
إعداد: بسنت عماد
في خطوة مثيرة للجدل داخل أروقة واشنطن، أعلن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث إقالة مدير وكالة استخبارات الدفاع، الجنرال جيفري كروس، بعد أسابيع من الجدل الذي أثاره تقرير استخباراتي بشأن نتائج الضربات الأمريكية الأخيرة ضد المنشآت النووية الإيرانية.
تقييم متناقض مع الرواية الرسمية
ووفقًا لصحيفة واشنطن بوست، خلص التقرير الذي أعدته الوكالة إلى أن الضربات لم تدمر البنية التحتية للبرنامج النووي الإيراني، وإنما عطلت تقدمه لأشهر قليلة فقط.
هذا التقييم جاء مناقضًا تمامًا لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اللذين أكدا أن الغارات “قضت بالكامل على قدرات إيران النووية”.
“فقدان الثقة” وتسريب حساس
الوزارة بررت الإقالة بـ”فقدان الثقة”، إلا أن مصادر مطلعة رجحت أن السبب المباشر هو تسريب محتويات التقرير إلى وسائل الإعلام الأمريكية، ما أثار جدلاً واسعاً داخل الإدارة.
وكان هيجسيث قد أعلن في يونيو الماضي فتح تحقيق حول التسريب، واصفًا إياه بأنه “سري للغاية” و“مدفوع باعتبارات سياسية”.
سياق عسكري متوتر
تأتي هذه التطورات بعد مواجهة عسكرية غير مسبوقة بين إسرائيل وإيران استمرت 12 يومًا في يونيو الماضي.
وخلالها شنت تل أبيب ضربات استهدفت مواقع نووية وعسكرية إيرانية واغتالت شخصيات بارزة، فيما ردت طهران بهجمات صاروخية وطائرات مسيرة.
وفي خضم التصعيد، تدخلت الولايات المتحدة في 22 يونيو بشن غارات على ثلاث منشآت نووية إيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، لترد إيران لاحقًا بقصف قاعدة “العديد” الأمريكية في قطر.
سلسلة إقالات تهز البنتاغون
إعفاء كروس ليس حالة منفردة، بل يأتي ضمن سلسلة تغييرات في قيادة البنتاجون خلال الأشهر الأخيرة، شملت رئيس هيئة الأركان المشتركة، ومدير وكالة الأمن القومي، وقائد البحرية الأمريكية، وقائد خفر السواحل، إضافة إلى استقالة قائد سلاح الجو ديفيد ألفين.
كما أعلنت الاستخبارات الوطنية عن تقليصات كبيرة في الموظفين والميزانية، ما يعكس حالة من إعادة الهيكلة داخل الأجهزة الأمنية والعسكرية الأمريكية.
خلاف سياسي–عسكري
ويرى مراقبون أن هذه التطورات تعكس عمق الخلاف بين القيادة السياسية والعسكرية في واشنطن حول الملف الإيراني.
فبينما تحرص الإدارة الأمريكية وحلفاؤها على إظهار أن البرنامج النووي الإيراني قد تعرض لضربة قاصمة، تكشف التقييمات الاستخباراتية أن التأثير كان محدودًا.
وهو ما يثير تساؤلات حول استقلالية الأجهزة الاستخباراتية وشفافية المعلومات التي تصل إلى الرأي العام.
مستقبل غامض
وتبقى الأسئلة قائمة: هل تمثل هذه الإقالة محاولة لإسكات الأصوات المخالفة داخل المؤسسات الأمنية الأمريكية؟ أم أنها إشارة إلى صراع أعمق حول كيفية إدارة المواجهة مع إيران؟
في كل الأحوال، يبدو أن البيت الأبيض يسعى لتثبيت روايته الرسمية في وقت يشهد فيه الشرق الأوسط واحدة من أكثر الفترات توتراً في تاريخه الحديث.