محمد ياسين يكتب: العاطفة و تأثير السُكَّر

لا يمكن تخيل الحياة بدون سكر فبه عرف الإنسان معنى كلمة حلو، و به عرف الإنسان الشعور بالسعادة حتى وصف كل ما يشتهي و يحب كلمة ” حلو ” نسبه الى ذلك البلور الابيض لكن في الحياة لكل شئ و كل مسلك يحمل ما هو منفعة و مفسدة و أن كثر استخدامه زادت مفسدته كما مصلحته بل و يختل الميزان حتى تطغى المفسدة على المصلحة.
وهكذا أيضا تكون العاطفة هي اللين و الروح التي بها تظهر الحياة على المخلوقات تلك القوة البريئة التي توقف العقل عند حدود المعقول و تنادي الضمير ليراقب كل مفعول بها كانت الأمومة و الأبوة و التمسك بالإيمان و الخوف و اليقين من خالقها، و بها شعور الحب الذي هو الأساس في كل التعاملات خيرها و شرها حتى الأنا و الأثرة ضمن نطاق الحب المولود من رحم العاطفة، لكن متى تصبح ذات المحاسن مشوهة؟
كل شئ به ثغرة و كل شئ ناقص كما كل خلائق الإله فهو الوحيد الواحد الكامل، لذا فالعاطفة بها من الثغرات ما يحولها كل التحول من عصا يتوكأ عليها الخير و الاستنارة إلى سيف بتار لكل أوصال الخير و الود و سحب تنفر بغيث الظلام حاجبة نور كل محب للنور.. لكن كيف يكون ذلك؟
تظل المعضلة الأولى في هلال الخصيب و الجزيرة و البلاد الإفريقية هي العاطفة، عاطفة جياشة تحولت إلى عصبية قرناء تنطح السلم و الود، فعاطفة حب العائلة و الاستعداد بالتضحية لأجلها كسرت حاجز الحق المعمول به في شريعة الحق فأضحت القبائل تنصر أبناءها حتى و لو كانوا ظالمين أو عتاه جبارين بدافع رباط الدم مما يستدعي القبيلة صاحبة الحق إلى محاولة الظفر بثائرها بالرد بنفس القدر أو يزيد فتنفتح ابواب اللظى على تلك القبائل و قس على ذلك رغبة كل قبيلة بالريادة على أقرانها فتتحول إلى حرب أهلية و بتلك الكيفية و ذلك المسلك يحدث ذلك شق الطائفة و الدين و هنا يبدأ أهل الشر في استغلال كل تلك المعطيات بتوجيه الفرد ذو العاطفه الجياشة المصحوبة بالجهل المطلق و العقل المفرغ في تحقيق اهدافهم من الوصول للسلطة بدعوى تطيبق شريعة دينه أو لنصرته أو اللعب على وتر الفخر القبلي والانتماء العرقي و الإيهام أحيانا بالاضطهاد، و أيضا التنوع الطائفي الممزوج بالتطرف لتمزيق البلدان لتسهيل السيطرة عليها و نهب ثرواتها فبدلا من أن يأتي الطامع الطامح في ثروات بلد بجيش وعتاد ويخسر الكثير من العدد و العدة يجعل أهل البلد نفسه من يقومون بتلك المهمة بدلا منه دون أن يشعروا كم المضروب.. و هنا السؤال للذي يضطهد و يقتل أهل بلده بدافع نصرة الدين أو نصرة القبيلة و العرق، برأيك هل انت أحرص على الدين من الائمة أبو بكر وعمر و عثمان و علي و الحسن، أليس من يدعو نصرة الدين الآن هم من قتلوا الإمام علي و ابنه الحسن بحجة أنهم لا يطبقون الشرع ولما لم تحدث أي مجزرة أو اضطهاد لأي طائفة في عهد الخلفاء الراشدين الخمسة؟ و هل كانوا مقطوعي النسب ليس لهم عائلة و قبيلة؟
هنا صار أعداء تلك البلدان يستخدمون أسباب توحدها لتحقيق الأهداف و أصبح الحق العليّ يراد به الباطل الدنيّ و قس على ذلك الكثير و الكثير.
يكمن المخرج في أعمال العقل للسيطرة على العاطفة و تقويمها و إعادتها وسيله للإنسانية و الوحدة و القوة، لتحقيق إعمال صحيح للعقل وجب وجود الوعي السليم المبني على علم قويم، سواء كان دينيا أو دنيويا فلو تحقق وعي جمعي سليم تحقق إعمال العقل للقادم من الأجيال و أصبح حاجز رصين أمام تشويه العاطفة و افسادها و تحويلها من برد وسلام إلى نار و إيلام.