
إعداد: بسنت عماد
مع استمرار التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل بوتيرة متسارعة واتساع نطاق الضربات المتبادلة، تتعاظم التكهنات في الأوساط الدولية حول احتمال انخراط الولايات المتحدة عسكرياً في المواجهة.
ورغم التزام الإدارة الأمريكية حتى الآن بخطاب حذر يرتكز على الدعم اللوجستي والاستخباراتي لإسرائيل، فإن تصريحات الرئيس دونالد ترامب الأخيرة أوحت بتوجه أكثر حسماً.
فقد صرح أمس قائلاً: “نحن نطلب من إيران “استسلاما غير مشروط”، مؤكداً أن “امتلاك طهران لأسلحة نووية هو أمر غير مقبول بأي شكل”.
كما ألمح إلى احتمال توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، قائلاً: “قد أضرب المنشآت النووية وقد لا أفعل”.
جاءت هذه التصريحات بالتزامن مع تقارير تفيد بأن إيران تواجه “مهلة نهائية” للجلوس على طاولة المفاوضات، ما أثار تساؤلات حول طبيعة الرد الأمريكي المحتمل، وإمكانية تحول واشنطن من سياسة الضغط والعقوبات إلى مواجهة عسكرية مباشرة.
وفي هذا السياق المتوتر، تبدو المنطقة على أعتاب مرحلة بالغة الحساسية، قد لا تقتصر تداعياتها على إيران وإسرائيل فحسب، بل قد تمتد إلى هيكل الأمن الإقليمي بأكمله، وتُعيد تشكيل خريطة التحالفات وميزان القوى في الشرق الأوسط.
المواجهة تقترب
في الوقت الذي تحافظ فيه الإدارة الأمريكية على سياسة الحذر، يتواصل الدعم العسكري والاستخباراتي لإسرائيل، إلى جانب تعزيز تمركز القوات الأمريكية في الخليج. وتشير تقارير إلى أن واشنطن رفعت جاهزية الدفاعات في عدد من قواعدها بالمنطقة، في مؤشر على توقعات بتطورات ميدانية قد تفرض تدخلاً مباشراً.
ما طبيعة التدخل الأمريكي المحتمل؟
في حال قررت الولايات المتحدة توجيه ضربات مباشرة لإيران، فستكون الأهداف المرجحة منشآت نووية، قواعد صاروخية، ومراكز قيادة استراتيجية.
لكن مثل هذه الضربات ستقابل، وفق ما اعلنته طهران، برد “واسع النطاق”، قد يشمل استهداف القواعد الأمريكية في العراق، قطر، البحرين والكويت، بالإضافة إلى ضربات صاروخية مكثفة ضد العمق الإسرائيلي.
الخليج على صفيح ساخن
منطقة الخليج ستكون في قلب أي تصعيد مباشر. فالقواعد العسكرية الأمريكية هناك باتت في مرمى نيران محتملة، بينما قد تُستخدم أوراق مثل مضيق هرمز كورقة ضغط إيرانية خطيرة، وهو ما سيهدد حركة الملاحة وإمدادات النفط العالمية، ويؤدي إلى اضطراب اقتصادي واسع النطاق.
خيارات إيران في الرد
في حال اندلاع مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، تمتلك إيران أدوات عديدة للرد، سواء عبر قوتها الصاروخية، أو من خلال حلفائها في المنطقة.. وتشمل هذه الأدوات:
ـ استهداف مباشر لقواعد أمريكية في الخليج والعراق.
ـ توسيع نطاق الهجمات ضد إسرائيل عبر جبهات لبنان وسوريا واليمن.
ـ استهداف حركة الملاحة أو المنشآت الاقتصادية في الدول المجاورة.
التصعيد بهذا الشكل سيؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار تمتد خارج حدود إيران وإسرائيل، وقد تشمل ساحات نفوذ أمريكية أوسع.
الوضع الإقليمي أمام لحظة تحول
أي تدخل أمريكي مباشر في هذه الحرب لا يعني فقط دعماً لحليف، بل ترجمة لقرار استراتيجي بإعادة خلط الأوراق في الشرق الأوسط، مع ما يحمله ذلك من احتمالات الانفجار وفشل المبادرات الدبلوماسية، وعلى رأسها مفاوضات الملف النووي الإيراني، التي أصبحت فعلياً على الهامش.
في المقابل، ستكون روسيا والصين جزءاً من التوازن السياسي القادم، ولو عبر دعم سياسي أو لوجستي لطهران، في ظل تزايد الإنقسام الدولي حول شرعية التدخلات الخارجية في الشرق الأوسط.
تحول استراتيجي وشيك
المشهد الحالي لا يُشبه جولات القصف المحدودة التي اعتادت عليها المنطقة في السنوات الماضية.
فالتحركات العسكرية، وطبيعة الأهداف، وسقف التصريحات الرسمية من الجانبين، تؤشر إلى أن المنطقة تقترب من مواجهة واسعة قد تغير شكل الخارطة الإقليمية لعقود.
القرار الأمريكي، إن اتخذ، لن يكون مجرد خطوة ميدانية، بل لحظة فاصلة في تاريخ صراعات الشرق الأوسط، يكون لها ما بعدها على الصعيدين السياسي والأمني، محلياً ودولياً.
المصادر
ـ فوكس نيوز
ـ نيويورك بوست
ـ تقارير عن رويترز
ـ سي ان ان
ـ فرنسا 24