إعلان دستوري جديد.. الرئيس الفلسطيني محمود عباس ينصب نائبه رئيسا للسلطة الفلسطينية بعد وفاته

أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يوم الأحد إعلاناً دستورياً جديداً ينظم عملية الخلافة في حال شغور منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية. وينص الإعلان على أنه في حالة عدم وجود المجلس التشريعي، يتولى نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، الذي يشغل أيضاً منصب نائب رئيس دولة فلسطين، المهام المؤقتة لرئاسة السلطة الوطنية.
حدد الإعلان فترة هذه الولاية المؤقتة بأنها لا تتجاوز تسعين يوماً، يجب أن تجري خلالها انتخابات حرة ومباشرة لاختيار رئيس جديد، وذلك وفقاً للقانون الانتخابي الفلسطيني. كما أضاف نص الإعلان بنداً احترازياً ينص على أنه في حال تعذر إجراء الانتخابات خلال تلك المدة بسبب ظروف قاهرة، يحق للمجلس المركزي الفلسطيني تمديد الفترة لفترة أخرى واحدة فقط.
جاء في مبررات القرار كما وردت في نص الإعلان أن الرئيس عباس أصدر هذا القرار إيماناً منه ووعياً بخطورة المرحلة الحالية من تاريخ الوطن والقضية الفلسطينية. وأشار النص إلى أن القرار يمثل وفاءً بالمسؤولية التاريخية والدستورية في حماية النظام السياسي الفلسطيني وصيانة الوطن والحفاظ على سلامة أراضيه وضمان أمنه. كما أكد النص على الحرص على صون المؤسسات الدستورية وضمان استمرارية عملها في حالة شغور منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية.
وأضاف النص أن الإعلان يصدر انطلاقاً من متطلبات المصلحة الوطنية العليا في الحفاظ على الاستقرار، وتأكيداً على مبدأ الفصل بين السلطات والتداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الحرة والنزيهة.
ويلغي القرار الجديد الإعلان الدستوري رقم واحد لسنة 2024، الذي كان قد صدر في شهر نوفمبر الماضي، والذي كان ينص على أن يتولى روحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، مهام رئاسة السلطة الوطنية بشكل مؤقت لفترة لا تزيد عن تسعين يوماً.
وفيما يتعلق بالأسباب والدوافع، لم يوضح الرئيس عباس الأسباب المباشرة لإصدار القرار في هذا التوقيت بالذات. بينما نقلت تقارير عن صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن القرار اتخذ بناء على طلب أمريكي.
من ناحية أخرى، أفادت مصادر مطلعة في رام الله بأن القرار كان ضرورياً في ظل تعقيدات كبيرة على المشهد السياسي. وأوضحت هذه المصادر أن القرار اتخذ لعدة أسباب، أولها أن المرحلة الحالية دقيقة وحساسة ومعقدة، ويجب أن يكون على رأس السلطة في حال حصول أي مفاجآت شخصية بحجم الشيخ. وثانياً لقطع الطريق على محاولات خارجية وداخلية لتجاوز منظمة التحرير الفلسطينية وتعيين قيادات جديدة وتشكيل مرجعيات متعددة. وثالثاً يأتي القرار في سياق الإصلاحات والتغييرات التي تعهدت بها السلطة الفلسطينية.
وأكدت المصادر أن الإعلان يؤكد في الأساس على ضرورة إجراء الانتخابات العامة، ولا ينصب الشيخ رئيساً بشكل مطلق.
يأتي هذا الإعلان الدستوري في خضم عمل دبلوماسي مكثف تقوده الولايات المتحدة ودول غربية وعربية من أجل التحضير للمرحلة التالية في قطاع غزة. وهي مرحلة تريد السلطة الفلسطينية أن تكون فلسطينية خالصة، مع تحفظها على العديد من التفاصيل.
فالسلطة الفلسطينية ترفض تشكيل أي لجنة إدارية في غزة لا تعمل تحت إشرافها ومرجعيتها، كما ترفض وجود أي قوات دولية إلا بقرار من مجلس الأمن الدولي، على أن يقتصر دورها على العمل عند الحدود وليس في العمق، باعتبار أن مسؤولية الأمن في القطاع يجب أن تكون من صلاحياتها.
من الجدير بالذكر أن النظام الأساسي للسلطة الفلسطينية كان ينص سابقاً على أنه في حال شغور منصب الرئيس لأي سبب كان، مثل الوفاة أو فقدان الأهلية القانونية، يتولى رئيس المجلس التشريعي منصب الرئيس لمدة ستين يوماً تجري في نهايتها انتخابات عامة للرئاسة.
إلا أن الرئيس عباس كان قد حل المجلس التشريعي الذي كانت ترأسه حركة حماس قبل عدة سنوات، وأصدر في نهاية العام الماضي مرسوماً دستورياً نص على أنه في حال شغور منصب الرئيس يتولى رئيس المجلس الوطني الفلسطيني المنصب لمدة تسعين يوماً تجري في نهايتها انتخابات عامة للرئاسة. ثم عين الرئيس عباس الشيخ نائباً له، ليبعث بعد ذلك بالقانون الأخير الذي يعينه خلفاً مؤقتاً في حال شغور المنصب، بدلاً من روحي فتوح.
وبهذا يفتح الرئيس الفلسطيني الطريق أمام نائبه حسين الشيخ ليتولى منصب الرئيس القادم بشكل مؤقت لحين إجراء الانتخابات العامة، في خطوة سياسية توصف بأنها جاءت في توقيت دقيق وحساس وحرج، في محاولة لضمان انتقال سلس للسلطة.
تشير التقارير الصحفية إلى أن الشيخ أصبح في العامين الماضيين أقرب شخص إلى الرئيس عباس، حيث قاد العديد من الحوارات والتفاوض مع الجانب الإسرائيلي والأمريكي والعربي في جميع القضايا المصيرية المتعلقة بالسلطة الفلسطينية. ويعد اليوم أحد أبرز المؤثرين في صنع القرار المركزي إلى جانب الرئيس عباس.
على صعيد متصل، أفادت وزارة الخارجية المصرية يوم الأحد بأن وزير الخارجية المساعد بدر عبد العاطي أجرى اتصالاً هاتفياً مع الشيخ بحث خلاله جهود تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية وتوحيد الصف الفلسطيني.
وأكدت الوزارة في بيان رسمي أن الدكتور عبد العاطي شدد خلال الاتصال للشيخ على استمرار مصر في دعم السلطة الفلسطينية ومساندة جهودها لتحقيق الوحدة الوطنية وإعادة إعمار قطاع غزة.
وأشار البيان إلى أن المحادثة تناولت أيضاً الإصلاحات التي تضطلع بها السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس عباس، باعتباره خطوة تستهدف تنظيم المرحلة المقبلة وتفعيل مؤسسات الدولة الفلسطينية.
ولفت البيان إلى أن الجانبين استعرضا خلال الاتصال التحضيرات الجارية لعقد مؤتمر التعافي المبكر وإعادة الإعمار والتنمية في غزة. كما شدد الوزير المصري ونائب الرئيس الفلسطيني على أهمية ضمان توفير الدعم الدولي الكافي بما يلبي احتياجات الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة.



