fbpx
معرفةمقالات

أطفالنا في دائرة الخطر : تشوهات الـ”سوشيال ميديا”!

كتب_د. مصطفى حسن

انتشرت في الآونة الأخيرة، على وسائل التواصل الاجتماعي، العديد من المقاطع المصوَّرة (الفيديوهات)، يقدمها أطفال، من الجنسين، من أعمار صغيرة للغاية، يحاكون فيها جزءًا من الواقع الذي يعيشونه، أو  مايريدون عيشه، حتى باتت تلك الفيديوهات ظاهرة، تدق ناقوس الخطر للدولة، والمجتمع، والأسرة.

 

تلك الظاهرة الخطيرة تدفعنا للبحث المُعمَّق حول الهدف منها، وماهية دوافع الأطفال من ظهورهم في تلك المقاطع، ومدى التأثيرات السلبية الناتجة عنها، المتوقعة في المستقبل، وذلك من خلال طرح عدد من التساؤلات، هي :

  • ما الهدف الذي يسعى هؤلاء الأطفال للوصول إليه؟
  • ماذا تريد الأسرة من ظهور أطفالهم؟
  • ما أثر انعكاس أضواء الشهرة على هؤلاء الأطفال في سن مبكرة؟
  • ما ملامح الشخصية المتوقعة لهؤلاء الأطفال بعد فترة من الزمن؟
  • ما القيم، والمبادئ، والرسائل، التي تعود على المجتمع من مثل هذه الشهرة، والأضواء، بدون استثمار إيجابي لها؟
  • إلى أي مدى يمكن أن يصل تأثير هؤلاء الأطفال على أقرانهم، من حيث القدوة، والتقليد، والمحاكاة، والتعلم؟
  • أين حقوق الطفل، من حيث سوء التعامل مع طفولته، وبراءته؟
  • إلى أي حد يمكن أن تمارس الجهات الرقابية دورها عند حدوث إساءات ملموسة، مباشرة و/أو غير ملموسة، غير مباشرة، من حيث استغلال الطفل في جوانب لا تتناسب مع طبيعة سنه؟
  • كيف يتم تعامل الأسرة، والمجتمع مع المكاسب المعنوية، والمادية، التي تأتي من وراء قيام هؤلاء الأطفال بهذه الأعمال؟

 

إن ظاهرة ظهور الأطفال في وسائل التواصل الاجتماعي بغرض الشهرة، والعمل تحت أضوائها، ينطوي على الكثير من المخاطر، التي لا يمكن حصرها كلها، بشكل محدد، غير أن هناك بعض المؤشرات، يمكن طرحها بهذا الصدد.

 

فمثلًا.. يمكن أن يتسبب انشغال الأطفال بوسائل التواصل عن التفكير في مستقبلهم، بشكل يتوازن، مع طموحاتهم الإيجابية، وصحتهم النفسية، في أن يضعنا أمام أطفال، لا يستطيعون التخطيط  بالشكل المناسب، أو أن يكون تقديرهم للذات لا يتناسب مع أعمارهم، أو يكون لديهم تضخم في الأنا، وزيادة في النرجسية، وتشوه في ملامح الشخصية بشكل مبكر، فضلًا عن أن مثل هذه الأمور قد تنطوي على إهدار، وتشوهات للعمليات المعرفية، والقدرات الذهنية لديهم.

 

كما أن تلك المحاذير، والمؤشرات، تأخذهم بعيدًا في مسارات، وتوجهات غير مفيدة، أو سطحية، لا تتناسب مع الاحتياجات المتوقعة من الأجيال المُقبلة في بناء المجتمع، وتحمل المسؤولية.

 

ومن هنا.. فلابد من وقفة واعية، ومتأنية، وفاحصة من مختلف جهات، وفئات، ومؤسسات المجتمع، وذلك من خلال الاهتمام بوضع الأسس اللازمة للتعامل مع تلك الظاهرة من مختلف جوابها؛ الاجتماعية، والأسرية، والعلمية، والقانونية، والرياضية، والصحية، والنفسية، والدينية، والأخلاقية.

 

وقد يتطلب الأمر قيام مراكز البحوث المعنية، والجامعات  بإجراء دراسات مسحية، تشمل علاقة التأثير والتأثر الناجمة عن الظاهرة، وكيفية تجنب آثارها السلبية، واستثمار ما يمكن أن تكشف عنه، من آثار إيجابية محتملة.

 

أما بالنسبة للأسرة؛ فالأمر يحتاج إلى مراجعة متأنية لتفاصيل، ومحتوى مقاطع الفيديو، التي يخرج فيها أبناؤهم، سواء الأولاد، أو البنات، وكذلك طريقة ظهورهم، وملابسهم، والكلمات، والألفاظ المستخدمة .. إلخ، بحيث يكون هناك مراعاة للذوق العام بالمجتمع، والالتزام بالقيم النبيلة، والمبادئ الجادة، علاوة على الربط ما بين محتوى تلك (الفيديوهات)، والأهداف الإيجابية المتوقعة، بالإضافة إلى السعي لمساعدة الطفل على الاهتمام بالمهارات المتعددة، واكتساب المهارات الحياتية الأخرى، التي تساعده على العيش في الحياة، بصحة نفسية أفضل، وتحقيق نجاحات أخرى، يجد فيها ذاته، بشكل إيجابي، ومفيد لنفسه، وأسرته، والمجتمع.

د. مصطفى حسن

خبير العلاج النفسي

دكتوراه في علم النفس الإكلينيكي

Dr.moustafahassan@hotmail.com

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى