاصة في جنوب سوريا

يتركز المجتمع الدرزي حول ثلاث محافظات رئيسية قريبة من مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل في جنوب البلاد.

يعيش أكثر من 20 ألف درزي في مرتفعات الجولان، وهي هضبة استراتيجية استولت عليها إسرائيل من سوريا خلال حرب الأيام الستة عام 1967، قبل أن تضمها رسميًا عام 1981. ويتقاسم الدروز المنطقة مع حوالي 25 ألف مستوطن يهودي، منتشرين في أكثر من 30 مستوطنة.
يُعرّف معظم الدروز المقيمين في الجولان أنفسهم بأنهم سوريون، وقد رفضوا عرضًا بالحصول على الجنسية الإسرائيلية عند احتلال إسرائيل للمنطقة. أما من رفضوا، فقد مُنحوا بطاقات إقامة إسرائيلية، لكنهم لا يُعتبرون مواطنين إسرائيليين.وعلى النقيض من الدروز السوريين، فإن الدروز الذين يعيشون داخل حدود إسرائيل ــ والذين يفتقرون إلى شخصية موحدة ــ موالون للدولة إلى حد كبير، حيث يخدم بعضهم في مناصب رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي.

وفي جنوب سوريا، حيث يشكل الدروز أغلبية في محافظة السويداء، وقع المجتمع الدرزي في بعض الأحيان بين قوات نظام الأسد السابق والجماعات المتطرفة خلال الحرب الأهلية السورية التي استمرت عشر سنوات.

اشتباكات السويداء والتدخل الإسرائيلي

في 13 يوليو 2025، اشتعلت اشتباكات بعد اختطاف تاجر درزي، وسرعان ما تحولت إلى مواجهات بين الميليشيات الدرزية والقبائل البدوية المدعومة حكوميًا. وفي 15 يوليو، تدخلت إسرائيل عسكريًا بذريعة “حماية الدروز”، وقصفت مواقع حكومية في السويداء ودمشق، بما في ذلك مقر وزارة الدفاع السورية. وفق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، قُتل 350 شخصًا على الأقل “حتى الآن” معظمهم من المدنيين.

مايؤكد الشكوك تصريح المبعوث الأمريكي توم باراك عن “اتفاق وقف إطلاق نار”، حيث أضاف عبارة غامضة: “الشرع فهم كلامنا خطأ أنه تم اعطاؤه الضوء الأخضر”
وقال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو إن الولايات المتحدة “قلقة للغاية” إزاء أعمال العنف، وأعلن “لقد اتفقنا على خطوات محددة من شأنها أن تضع حدا لهذا الوضع المقلق والمروع الليلة”. مما يفتح الباب لتساؤلات عن صفقة خلف الكواليس.

ذكر موقع ” إيه بي”، أن القوات الحكومية قامت بالتدخل في محافظة السويداء تحت ذريعة استعادة الأمن، لكنها في الواقع سعت إلى انتزاع السيطرة من الفصائل الدرزية المسلحة التي تسيطر على المنطقة ، بدلا من حمايتها وأسفرت الاشتباكات عن مقتل المئات، كما اتهمت جماعات درزية القوات الحكومية بتنفيذ عمليات إعدام بحق مدنيين وحرق منازلهم ونهب ممتلكاتهم، مما يرجح سيناريو أن الشرع مازال يحمل الضغينة للدورزيين

التساؤلات الكبرى: لماذا الآن؟ وما الهدف؟

اتجاه إعلامي منذ بدء الازمة إلى شيطنة الدروز وإبرازهم كـ”حلفاء لإسرائيل” حتى المواقع العالمية تصميم يثير الريبة فتاريخ الدروز في سوريا لا يشير إلى الخيانة، حاربوا ضد الفرنسيين والإسرائيليين، ورفضوا التطبيع مع إسرائيل حتى اليوم. وفي الجولان المحتل: 20 ألف درزي يرفضون الجنسية الإسرائيلية منذ 1967. وفي إسرائيل: الدروز هناك (152 ألفًا) يخدمون في الجيش الإسرائيلي، لكنهم ليسوا ممثلين للدروز السوريين، إلا أن الإعلام بدأ يصورهم كـ”عملاء لإسرائيل”، لهدف واضح، متجاهلًا تاريخهم النضالي:فسلطان باشا الأطرش زعيم الدروز قاد الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين (1925) ورفض استخدام ورقة الأقلية لتقسيم بلاده صورته تهان من قبل قوات الشرع. قاتلوا إلى جانب الجيش العربي ضد الاحتلال الإسرائيلي في 1967 و1973. الميليشيات الدرزية في السويداء دافعت عن المنطقة ضد تنظيم “داعش” خلال الحرب الأهلية.
هل ينتقم منهم الشرع لحربهم ضد داعش؟

الهدف الرئيسي.. ممر داوود

في 1982، كشف الكاتب الإسرائيلي عيديد يانون (مستشار شارون) في مجلة “كيفونيم” العبرية عن خطة تهدف إلى احتلال 5 مناطق متتالية في جنوب سوريا، الجولان حتى تسيطر على جبل الشيخ ومنه تصل إلى القنيطرة، وبعدها السيطرة على درعا وآخر مرحلة حتى تستطيع السويداء. الوصول إلى نهر الفرات هى السويداء لأن بعدها تصل إلى شرق سوريا (منطقة التنف الحدودية مع العراق) وهى منطقة تخضع لسيطرة القوات الأمريكية، حتى تصل إلى شمال شرق سوريا الذي يخضع لقوات قصد المتحالفة مع أمريكا ويتم ربط هذا الممر بـ”إسرائيل الكبرى” تحت ذريعة “حماية الأقليات”.

ما يحدث في السويداء ليس مجرد صراع طائفي عابر، بل هو مشهد من مسرحية كبرى تُكتب نهايته في تل أبيب وواشنطن. إسرائيل، التي طالما حلمت بـ”ممر داوود” الممتد من الجولان إلى الفرات، تجد اليوم في الفوضى السورية فرصتها الذهبية لتحقيق هذا الحلم تحت ذريعة “حماية الأقليات”. أما نظام الشرع، الضعيف والمتشبث بالسلطة، فقد يكون باع جزءًا من سيادة سوريا مقابل بقائه، مستخدمًا الدروز كـ”كبش فداء” لتمرير الصفقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى