الأخبارمقالات

محمد الزغبي يكتب: ترامب والجزية المعاصرة.. بين ابتزاز دول الخليج وثبات مصر بشرفها ونزاهتها

في مشهد يعكس موازين القوى والسياسات الخارجية الأمريكية في عصر دونالد ترامب، برزت نظرية “الابتزاز السياسي” كأداة لإعادة تشكيل العلاقات بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط، خصوصاً الخليجية منها. ترامب لم يُخفِ يوماً نزعته التجارية البحتة في إدارة السياسة، إذ صرّح مراراً أن على دول الخليج أن “تدفع مقابل الحماية”، في خطاب لا يختلف كثيراً عن مفاهيم “الجزية” في عصور قديمة، لكنه بلباس دبلوماسي حديث.

لقد رأينا كيف تحوّل الخطاب الأميركي من الشراكة إلى المنّ، ومن التحالف إلى الابتزاز. كانت النغمة واضحة: إن أردتم الحماية الأميركية، فعليكم أن تدفعوا. وقد استجابت بعض الدول الخليجية لهذا الضغط، ودفعت مليارات الدولارات في صفقات أسلحة أو استثمارات مباشرة، وكأنها تشتري صكوك الأمان من ساكن البيت الأبيض.

لكن المشهد لم يكن موحداً. كانت هناك دولة عربية وقفت – كما اعتادت – بموقف الكرامة والسيادة. مصر، الدولة التي رغم التحديات الاقتصادية والسياسية، رفضت أن تُختزل إلى مجرد “دافع فواتير” على طاولة المصالح. بقيت مصر ثابتة على مواقفها الوطنية، تنأى بنفسها عن سياسة الانبطاح، وتتمسك بسيادتها في وجه الضغوط الأميركية.

مصر لم تدخل مزاد الولاءات، ولم تساوم على شرف قرارها الوطني. في عهد ترامب، وعلى الرغم من العلاقات المعقدة، لم تُجبر القاهرة على تقديم تنازلات تمس كرامتها.

وهذا ما يجعل التجربة المصرية نموذجاً يُحتذى به في زمن الابتزاز السياسي المقنّع.لقد كشفت فترة حكم ترامب عن معايير مزدوجة ومقاييس تجارية في التعاطي مع حلفاء الولايات المتحدة. لكنها في الوقت ذاته أظهرت أيضاً من يملك قراره الوطني، ومن يُدفع به إلى الانحناء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى