مقالات

أحمد صبري شلبي يكتب: نيران كاليفورنيا وجراح غزة.. بين ألسنة اللهب وشرارة الشماتة

شهدت ولاية كاليفورنيا الأمريكية حرائق مدمرة خلفت خسائر فادحة، تقدر بأكثر من 150 مليار دولار، وتسببت في تدمير آلاف المنازل ونزوح عشرات الآلاف. وقد ساهمت رياح “سانتا آنا” الجافة في انتشار هذه الحرائق.
وقد تنوعت ردود الأفعال تجاه هذه الكارثة:
الردود الرسمية: أعلنت السلطات المحلية والفدرالية عن تضامنها وقدمت الدعم والإغاثة. كما أبدت دول أخرى تضامنها وعرضت المساعدة.
الردود المجتمعية: استغلت منظمات بيئية الحدث للتوعية بمخاطر التغير المناخي، وأبدى متعاطفون حول العالم تضامنهم مع المتضررين.
ردود فعل متباينة: ظهرت تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تعبر عن الشماتة، تربط بين حرائق كاليفورنيا والأحداث في غزة، معتبرةً ذلك “انتقامًا إلهيًا” بسبب الدعم الأمريكي لإسرائيل. كما قارن البعض بين معاناة سكان كاليفورنيا وسكان غزة.ش

وتعقيبا على الرد الفعل الأخير، فمن الضروري التمييز بين التعاطف الإنساني مع معاناة المدنيين في أي مكان، وبين استغلال الكوارث الطبيعية لإبداء الشماتة. ففي الوقت الذي نشاهد فيه صور الدمار والخراب في غزة جراء التهجير وهدم المنازل، ينبغي أن يستحضر كل منا إنسانيته وأن يتألم لمعاناة هؤلاء الناس الذين فقدوا بيوتهم وأحباءهم. هذا التعاطف لا يرتبط بجنسية أو دين، بل هو نابع من قيم إنسانية تتجاوز كل الخلافات السياسية والعرقية.

وعندما نرصد بعض ردود الأفعال الشامتة تجاه حرائق كاليفورنيا، لا بد أن نتساءل: كيف يمكن أن نفرح أو نشمت في مصاب مدنيين أبرياء؟ هؤلاء المتضررون ليسوا مسؤولين عن قرارات أو سياسات عدوانية تتخذها حكوماتهم، بل هم أناس عاديون يسعون لتأمين حياتهم وأسرهم.

المقارنة بين معاناة أهل غزة وسكان كاليفورنيا يجب أن تكون بهدف إبراز حجم المعاناة الإنسانية في كلا الحالتين، وليس لتبرير الشماتة أو التقليل من شأن أي من الكارثتين. فالوجع واحد، سواء كان نتيجة حرب أو كارثة طبيعية، والإنسانية الحقة تقتضي أن نتضامن مع المتضررين في كل مكان.

إن التعاطف مع ضحايا العنف والدمار، أيا كان موقعهم، هو واجب إنساني وأخلاقي. أما الشماتة في الكوارث والمآسي، فهي دليل على قسوة القلب وتجرد من القيم النبيلة، فلنحرص على نشر ثقافة التعاطف والتضامن مع المكلومين، ونبذ الكراهية بكل أشكالها.

غزة اليوم بحاجة إلى دعم إنساني حقيقي ينطلق من ضمائر حية، وليس إلى مزيد من العنف النفسي والكراهية التي تغذي دوامة الصراعات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى