سلايدرمعرفة

معبد الأوزريون.. دليل إثبات أن الأهرامات لم تكن الاستثناء الوحيد

كتبت: بسنت عماد

إذا ذُكرت الحضارة، ذُكرت مصر.. باعتبارها أول حضارة عرفتها البشرية.

وحين يُذكر اسم مصر، تتجلى في الأذهان أعظم الإنشاءات والمعابد التي شُيّدت بعبقرية هندسية وعلمية، حيّرت العلماء وتجاوزت حدود النظريات.

ورغم ذلك.. لا نزال نحصر حضارتنا في الأهرامات وكأنها كانت الاستثناء الوحيد، بينما الحقيقة أن الأهرامات لم تكن المعجزة الوحيدة، ولم تكن استثناءً في التاريخ، فكل ما أبدعه المصري القديم كان استثنائيا بحق.

فالحضارة المصرية القديمة لم تُختزل في الأهرامات فقط، بل امتدت لتشمل معابد، ومقابر، ومدناً كاملة شيّدها المصري القديم بعلم وحساب وفلك وهندسة، سبقت عصرها بآلاف السنين.

ومن بين هذه المعجزات المنسية، يبرز معبد الأوزريون، أحد أكثر أسرار الحضارة المصرية غموضاً وروعة.

الأوزريون.. معجزة تحت الأرض

في قلب صعيد مصر، وبالتحديد في منطقة العرّابة المُدفونة التابعة لمركز البلينا بمحافظة سوهاج، يتواجد معبد “الأوزريون” تحت الأرض، بجوار معبد الملك سيتي الأول، ضمن منطقة أبيدوس الأثرية.

هذا المعبد الاستثنائي الذي لا يزال يخفي الكثير من أسراره، يُعد من أغرب ما شيده المصري القديم، ويعتقد كثير من علماء الآثار أنه أقدم من معبد سيتي الأول نفسه.

ورغم أن المعبد تم اكتشافه عام 1903، إلا أن غموضه ما زال قائماً، إذ لم تُستكمل أعمال التنقيب والاكتشاف فيه بالكامل حتى اليوم، مما يزيد من هالته الأسطورية.

وقد خُصص معبد الأوزريون لعبادة الإله “أوزوريس”، رب العالم الآخر والحساب عند المصريين القدماء، ما يفسر النقوش المرتبطة بعقيدة البعث والخلود التي تزين جدرانه.

ممر الأسرار

تكمن أعجوبة هذا المعبد في “الممر السري” بنهايته، والذي يُعتبر مفتاح سر المعبد وأهم عناصره، حيث يمتد بطول 60 متراً، وعرض 2.5 متر، وبارتفاع 3 أمتار، ويتوّج بسقف نصف قبوي مبني من كتل حجرية ضخمة بشكل هندسي مدهش.

ويُعد هذا الممر من أغلى المزارات في مصر، حيث تبلغ تذكرة دخوله ما يقرب من 20 ألف جنيه مصري، تشمل مجموعة تصل إلى 49 فردًا كحد أقصى.

السبب في هذه التكلفة الباهظة، يكمن في النقوش الفريدة التي تغطي جدران الممر، والتي تحوي سردًا كاملًا لعقيدة المصري القديم عن الحياة بعد الموت، الجنة والنار، الحساب والثواب والعقاب. هذه الكتابات، وفقاً للخبراء، لا توجد مكتملة بهذا الشكل في أي موقع أثري آخر بالعالم، مما يجعل الممر بمثابة “كتاب مقدس” منقوش على الحجر.

إنقاذ المعبد وتطويره

لسنوات، ظل المعبد مغموراً بالمياه الجوفية، إلى أن تدخلت وزارة الآثار المصرية لإجراء عملية إنقاذ عاجلة شملت سحب المياه وإجراء أعمال ترميم وتأمين للموقع الأثري. وبتكلفة تجاوزت 40 مليون جنيه، تم تنفيذ مشروع تطوير متكامل شمل:

إنشاء مركز زوار مزوّد بوسائل عرض حديثة

تأمين المنطقة الأثرية بالكامل

تحسين البنية التحتية والإضاءة

سحب المياه الجوفية بشكل نهائي

يُذكر أن المعبد يقع ضمن خطة موسّعة لتسليط الضوء على الكنوز المنسية في صعيد مصر، وإعادة إحياء السياحة الثقافية في محافظات الجنوب.

معبد الأوزريون هو مجرد بداية في سلسلة سنعرض فيها أسرار حضارتنا المصرية، لنثبت للعالم أن الأهرامات لم تكن الاستثناء، بل واحدة من عجائب حضارة لا تزال مبهرة، لم تُكشف كل أسرارها بعد.

ترقبوا في السلسلة القادمة… مواقع أثرية أخرى لا تقل دهشة وغموضاً، من معابد الشمس إلى أسرار الكرنك، وكلها تؤكد أن المصري القديم كان استثنائياً في كل ما أنجزه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى