تقاريرسلايدر

لماذا تبقى الخسائر البشرية الإسرائيلية محدودة رغم شدة الهجمات الإيرانية؟

إعداد: بسنت عماد

رغم الدمار الواسع الذي أظهرته الصور والفيديوهات من داخل إسرائيل، بما في ذلك مشاهد سقوط عمائر وانهيار مباني سكنية كاملة نتيجة الهجمات الإيرانية، تبقى الخسائر البشرية الإسرائيلية محدودة نسبياً.

ففي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الصحة الإيرانية مقتل 224 شخصاً جراء الضربات الجوية الإسرائيلية، لم يتجاوز عدد القتلى في إسرائيل 13 قتيلاً، وفقاً لبيانات رسمية إسرائيلية حتى وقتنا هذا.

ويرجع ذلك إلى منظومة متكاملة من التكنولوجيا، والتخطيط المدني، والثقافة الأمنية المجتمعية في اسرائيل.

أولاً: نظام دفاع جوي متعدد الطبقات

تعتمد إسرائيل على ثلاث طبقات متكاملة من الدفاع الجوي، مصممة لصد تهديدات مختلفة، من القذائف قصيرة المدى إلى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات:

القبة الحديدية (Iron Dome)

  • مهمتها: اعتراض الصواريخ قصيرة المدى وقذائف الهاون.
  • مدى الاعتراض: حتى 70 كم.
  • الدقة: يُقدَّر معدل نجاحها بـ90% في اعتراض التهديدات التي تستهدف مناطق مأهولة.
  • المكونات: رادار متطور، وحدة تحكم، وقاذفات اعتراضية (صاروخ “تامير”).

مقلاع داوود (David’s Sling)

  • مهمته: اعتراض الصواريخ متوسطة المدى والطائرات بدون طيار عالية السرعة.
  • يُغطي فجوة الدفاع بين القبة الحديدية ونظام آرو.
  • يُستخدم لاعتراض صواريخ مثل “فاتح 110″ و”زلزال” الإيرانية.

آروسهم (Arrow 2 وArrow 3)

  • مهمته: التصدي للصواريخ الباليستية بعيدة المدى على ارتفاعات عالية جدًا خارج الغلاف الجوي.
  • يُستخدم ضد تهديدات مثل صواريخ “شهاب” و”سجّيل”.

منظومة THAAD الأمريكية

  • تعمل بالتكامل مع أنظمة إنذار أمريكية مثل THAAD وPatriot عند الحاجة.
  • النوع: منظومة دفاع جوي مخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية في المرحلة النهائية من مسارها، سواء داخل أو خارج الغلاف الجوي.
  • مدى الاعتراض الأفقي: يصل إلى 200 كم
  • مدى ارتفاع الاعتراض: أكثر من 150 كم
  • مدى الرادار: يتجاوز 1000 كم، ما يتيح إنذاراً مبكراً لأي تهديد

ثانياً: شبكة الملاجئ في إسرائيل

تُعد الملاجئ جزءاً أساسياً من البنية الدفاعية الداخلية، وهي أحد أبرز أسباب قلة الضحايا بين المدنيين.

أنواع الملاجئ:

1. مماد (Mamad):

غرف محصنة داخل كل شقة سكنية “إجباري في المباني الحديثة منذ التسعينيات”.

بُنيت من الخرسانة المسلحة، وبأبواب فولاذية.

2. مماك (Mamak):

ملاجئ داخل الأبنية والعمارات السكنية.

غالباً مشتركة بين سكان العمارة.

3. ميلكت (Miklat):

ملاجئ عامة منتشرة في الشوارع، ومداخلها تشبه مداخل المترو؛ وتقع تحت الأرض، وتستوعب أعداداً كبيرة.

عدد الملاجئ في إسرائيل:

  • يتجاوز مليون ملجأ على مستوى الدولة.
  • مدينة تل أبيب وحدها بها أكثر من 60 ألف ملجأ.
  • تُقدر مساحة الحماية بنحو 85% من السكان المدنيين يمكنهم الوصول إلى ملجأ خلال أقل من دقيقتين.

هل يمكن استهداف الملاجئ وتدميرها؟

رغم الدور الحيوي الذي تلعبه الملاجئ في حماية المدنيين وتقليل عدد الضحايا، إلا أنها ليست محصنة بشكل مطلق. نظريًا، يمكن استهداف الملاجئ وتدميرها إذا تعرّضت لضربات مباشرة بأسلحة شديدة التدمير، لكن عمليًا يبقى هذا الأمر صعبًا للغاية، لعدة أسباب.

أولها أن معظم الملاجئ مبنية من الخرسانة المسلحة وذات تصميمات تحت أرضية تجعل تدميرها بالغ الصعوبة. ثانيًا، تنتشر هذه الملاجئ بشكل فردي أو جماعي داخل الأبنية السكنية والمدارس، ما يقلل من فرص استهدافها كمواقع واضحة ومعروفة. كما أن استهدافها يعتبر من الناحية القانونية “جريمة حرب”، مما يجعل القوات المهاجمة تتجنب ذلك لتفادي التبعات الدولية.

حوادث استهداف الملاجئ في التاريخ

رغم صعوبة استهداف الملاجئ الإسرائيلية، فقد شهد التاريخ العسكري بعض الحالات النادرة التي أصيبت فيها ملاجئ أو محيطها خلال النزاعات:

حرب لبنان الثانية (2006):

خلال القصف المكثف من حزب الله، سقط صاروخ كاتيوشا على مدخل ملجأ في مدينة كريات شمونة شمال إسرائيل، ما أدى إلى إصابة عدد من المدنيين عند محيطه، لكن من كانوا بالداخل نجوا دون أذى.

حرب غزة 2014 (الجرف الصامد):

في أشد أيام التصعيد، سقط صاروخ فلسطيني بالقرب من ملجأ في مدينة أشدود، وأدى إلى إصابات طفيفة لبعض الأشخاص أثناء دخولهم إليه.

كما تسببت بعض الشظايا في أضرار سطحية لأبواب عدد من الملاجئ، لكن لم تسجل وفيات بداخلها.

هجوم إيران أبريل 2024:

أثناء الهجوم الإيراني الواسع بالصواريخ والمسيرات، أصابت شظايا من صاروخ بعيد المدى ملجأً عامًا في أطراف القدس الغربية. أدى ذلك إلى تدمير جزئي للواجهة، دون إصابات بين المتحصنين.

تُظهر هذه الحوادث أن الملاجئ قد تتعرض لأضرار، لكن لم تُسجل حالات مؤكدة لسقوط قتلى داخلها منذ إدخال المعايير الحديثة للبناء والتحصين في التسعينيات، ما يعكس فعاليتها العالية.

لذا، ورغم أنها ليست منيعة 100%، تظل الملاجئ الإسرائيلية أحد أهم عناصر تقليل الخسائر البشرية في أوقات الحرب.

ثالثاً: التوزيع السكاني وتخطيط المدن

  • غالبية السكان في إسرائيل يعيشون في مناطق مركزية مثل تل أبيب، حيفا، القدس، بئر السبع.
  • معظم المباني السكنية الحديثة مهيأة لتحمل الصدمات الجوية والهجمات.
  • المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مجهزة مسبقًا بشبكات ملاجئ متصلة، ومبنية بمعايير دفاع مدني صارمة.

رابعاً: الثقافة الأمنية والتدريبات المجتمعية

  • يتم تدريب المواطنين على التعامل مع الطوارئ عبر تطبيقات ورسائل فورية.
  • الأطفال يتعلمون إجراءات الانبطاح والحماية في المدارس.
  • يُجرى سنوياً تدريب وطني شامل يشمل سيناريوهات حقيقية للغارات الجوية والتسربات الكيميائية.

ختاماً:

رغم أن الهجمات التي تتعرض لها إسرائيل غالبًا ما تكون شديدة التأثير في البنية التحتية، إلا أن الخسائر البشرية تبقى محدودة بفضل:

  • التفوق التكنولوجي في الدفاع الجوي.
  • شبكة الملاجئ واسعة الانتشار.
  • ثقافة الطوارئ المجتمعية.
  • توزيع سكاني مدروس، مع بنية معمارية محصنة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى