اتفاق السويداء.. خريطة طريق جديدة لجنوب سوريا برعاية أمريكية وأردنية

إعداد: بسنت عماد
في ظلّ تصاعد حدة التوترات والمواجهات العشائرية التي شهدتها سوريا خلال الأشهر الماضية، دخلت محافظة السويداء مرحلة سياسية وأمنية جديدة، بعدما أعلنت دمشق، أمس الثلاثاء، عن اتفاق شامل وخارطة طريق بدعم أمريكي وأردني، تتضمن تفاهمات أمنية مع إسرائيل.
ويُنتظر من الاتفاق، الذي بات يُعرف بـ«اتفاق السويداء»، أن يسهم في إنهاء سنوات من الفوضى والصراع الدموي في الجنوب السوري.
ملامح الخطة
تشمل الخطة سحب المقاتلين المدنيين من خطوط التماس، وإحلال قوات نظامية «منضبطة» مكانهم، مع تشكيل شرطة محلية بقيادة أحد أبناء السويداء، وإقامة مجلس جامع لمختلف المكونات الاجتماعية.
كما تنص على إطلاق مسار للمصالحة والمساءلة، بالتوازي مع إعادة الخدمات الأساسية وتهيئة الظروف لعودة النازحين.
وفي البُعد الإقليمي، تتضمن الخارطة تفاهمات أمنية يجري بحثها مع إسرائيل برعاية أميركية، مع التشديد على سيادة سوريا ووحدة أراضيها.
دور إقليمي ودولي مباشر
خلال مؤتمر صحافي في دمشق، وصف وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني الاتفاق بأنه «خريطة طريق واضحة نحو الاستقرار». المبعوث الأميركي توم براك اعتبره «خطوة تاريخية»، فيما شدد الوزير الأردني أيمن الصفدي على دور بلاده المحوري، محذراً في الوقت نفسه من «مساعٍ إسرائيلية لتقسيم سوريا».
صوت من الداخل
في السويداء، بدا التفاعل مع الإعلان متبايناً. يقول المعارض المحلي فادي مرهج لـ«الشرق الأوسط»: «الاتفاق خطوة مطلوبة، لكن نجاحه يتوقف على جدية السلطة في منح الأهالي دوراً حقيقياً، لا مجرد واجهة شكلية».
من جهتها، اعتبرت الناشطة المدنية ريم كيوان أن «عودة الخدمات وضمان الأمن هو ما يهم الناس أولاً، أما السياسة فهي أقل أولوية في هذه اللحظة».
أما الشيخ ياسر البلعوس، أحد وجهاء المنطقة، فشدد على أن «الثقة بين المجتمع المحلي والدولة تحتاج إلى وقت، وما لم يُرفع التهميش الاقتصادي، ستبقى الأزمات كامنة».
خلفية دامية
اندلعت في 13 يوليو الماضي اشتباكات عنيفة بين مقاتلين دروز وعشائر بدوية، أدت إلى سقوط مئات القتلى ونزوح ما يقارب 200 ألف شخص.
وعلى الرغم من وقف هش لإطلاق النار في 19 يوليو، بقيت المخاوف من تجدد القتال، وهو ما جعل اتفاق السويداء يُطرح باعتباره محاولة لإغلاق صفحة الدماء.
تحديات التنفيذ
يرى مراقبون أن العقبات ما زالت قائمة؛ فالتزام الفصائل المحلية يبقى شرطاً أساسياً، بينما تتطلب التفاهمات مع إسرائيل خطوات عملية تثبت جديتها. وفي الوقت نفسه، فإن إعادة إعمار الثقة تحتاج إلى برامج اقتصادية وخدمية ملموسة.
أحد وجهاء البلدة لخّص الموقف قائلاً: «نحن نرحب بأي مبادرة توقف نزيف الدم، لكننا تعلمنا من التجارب السابقة أن الوعود وحدها لا تكفي».
آفاق مفتوحة
يُجمع المراقبون على أن دخول الولايات المتحدة والأردن بثقلهما في صياغة مستقبل السويداء يعكس تحولاً في مقاربة الأزمة السورية، من إدارة الصراع إلى محاولة بناء حلول على الأرض.
لكن يبقى السؤال: هل تتحول «خريطة الطريق» إلى واقع ملموس، أم أنها ستظل مجرد وثيقة جديدة في أرشيف الأزمة السورية؟