
إعداد: رحمه حمدى
تصاعد التوتر بين الخرطوم وأبوظبي عقب إعلان الجيش السوداني، عبر التلفزيون الرسمي، عن تدمير طائرة إماراتية كانت تقل مرتزقة كولومبيين لدى هبوطها في مطار نيالا بإقليم دارفور. ووفقًا للمتحدث باسم القوات المسلحة السودانية، فإن العملية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 40 شخصًا، إضافة إلى ضبط أسلحة ومعدات عسكرية على متن الطائرة. وأكد البيان أن الخطوة جاءت “لحماية السيادة السودانية ومنع التدخلات الخارجية في النزاع القائم بالبلاد”.
الإعلام السوداني الرسمي بث لقطات قال إنها تُظهر لحظة استهداف الطائرة وآثار الحطام في مدرج المطار، فيما أشار إلى أن القتلى كانوا جزءًا من “قوات أجنبية مستأجرة لدعم أطراف معادية للجيش”. كما أوردت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) أن التحقيقات الأولية تثبت تورط الإمارات في إرسال مقاتلين أجانب إلى السودان.
أسفرت الضربة الجوية التي شنت يوم الأربعاء على مطار نيالا عن مقتل ما لا يقل عن 40 مرتزقا مشتبها بهم من كولومبيا وتدمير شحنة من الأسلحة والمعدات أرسلتها الإمارات كما ادعى التلفزيون السوداني في تصريحات رسمية، إلى قوات الدعم السريع، وفقا لمسؤولين عسكريين سودانيين ومستشار لزعيم المتمردين في دارفور المتحالف مع قوات الدعم السريع.
كما أكد مصدر عسكري لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن هويته إن الطائرة الإماراتية “تعرضت للقصف ودمرت بالكامل” في مطار نيالا في دارفور.
وتعرض المطار مؤخرًا لغارات جوية متكررة من قبل الجيش السوداني، الذي يخوض حربًا مع قوات الدعم السريع شبه العسكرية منذ أبريل 2023.
استنكار إماراتي
في ردٍّ عبر البريد الإلكتروني لوكالة أسوشيتد برس، نفت وزارة الخارجية الإماراتية هذه الاتهامات، واصفةً إياها بـ”مزاعم لا أساس لها من الصحة” و”تفتقر إلى أي دليل”. وقالت إن هذه المزاعم جزءٌ من “حملة التضليل والتحريف المستمرة التي تشنها الحكومة السودانية”.
ولم يصدر أي تعليق فوري من منظمة مراسلون بلا حدود.
وجاء في بيان رسمي نُشر عبر وكالة أنباء الإمارات (وام)، أن أبوظبى “لم ترسل أي طائرات أو مقاتلين إلى السودان”. أن “هذه المزاعم تهدف إلى تشويه صورة الإمارات وإقحامها في صراع داخلي لا علاقة لها به”، داعية الخرطوم إلى تقديم أدلة مادية تدعم ما ورد في تصريحاتها.
في غضون ذلك، قالت هيئة الطيران السودانيةرداً على النفى الإماراتي إن الإمارات منعت، الأربعاء، الطائرات السودانية من الهبوط في مطاراتها، فيما وصفته بأنه إجراء “مفاجئ وغير منسق”. وقالت هيئة الطيران المدني في بيان إن طائرة سودانية منعت أيضا من الإقلاع في مطار أبو ظبي، بحسب ما نقلت وكالة السودان للأنباء.
توترت العلاقات بين الحكومة السودانية والإمارات بسبب مزاعم دعم أبوظبي لقوات الدعم السريع . وكانت الحكومة السودانية قد قطعت علاقاتها مع الإمارات في وقت سابق من هذا العام بسبب هذه المزاعم.
الرد الكولمبي
وأكد خبراء الأمم المتحدة في تقرير صدر في أبريل أن مرتزقة كولومبيين كانوا موجودين في دارفور وأن هؤلاء المرتزقة تم تعيينهم من قبل شركة أمنية خاصة لدعم قوات الدعم السريع. وبحسب التقرير، اعترفت وزارة الخارجية الكولومبية بوجود مرتزقة كولومبيين في دارفور وأعلنت عن إنشاء مجموعة خاصة للاستجابة الفورية لضمان العودة الآمنة لمواطنيها.
وردًا على التقارير، كتب الرئيس الكولومبي جوستافو بيترو على موقع X ليلًا أنه أمر بإجراء تحقيق في مقتل المرتزقة.
ورغم تداول القصة على نطاق واسع في وسائل الإعلام العالمية، لا تزال الصورة غامضة. لم تصدر حتى الآن أي جهة مستقلة أدلة قاطعة تؤكد أو تنفي الروايتين المتضاربتين، ما يترك الباب مفتوحًا أمام فرضيات متعددة: هل أسقطت السودان بالفعل طائرة إماراتية تحمل مقاتلين أجانب، أم أن القصة جزء من حرب إعلامية تستهدف تسجيل نقاط سياسية على الساحة الإقليمية؟
المؤكد أن الحادثة، سواء كانت حقيقة دامغة أو اتهامًا بلا دليل، تكشف عن حجم التوترات بين الخرطوم وأبوظبي، وعن تعقيدات المشهد السوداني الذي لم يعد نزاعًا داخليًا فحسب، بل ساحة تتقاطع فيها مصالح وأجندات قوى إقليمية ودولية.



