fbpx
مقالات

الوضع التونسي وآثاره على الوضع الليبي

كتب / محمد ماهر

يتساءل البعض، (هل يؤثر الوضع التونسي على الوضع الليبي؟) وإذا كانت الإجابة بنعم، ففي أي اتجاه يذهب هذا التأثير؟

قولًا واحدًا، وبلا شك، نعم سيؤثر الوضع التونسي على الوضع الليبي. أما كونه سيؤثر إيجابًا، أم سلبًا فهذا ما سنناقشه هنا.

بدايةً، لابد أن نسرد تصريحات المسؤولين الليبيين عن الوضع التونسي أو بالأحرى عن تجميد عمل البرلمان الإخواني، ورفع الحصانة عن كل أعضائه، وإقالة الحكومة.

صرح “خالد المشري” رئيس المجلس الأعلى للدولة بليبيا في تدوينة على تويتر: “14 فبراير 2014 انقلاب (القائد العام للجيش الليبي خليفة حفتر)، و25 يوليو 2021 انقلاب قيس (سعيد)، ما أشبه الليلة بالبارحة”. وأضاف: “نرفض الانقلابات على الأعضاء المُنتخَبة، وتعطيل المسارات الديمقراطية”.

ويُعرف القيادي الإخواني في الأوساط الليبية بكونه الأب الروحي للانقلابات، حيث سبق ودعم انقلاب “فجر ليبيا” على البرلمان المنتخب 2014، ليقود ما يعرف بمجلس الدولة الاستشاري. كما كان أول من يلوح بالانقلاب على الانتقال السلمي الأخير في ليبيا بعد مؤتمري برلين، وأعلن أنه لن يقبل بنتائج انتخابات ديسمبر 2021 المقبلة إذا ما أتت بخليفة حفتر رئيسَا للبلاد، ولوح بحمل المليشيات للسلاح ضده.

كان الإخوان في تونس يمثلون البوابة الخلفية لأذرع الإسلام السياسي، والمليشيات في المنطقة الغربية الليبيةن والداعم السياسي الأول لهم، وسيُلقي ما يحدث بتونس- الآن- بالتأكيد بظلاله، وتداعياته على ليبيا.

الإخوان في ليبيا، خاصة المنطقة الغربية (طرابلس وما حولها) يشعرون بقلق بالغ خوفا من انتقال الانتفاضة ضدهم إلى عقر دارهم؛ حيث إن ما يحدث في تونس سيؤدي إلى إضعاف إخوان طرابلس؛ إذ إنهم يكونون بذلك قد خسروا العمق الإستراتيجي في الجهة الغربية، وصاروا بين كفتي الرُحى؛ من الشرق: “حفتر ومصر”، ومن الغرب: “تونس”.

طول الحدود بين تونس وليبيا حوالي 500 كيلومتر، وبالتأكيد سيؤمن الأمن التونسي، والجيش تلك الحدود المشبوهة؛ إلا أن تأمين الحدود بطول 500 كيلومتر بشكل كامل شيء يصعب تنفيذه على الأرض؛ لذا فإن فرار عناصر إخوان تونس- إذا لوحقوا قضائيًا- إلى ليبيا، التي تعد ملاذًا آمنًا لهم يُعد أمرًا لا مفر منه، إلا أن هذا الملاذ قد يكون مؤقتًا؛ لأن الشارع الليبي ينبذهم، ويرفضهم.

ترتبط ميليشيات النواصي التابعة للإرهابي “عبد الحكيم بلحاج”، وهي بقايا الجماعة الليبية الإرهابية بعلاقات مالية عميقة مع صهر ” الغنوشي عبد السلام بوشلاكة”، والذي شغل منصب وزير الخارجية بالسابق في تونس، وعن طريقه هرَّب “بلحاج” الملايين من ليبيا إلى تركيا، واستطاع تأسيس شركة طيران اأاجنحة المملوكة له،  ولرئيس حركة النهضة ” راشد الغنوشي”.

وقد أفاد منشور المرجع للدراسات، والأبحاث الاستشرافية حول الإسلام الحركي الذي يصدر عن مركز “سيمو” بباريس CEMO Center – Paris أنه بعد أن صوَّت البرلمان التركي في 2 يناير 2020 على إرسال قوات غير قتالية إلى ليبيا، بدأت أنقرة فى دراسة إرسال مقاتلين، ومرتزقة سوريين للقتال إلى جانب ميليشيات حكومة «السراج»، وبالفعل شرعت في ذلك عبر شركة طيران الأجنحة الليبية «Ajniha»، التي يمتلكها «عبد الحكيم بلحاج»، الإرهابي الليبي المقيم في تركيا، و”الغنوشي”.

وكشفت إذاعة فرنسا الدولية «إر إف إيه» في الأول من يناير  2020 أن شركة الخطوط الجوية الليبية «Afriqiyah Airlines» وشركة طيران الأجنحة الليبية التي يملكها «بلحاج» الذي يرتبط بعلاقات مالية على مستوى عالٍ بصهر “الغنوشي” “عبد السلام بوشلاكة”؛ قامت بنقل مقاتلين من تركيا إلى طرابلس؛ بهدف مد يد العون للميليشيات التابعة لحكومة «السراج»؛ موضحةً أنه في الفترة ما بين ٢٧ و٢٩ من ديسمبر ٢٠١٩ هبطت أربع طائرات في مطار «معيتيقة» بطرابلس، تحمل مقاتلين سوريين من الألوية الموالية لأنقرة، وكانت رحلات الطيران غير مسجلة.

وتزعم بعض التسريبات من طرابلس أن رئيس الجسم السياسي المُسمى بـ “المجلس الأعلى للدولة” الإخواني “خالد المشري” دعا سرًا إلى اجتماع لبعض قادة الميليشيات المتطرفة في شمال غرب ليبيا، وعناصر تونسية تنتمي لتنظيمي: “داعش” و”القاعدة”، وهم من العائدين من سوريا، والعراق؛ لتقديم الدعم اللوجيستي، والعسكري لحركة النهضة في تونس. 

وبالطبع الأمن التونسي في حالة تأهب، ولن يُكتب لمحاولات التسلل عبر الحدود النجاح الكبير؛ إلا أن بعض المحاولات الفردية وصغيرة العدد قد تنجح، كما أنه من المتوقع أن تستخدم عناصر “داعش” و”أنصار الشريعة” – بدعم من المليشيات الموالية لخالد المشري – القوارب المطاطية، من مدينة زوارة الليبية، التي تبعد 35 كيلومتر مترًا فقط عن السواحل التونسية، لنقل السلاح والعناصر الانتحارية والمتفجرات لإعداد وتنفيذ عمليات إرهابية لإلقاء الرعب في المدن التونسية دعما لتنظيم النهضة. لكن بالتأكيد دفن تنظيم الإخوان- سياسيًا- في تونس سيؤدي إلى عودة الاستقرار، وتعزيز فرص تنظيم الانتخابات الرئاسية، والتشريعية الليبية في موعدها المقرر في 24 من ديسمبر نهاية هذا العام؛ لأن تيار الإخوان المسلمين قد فقد بالفعل داعمًا رئيسًا في الغرب، وعمق إستراتيجي كان مهمًا للغاية في مخططاته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى