عصر ذهبي جديد للتحالف الأمريكي الياباني باتفاقيات استراتيجية في المعادن والدفاع

وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة وزراء اليابان ساناي تاكايتشي اتفاقيتين جديدتين، الأولى تتعلق بالتعاون بين البلدين، والثانية تخص المعادن الحيوية، في خطوة وصفتها تاكايتشي بأنها تبشر بعصر ذهبي للعلاقات بين البلدين، وذلك خلال استقبالها ترامب في طوكيو يوم الثلاثاء.
واستقبلت تاكايتشي ترامب في مقر إقامتها بالعاصمة اليابانية، في أول لقاء مباشر لها مع الرئيس الأمريكي منذ توليها منصبها قبل أيام قليلة. وجاءت زيارة ترامب إلى طوكيو مساء الاثنين، بعد محطة سابقة في ماليزيا، وقبل توجهه إلى كوريا الجنوبية لعقد اجتماع مع نظيره الصيني شي جين بينج، في لقاء يُنتظر أن يخفف من حدة الحرب التجارية الدائرة بين واشنطن وبكين.
وأكدت تاكايتشي خلال لقائها ترامب رغبتها في تحقيق عصر ذهبي جديد للتحالف الياباني الأمريكي، يتم خلاله تعزيز قوة وازدهار البلدين معاً. وأوضح بيان رسمي أن الجانبين وقّعا أيضاً اتفاقية تهدف إلى تحقيق المرونة والأمن في سلاسل توريد المعادن الأساسية والمعادن الأرضية النادرة، في وقت تتصاعد فيه المخاوف من القيود الصينية على هذه الصناعة الحيوية.
ويأتي هذا التوجه بعد إعلان بكين فرض قيود شاملة على صناعة المعادن الأرضية النادرة، الأمر الذي دفع ترامب إلى التهديد بفرض رسوم جمركية تصل إلى 100 في المئة على الواردات الصينية. وتسعى الولايات المتحدة إلى تنويع مصادرها من المعادن الأساسية لتقليل اعتمادها على الصين التي تهيمن على عمليات معالجة هذه المعادن عالمياً.
وفي الأسابيع الأخيرة، أبرمت واشنطن سلسلة اتفاقيات مشابهة مع ماليزيا وتايلاند وأستراليا بشأن المعادن النادرة الضرورية لإنتاج الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية والمعدات العسكرية. وعلى الرغم من امتلاك اليابان مخزوناً كبيراً من هذه المعادن، فإن أغلبه يوجد تحت سطح البحر، مما يجعل استخراجه عملية معقدة ومكلفة.
وخلال مراسم الاستقبال الرسمي، أدى ترامب التحية العسكرية بجانب رئيسة الوزراء اليابانية في قصر أكاساكا بطوكيو يوم الثامن والعشرين من أكتوبر 2025، مؤكداً أن الولايات المتحدة واليابان حليفان على أعلى مستوى، معرباً عن فخره بالتعاون مع تاكايتشي في بداية عهد يعتقد أنه سيكون من أزهى عصور القيادة اليابانية.
من جانبها، أشادت تاكايتشي، وهي أول امرأة تتولى رئاسة الحكومة في اليابان، بجهود ترامب في وقف إطلاق النار بين تايلاند وكمبوديا، وبما وصفته بالإنجاز التاريخي غير المسبوق المتمثل في اتفاق غزة، معلنة نيتها ترشيحه لجائزة نوبل للسلام، بحسب ما ذكره البيت الأبيض.
وأوضحت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت أن تاكايتشي، التي تُعد حليفة مقربة من رئيس الوزراء الياباني الراحل شينزو آبي، صديق ترامب وشريكه في رياضة الغولف، أبلغت الإدارة الأمريكية بقرارها ترشيح ترامب للجائزة، في خطوة تعكس عمق العلاقات بين البلدين.
ويرى مراقبون أن هذه العلاقة الوثيقة مع واشنطن، الحليف الأمني والتجاري الأهم لطوكيو، يمكن أن تدعم موقف تاكايتشي السياسي داخلياً، إذ تسعى لتثبيت أقدامها في السلطة رغم أن حكومتها الائتلافية لا تزال على بعد صوتين فقط من تحقيق الأغلبية في مجلس النواب.
ورحب ترامب بتعهد رئيسة الوزراء بتسريع وتيرة تعزيز القدرات العسكرية اليابانية وشراء المزيد من المعدات العسكرية الأمريكية الصنع. وأكدت تاكايتشي أن حكومتها ستحقق هدفها بإنفاق 2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع خلال هذا العام، أي قبل عامين من الموعد المقرر. وتدفع واشنطن باتجاه أن ترفع طوكيو إنفاقها الدفاعي إلى نحو 5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة التي التزم بها أعضاء حلف شمال الأطلسي في يونيو الماضي، خاصة أن نحو 60 ألف جندي أمريكي متمركزون حالياً في اليابان.
ومن المقرر أن يلقي ترامب خطاباً الثلاثاء على متن حاملة الطائرات يو إس إس جورج واشنطن الراسية في قاعدة يوكوسوكا البحرية الأمريكية في اليابان، كما سيشارك في مأدبة عشاء مع كبار رجال الأعمال اليابانيين، من بينهم رئيس شركة تويوتا لصناعة السيارات، قبل مغادرته إلى كوريا الجنوبية يوم الأربعاء.
وتخضع معظم الواردات اليابانية إلى الولايات المتحدة حالياً لرسوم جمركية تبلغ 15 في المئة، وهي أقل من نسبة 25 في المئة التي كانت مطروحة في السابق، إلا أن هذه الرسوم أسهمت في تراجع صادرات السيارات اليابانية إلى السوق الأمريكية بنسبة 24 في المئة من حيث القيمة خلال شهر سبتمبر الماضي، علماً بأن قطاع السيارات يمثل نحو 8 في المئة من إجمالي الوظائف في اليابان.
وبموجب اتفاقية التجارة التي تم توقيعها في يوليو الماضي وكشف البيت الأبيض عن تفاصيلها، من المتوقع أن تستثمر اليابان نحو 550 مليار دولار في الولايات المتحدة، تشمل مشروعات في بناء السفن وزيادة مشتريات فول الصويا والغاز الطبيعي والشاحنات الأمريكية، في خطوة تعزز التعاون الاقتصادي بين البلدين وتفتح آفاقاً جديدة للاستثمار المشترك.



