الأخبارتقارير

ماذا يعني استرداد إسرائيل لملف إيلي كوهين

إعداد: محمد الزغبي

في خطوة مثيرة للدهشة ومليئة بالدلالات الخطيرة، أعلن رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن استعادة ملف استخباراتي ضخم يتكون من 2500 وثيقة، يخص الجاسوس الشهير إيلي كوهين – والذي سبق أن كشفت حقيقته المخابرات المصرية عن طريق البطل المصري رأفت الهجان.

هذه ليست مجرد استعادة أرشيفية عادية، بل صفعة أمنية مدوية، وكارثة استراتيجية تشير إلى انهيار شبه تام في أحد أعقد أجهزة الاستخبارات العربية، وهو الجهاز السوري. إيلي كوهين لم يكن جاسوسًا عاديًا، بل هو أحد الأصول الأكثر قيمة لدى الموساد، وتاريخه داخل أروقة السلطة السورية جعله “الكنز الأغلى” في ذاكرة الأمن الإسرائيلي.

لعقود، احتفظت المخابرات السورية بملف كوهين في سرية مطلقة، باعتباره ليس فقط سجلًا استخباراتيًا، بل وثيقة كرامة قومية. كل ما يتعلّق بالملف كان يُعامل باعتباره من أسرار الدولة العميقة، غير القابلة للتفاوض. فكيف تسرب هذا الملف؟ ومن أخرجه من دمشق إلى تل أبيب؟ الإجابة الأخطر ليست في الوثائق بحد ذاتها، بل في المسار الذي سلكته تلك الوثائق.

ليست وثائق… بل اختراق كامل

التحليل البديهي والمنطقي يشير إلى أن من استطاع الوصول إلى هذا الملف، تمكن كذلك من اختراق البنية الأمنية السورية من الداخل. لم يعد الأمر مجرد سرقة أوراق، بل تجريد دولة من جهازها الاستخباراتي، وتعريته بالكامل. استعادة الملف تعني، بلغة العقول الأمنية، أن إسرائيل اليوم تعرف كل شيء: أسماء العملاء، طرق التشغيل، الاتصالات، الاتفاقات السرية، وربما حتى المخططات المستقبلية.

سقوط سوريا الأمني والسياسي

قد يبدو المشهد مأساويًا، لكنه ليس مفاجئًا. فالدولة التي خضعت لعقود من التفكك الداخلي، والحروب بالوكالة، وانهيار المؤسسات، وصلت اليوم إلى مرحلة التسليم الكامل. ومن يعرف أبجديات العمل الاستخباراتي، يدرك أن خسارة أرشيف كهذا لا تعني نهاية جهاز فقط، بل نهاية دولة قادرة على حماية سيادتها وقرارها.

التاريخ لا يرحم

استعادة إسرائيل لملف إيلي كوهين ليست مجرد صفحة تُطوى، بل هي إعلان رسمي عن نهاية مرحلة وبداية أخرى، عنوانها “الانكشاف الكامل”. والأدهى، أن ما تم استعادته ليس فقط ماضي كوهين، بل الحاضر السوري بكل ما يحمله من ضعف وترهل وتبعية.

أمام هذا المشهد، لم تعد سوريا خاسرة فقط لملف، بل خاسرة لهويتها كدولة قادرة على الدفاع عن نفسها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى