الأخبارمقالات

نيفين أبو حمدة تكتب: إسرائيل بعد حرب “الأيام الـ 12” هدوء نسبي وتقدير الموقف والاستعداد لجولات أخرى

اعتبر التقييم الإسرائيلي العام لنتيجة” أنها انتصار غير مسبوق له، وتجاهل القادة ثقة الجمهور في تأثير هذا “الانتصار” على مستقبل صراع إسرائيل مع العدو الإيراني اللدود، والتي تبدو منعدمة، خاصة في ظل ضبابية المعلومات حول حجم الأضرار التي لحقت بهذه المنشآت، هذه الحالة التي عبّر عنها رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق “إيهود باراك” في سياق مقاله في صحيفة “هآرتس” الأحد 29/6/2025 مؤكدًا على ضرورة تجنّب الوقوع في الأوهام، كما قال” “نحن أقوياء جداً ولكننا غير قادرين على فعل كل شيء ومن الأفضل أن نتحلّى بالتواضع وأن نستعد للفصول المقبلة”. أي جولات أخرى من المعارك. وربما هذا ما دفع المستشرق الإسرائيلي “آيال زيسر” إلى تسميتها بـ “حرب إيران الأولى”، ما يعني (ضمنيًأ) أن هناك حرب إيران الثانية والثالثة وربما أكثر..

على هذه الخلفية تجب الإشارة إلي: 

رصدت معاهد الأبحاث الإسرائيلية تغير في العقيدة الأمنية الإيرانية تُعزز خيار التقدّم السريع نحو امتلاك سلاح نووي، باعتباره وثيقة التأمين الوحيدة والأعلى بالنسبة للنظام الإيراني؛ ما يعني أنه رغم تلقي إيران ضربة موجعة وغير مسبوقة، إلا أنها لن تدفعها إلى الاستسلام أو إلى التخلي عن طموحاتها النووية، ومن المرجّح أن تبدأ في تعويض ما فقدت وتطوير قدراتها العكسرية والنووية على وجه السرعة.

يرى المحللون الإسرائيليون أن التحدّي الذي يواجه إسرائيل حاليًا هو الحفاظ ما تعتبره إنجازًا واستمراره، من خلال العمل الدبلوماسي الدولي والسعي إلى اتفاق يمنع إيران من استعادة قدراتها المفقودة. والعمل على التوصل إلى تسوية (قسرية) من شأنها منع إيران بالقوة من إعادة بناء هذه القدرات استناداً إلى المعلومات الاستخباراتية. حيث من الصعب التنبؤ بإمكان نجاح المسار الدبلوماسي. 

وجوب العمل على ألا يكون هناك اتفاقات إيرانية -غربية وأمريكية لتعزيز النظام أو منحه الموارد.

التعامل باعتبار أن الحرب قد غيّرت ميزان القوى في المنطقة وقد تؤثر في  النظام العالمي، وفي ظل هذا يجب بناء شراكات إسرائيلية غربية-سياسية وأمنية واقتصادية وتكنولوجية.

ورغم ذلك يرى البعض(من غير المعسكر اليميني الإسرائيلي المتطرف) أن هذه الحرب ستؤدي إلى  اتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران وقد تنضم له قوى كبرى أُخرى؛ واعتبروا أن هذه هي الطريقة الوحيدة لعرقلة حيازة إيران لسلاح نووي مستقبلًا، إضافة إلى الطرق الدبلوماسية، ودعم هذا الرأي “عاموس يدلين الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية “آمان”.

أهم ما يتضح بعد حالة الحرب المستمرة منذ ما يقرب من عامين، أن الحرب في غزة هي حرب استنزاف طويلة بكل ما تحمله الكلمة من معان حيث: 

– لم تؤد الحرب إلى إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين وعرضت حياة قطاع كبير منهم للخطر وأدت إلى وفاة بعضهم. 

– أنهكت وحدت من قدرات الجيش الإسرائيلي ولم تؤد إلى القضاء على حركة حماس، رغم إنهاكها واغتيال قادتها. 

– رغم الاحتقان المكبوت في الشارع الإسرائيلي؛ حيث هناك رهائن في الأسر، ونازحون شمالًا وجنوبًا وجنود الاحتياط منهكون وبينهم رافضون للعودة ومعاقبون بالحبس وعائلات كثيرة ثكلى، وموجات من الهجرة، وعالقون في الخارج، لازالت هناك أصوات تعلو بشعار “حتى النصر المطلق” مع التنفيذ الكامل لمبادئ “خطة الجنرالات”، والانتقال لمرحلة القضاء على قيادات حماس في الخارج، والدفع بتهجير الفلسطينيين سكان القطاع.

وقد انتهت حرب “الـ 12 يوم” مع إيران في ظل خلاف عالي الصوت بين المنظومة الإسرائيلية الأمنية ووزارة المالية، بسبب مطالبات الجيش بزيادة ميزانيته، رغم أن آخر ميزانية له كانت هي الأعلى في تاريخه الجيش. ما يدفعنا إلى التطرق إلى واقع الاقتصاد الإسرائيلي في ظل هذه الحرب الممتدة في الأسبوع المقبل بإذن الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى