تقاريرسلايدر

أسطول الظل الروسي.. ناقلات النفط الخفية بين تمويل الحرب والمهام السرية

إعداد: بسنت عماد

أعلنت السلطات الفرنسية توقيف اثنين من أفراد طاقم ناقلة نفط تُدعى “بوراكاي”، بعد عملية صعود نفذتها قوات البحرية قبالة سان نازير شمال غرب فرنسا.

ووفق ما أكده رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو، فإن القضية أحيلت إلى القضاء بسبب “مخالفات جسيمة”، أبرزها غياب وثائق تثبت جنسية السفينة ورفض الامتثال للأوامر.

الحادثة، التي وثقتها وسائل إعلام فرنسية، أعادت تسليط الضوء على ما يُعرف بأسطول “الظل الروسي”، شبكة ضخمة من الناقلات التي تُتهم بمساعدة موسكو على الالتفاف على العقوبات الغربية وتمويل عملياتها العسكرية في أوكرانيا.

تاريخ متقلب لناقلة واحدة

الناقلة الموقوفة تحمل اسماً حالياً هو “بوراكاي”، لكنها عُرفت سابقاً بعدة أسماء مثل Pushpa، Kiwala، Varuna، وP. Fos.

ومنذ بنائها عام 2007، بدّلت أعلامها مرات عدة بين الجابون وجيبوتي وبنين. خبراء بحريون يرون أن هذا السلوك يُعد علامة كلاسيكية على أن السفينة جزء من “الأسطول المظلم”، حيث يُستخدم تبديل الأسماء والأعلام كآلية لإخفاء النشاطات الحقيقية.

شبهات بطائرات مسيّرة

بحسب موقع The Maritime Executive المتخصص في الشؤون البحرية، هناك اشتباه في أن الناقلة ذاتها ربما تورطت في حادثة تحليق طائرات مسيّرة فوق أجواء الدنمارك أواخر سبتمبر.

ورغم أن التحقيقات الفرنسية لم تُفتح على هذا الأساس، بل على خلفية المخالفات القانونية، إلا أن الربط بين ناقلات النفط الروسية وعمليات هجينة مثل اختراق الأجواء أو تخريب البنى التحتية البحرية بات يثير قلقاً أوروبياً متزايداً.

أسطول الظل: شبكة من 600 إلى 1000 سفينة

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد خلال القمة الأوروبية في كوبنهاجن أن أسطول الظل يتكون من ما بين 600 و1000 سفينة، مشيراً إلى أنه “يمول نحو 40% من المجهود الحربي الروسي” عبر استمرار تدفق النفط والغاز إلى الأسواق الأوروبية رغم العقوبات.

وبحسب تقارير متخصصة مثل S&P Global وHermes Kalamos، يتكون هذا الأسطول أساساً من:

ـ ناقلات قديمة عمرها أكثر من 15 عاماً.

ـ أعلام ملائمة من دول صغيرة أو ذات رقابة ضعيفة.

ـ شركات صورية في ملاذات ضريبية لإخفاء المالكين الحقيقيين.

ـ إيقاف أنظمة التتبع (AIS) أو تزوير بيانات الموقع.

ـ نقل حمولة بين السفن في عرض البحر (Ship-to-Ship Transfers).

ـ توجيه الصادرات إلى أسواق بديلة مثل الهند والصين بدلاً من أوروبا.

وجهة إلى الهند وتوقف غامض في فرنسا

كانت رحلة “بوراكاي” الأخيرة قد انطلقت من ميناء بريمورسك قرب سانت بطرسبورج في 20 سبتمبر متجهة إلى فادينار بالهند، حيث تملك شركة “روس نفط” الروسية حصصاً في واحدة من أكبر المصافي. لكن الناقلة توقفت لعدة أيام قرب سان نازير بجانب حقل رياح بحري، ما زاد من حجم الشبهات حولها.

أداة اقتصادية وعسكرية

المشهد العام يشير إلى أن “أسطول الظل” لم يعد مجرد وسيلة للالتفاف على العقوبات الاقتصادية، بل أداة متعددة الأغراض قد تُستخدم أيضاً في عمليات هجينة تشمل المراقبة أو دعم هجمات بطائرات مسيّرة.

وبينما تواصل واشنطن والاتحاد الأوروبي الضغط على دول مثل الهند للحد من شراء النفط الروسي، يبقى هذا الأسطول ورقة حيوية بيد موسكو لمواجهة العقوبات وضمان استمرار تمويل الحرب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى